خبراء: موقف موريتانيا من قضية الصحراء المغربية ناضج ينتظر الحسم

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكد مراقبون أن التقارب الأخير بين المغرب وموريتانيا، من خلال تبادل الزيارات والوفود، قد يمهّد لاتخاذ نواكشوط موقفًا واضحًا من قضية الصحراء المغربية، وذلك في أعقاب اختتام المنتدى البرلماني الموريتاني المغربي، الذي انعقد في العاصمة الموريتانية يومي 9 و10 ماي، وشهد توقيع عدد من الاتفاقيات في ميادين مختلفة، ما يعكس دينامية متجددة في العلاقات الثنائية.

وأفاد خبراء في تصريحات لهسبريس بأن قرار دعم موريتانيا مغربية الصحراء “ناضج ولا ينتظر سوى التأشير عليه”، مضيفين أن “الجزائر معزولة ولم تعد تهدد أمن موريتانيا”، خصوصا بعد اعترافات الدول العظمى وأعضاء في مجلس الأمن بسيادة المغرب على الصحراء، وداعين بلاد شنقيط إلى “اتخاذ خطوة شجاعة لكي لا تقف في الجانب الخطأ، ولا تكون شاهد زور في قضية الصحراء”.

انتظار التأشير

أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، قال في هذا الصدد: “لا يجب أن نخطئ الحساب، فاللقاء له إطار واضح، وهو المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني المغربي في دورته الأولى، أما اتخاذ موقف واضح أو بالأحرى سحب الاعتراف الموريتاني بالكيان الانفصالي في تندوف فأمر يتم على مستوى رئيسي البلدين”.

وأوضح نور الدين أن “هناك عدة مؤشرات تجعل من قرار دعم موريتانيا مغربية الصحراء ناضجا ولا ينتظر سوى التأشير عليه؛ منها زيارة الرئيس الموريتاني إلى المغرب واستقباله من طرف العاهل المغربي في دجنبر الماضي، والتغييرات التي تلت ذلك على مستوى معظم قيادات الجيش الموريتاني”، مضيفا أن “رفض نواكشوط المشاركة في اجتماعات تحالف مغاربي كان يهدف إلى إقصاء المغرب، ورفضها المشاركة في مناورات عسكرية بالجزائر كانت ستشارك فيها الميليشيات الانفصالية، مؤشر واضح على ميل موريتانيا لجهة المغرب”.

وذكر الخبير ذاته أن “موريتانيا اعترفت بالكيان الوهمي سنة 1979 تحت التهديد بالسلاح بعد أن وصلت ميليشيات الانفصاليين مدعومة بالجيش الجزائري إلى مشارف العاصمة نواكشوط التي تعرضت للقصف”، مشيرا إلى أن “الظروف الإقليمية تغيرت، فالجزائر المحاصرة والمعزولة لم تعد في موقع يسمح لها بتهديد أمن وسلامة موريتانيا”.

وأورد المتحدث نفسه أن “رياح التغيير هبت على ملف الصحراء بعد اعترافات الدول العظمى وأعضاء في مجلس الأمن بسيادة المغرب، وفي ظل الإجماع العربي والإسلامي الداعم لسيادة المملكة، وفي ظل دعم 75% من الدول الإفريقية الموقف المغربي”، مشددا على أن “المناخ السياسي الدولي جد مناسب لاتخاذ خطوة شجاعة من طرف القيادة الموريتانية، تنسجم مع حقائق التاريخ والشرعية الحضارية لسيادة المغرب على الصحراء”، ومحذرا من أن “تقف موريتانيا في الجانب الخطأ وفي التوقيت الخطأ، أو أن تكون شاهد زور في قضية تعلم جيدا قبل غيرها أن الشرعية فيها مع المغرب”.

وبخصوص استقبال رئيس البرلمان من طرف الرئيس ولد الغزواني أكد نور الدين أنه “يحمل إشارات ودية ويشكل تعبيرا عن التقدير للتاريخ المشترك، ولكثافة العلاقات الإنسانية والثقافية والاقتصادية بين البلدين”، مضيفا أن “المغرب أول مستثمر إفريقي في موريتانيا، وهو مَصدر 50% من واردات نواكشوط من القارة الإفريقية بأكملها”، مستدركا: “يجب ألاّ ننسى أن رئيس البرلمان المغربي يعتبر ثالث شخصية بروتوكولية في الدولة، واستقباله من رئيس الدولة في أي بلد يزوره بصفة رسمية يعتبر أمرا عاديا وليس استثنائيا”.

وأفاد المصدر ذاته بأن “المغرب تربطه اتفاقية دفاع مشترك مع موريتانيا تعود إلى بداية سبعينيات القرن الماضي، فيما تدخل فعلا الجيش المغربي لدعم نواكشوط ضد الجزائر التي شنت عليها حربا بالوكالة بواسطة عصابات البوليساريو”.

الدبلوماسية البرلمانية

سجل عباس الوردي، الخبير في العلاقات الدولية، أن هذا اللقاء المغربي–الموريتاني، المنعقد على أرضية برلمانية، يُعد “دليلاً على أن الدبلوماسية البرلمانية بدأت تُؤتي أُكلها في تقريب وجهات النظر حول قضايا التعاون الاقتصادي، والأمني، والسياسي، انطلاقًا من منطق القرب الجغرافي، وحتمية التعاون الجيوسياسي”، موضحا أن هذه “الدبلوماسية تُشكل إحدى آليات خفض التوتر، وتقريب الرؤى، وتبادل الزيارات التي تُسهم في كشف النقاب عن مجموعة من نقاط الاختلاف بين البلدين”.

وأبرز الوردي، في حديثه مع هسبريس، أن “استقبال الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس مجلس النواب المغربي، راشيد الطالبي العلمي، يُعد إشارة قوية إلى الاحترام المتبادل بين الدولتين، ودليلاً على متانة العلاقات الثنائية”، مؤكدا أن هذا اللقاء “يمثل خارطة طريق لتطوير العلاقات المغربية–الموريتانية، انطلاقًا من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الثنائية في مختلف مجالات التعاون”.

وتابع الأكاديمي ذاته: “من المرتقب أن تُلقي هذه الزيارة بظلالها على عدد من القطاعات، خاصة الاقتصادية والتنموية، وأن تُسهم في بلورة رؤية مشتركة قادرة على احتواء الأزمات الإقليمية، وبناء فضاء مغاربي مندمج، دون إقصاء لأي طرف”.

وخلص الوردي إلى أن هذه الزيارة ستسهم بالضرورة في “توحيد الجهود من أجل إيجاد حلول للمشاكل المشتركة، بالنظر إلى وحدة المناخ التنموي والاجتماعي والسياسي الذي يجمع البلدين”، داعيا إلى “تشجيع الاستثمار المشترك بين المغرب وموريتانيا كرافعة أساسية لتعزيز التنمية وتوطيد العلاقات الثنائية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق