الأربعاء 14 مايو 2025
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
بوابة العرب

اختار الرئيس الأمريكى الرياض كمحطة أولى فى هذه الزيارة التى تحمل دلالات اقتصادية وعسكرية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة، فى زيارة تستغرق عدة أيام لدول الخليج، شملت أيضاً قطر والإمارات العربية المتحدة، وفق جدول أعمال مزدحم بالمفاوضات. وهذه هى أول جولة دولية له منذ إعادة انتخابه، ولم يتم اختيار الوجهة عشوائيا، إذ أن الزيارة لها دلالات اقتصادية وجيوسياسية كبيرة.
إنها منطقة تعطل توازنها الجيوسياسى بسبب الحرب، التى يعود دونالد ترامب إليها منذ زيارته الأخيرة فى عام ٢٠١٧. لم يدفن الرئيس الأمريكى تمامًا آماله فى تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، ولكن هذا الاحتمال تراجع منذ الهجمات التى وقعت فى السابع من أكتوبر. ومنذ ذلك الحين، لم يعد هناك أى مجال لاستئناف الرياض لهذه القضية. ويقول على الشهابي، المعلق السعودى المقرب من الديوان الملكي، لصحيفة فاينانشال تايمز: "تريد المملكة العربية السعودية أن تظل الزيارة مركزة على العلاقات الثنائية.. التطبيع سيظل معلقاً ما لم تتخذ إسرائيل خطوات جدية، وخاصة وقف الحرب وإقامة الدولة الفلسطينية".
فى هذه الأثناء، يواصل الوسطاء جهودهم لتأمين وقف إطلاق النار، بينما تتجه إسرائيل نحو احتلال كامل لقطاع غزة، والذى تقول إنها تخطط للبدء فيه بعد زيارة دونالد ترامب. وأمام هذا المأزق، قد تختار الأطراف التركيز على المخاطر الاقتصادية للزيارة وإمكانية توقيع عقود بمليارات الدولارات. وقال مايكل حنا من مجموعة الأزمات الدولية لصحيفة فاينانشال تايمز "إن القضية الرئيسية ستكون الاقتصاد، وهم لا يريدون أن تؤدى المرارة إلى تقويضه".
استثمارات ضخمة
ولسبب وجيه، خططت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر لضخ مئات المليارات من الدولارات فى الاقتصاد الأمريكي. وتعهدت الرياض، التى تسعى إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، بالفعل بتقديم ٦٠٠ مليار دولار على مدى أربع سنوات، كما قدمت قطر تعهدات استثمارية بقيمة مئات المليارات من الدولارات خلال زيارة دونالد ترامب إلى الدوحة، وتعهدت أبوظبى بقيمة ١.٤ مليار دولار على مدى عشر سنوات، مع التركيز على الذكاء الاصطناعى وأشباه الموصلات وتصنيع الطاقة. لقد وضعت الولايات المتحدة الأمريكية نصب عينيها أن تصبح واحدة من معاقل الذكاء الاصطناعي.
وقال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسى لرئيس الإمارات لشبكة CNN "ترى دولة الإمارات العربية المتحدة فرصة فريدة لتصبح مساهمًا مهمًا فى مجال الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا المتقدمة". ومن بين القادة الرئيسيين فى مجال التكنولوجيا الأمريكية أيضًا فى رحلة ترامب: إيلون ماسك، وسام ألتمان، ومارك زوكربيرج، بالإضافة إلى لارى فينك، رئيس صندوق الاستثمار بلاك روك. وتم عقد لقاءات خلال منتدى حول التقنيات الجديدة فى الرياض أمس الثلاثاء، والإعلان عن سلسلة من الشراكات.
الأمن والتسليح
مسألة الأمن أيضًا قضية رئيسية فى الزيارة بالنسبة لدول الخليج، التى تعد من كبار عملاء صناعة الأسلحة الأمريكية. وفى الشهر الماضي، أصدر دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يهدف إلى تخفيف القيود المفروضة على مبيعات بعض الأسلحة، وهو الأمر الذى رحب به زعماء الخليج. وقد يرغبون أيضاً فى الدفع نحو اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووى للجمهورية الإسلامية، لأنهم يريدون تجنب خطر اندلاع حرب جديدة فى الشرق الأوسط. ويخشى السعوديون والإماراتيون من أن يصبحوا مستهدفين فى حال اندلاع حرب مع طهران.
وتتمتع المنطقة أيضًا بأهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة. فى عام ٢٠٢٢، صنفت إدارة بايدن قطر حليفًا رئيسيًا "غير عضو فى الناتو"، حيث تستضيف أكبر منشأة عسكرية أمريكية فى الشرق الأوسط. وكمؤشر على نفوذها المتزايد، تسعى الملكيات النفطية أيضاً إلى لعب دور دبلوماسي، يتجاوز كثيراً الحرب فى غزة، ولكن أيضاً فى إطار الصراع بين الغرب وروسيا.
وتعليقاً على الزيارة، قال حسن الحسن، الباحث البارز فى شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية فى البحرين، لشبكة CNN إن "دول الخليج تنظر إلى الوساطة فى النزاعات باعتبارها مصدرا للنفوذ والهيبة. لقد استخدموا بنجاح دورهم كوسطاء لتقديم أنفسهم كشركاء لا غنى عنهم فى الأجندة السياسية لترامب".
وأضاف الحسن: "فى نهج ترامب، فإن دول الخليج تستوفى جميع الشروط المطلوبة. إذ تتعهد باستثمار تريليونات الدولارات فى الاقتصاد الأمريكي، وإنفاق مبالغ هائلة على أنظمة الأسلحة الأمريكية".
0 تعليق