مع اقتراب موعد التصويت في "العموم البريطاني"..
مع اقتراب التصويت في مجلس العموم البريطاني على مشروع قانون "البالغين المصابين بأمراض مميتة"، الذي يهدف إلى تشريع الموت بمساعدة الغير للمرضى الذين يعانون من أمراض عضال وتوقعات حياة لا تتجاوز ستة أشهر، تتصاعد الإدانات من المجتمع الطبي البريطاني ولا سيما الجمعية الملكية للأطباء النفسيين.
ويثير هذا المشروع جدلًا واسعًا، حيث يرى البعض أنه يمنح المرضى الحق في الموت بكرامة، بينما يحذر آخرون، وخاصة الأطباء، من المخاطر الأخلاقية والعملية، وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية.
الإطار العام لمشروع القانون
مشروع القانون، الذي قدمته النائبة العمالية كيم ليدبيتر، يهدف إلى السماح للبالغين في إنجلترا وويلز، الذين يعانون من أمراض عضالة وتوقعات حياة أقل من ستة أشهر ويملكون القدرة العقلية الكاملة، بطلب المساعدة الطبية لإنهاء حياتهم. كان القانون يشترط في البداية موافقة طبيبين مستقلين وقاضٍ من المحكمة العليا، لكن تم تعديله لاستبدال موافقة المحكمة بفريق من الخبراء يضم محاميًا متخصصًا، وأخصائيًا اجتماعيًا، وطبيبًا نفسيًا، مما أثار مخاوف حول إمكانية إساءة الاستخدام. وفقًا لصحيفة سكوتش تايمز.
الإدانات الطبية: المخاوف الأخلاقية والعملية
ويحذر المجتمع الطبي من تعرض الفئات الضعيفة، مثل كبار السن والمعاقين، لضغوط لاختيار الموت بدلًا من الحياة. أظهر استطلاع رأي أن 75% من المستجيبين يشككون في قدرة هيئة الخدمات الصحية الوطنية على إدارة هذه الخدمة بفعالية، مما يعزز المخاوف من قرارات متسرعة. يخشى الأطباء أن يشعر المرضى بأنهم عبء على عائلاتهم، خاصة مع نقص موارد الرعاية الصحية. كما أشار تقرير إلى أن أعدادًا كبيرة من النواب من الأقليات العرقية يعارضون القانون، مما يعكس مخاوف مجتمعية حول حماية هذه الفئات.
افتقار الثقة في النظام الصحي
يعاني النظام الصحي من نقص التمويل وقلة الموظفين، مما يجعله غير مؤهل لإدارة برنامج حساس مثل الموت بمساعدة الغير. أعرب وزير الصحة ويس ستريتينغ عن قلقه من أن المرضى قد يختارون تسريع وفاتهم بسبب نقص خدمات الرعاية. أكد استطلاع أن 75% من المستجيبين يشاركون هذا القلق، مما يعزز مخاوف الأطباء من قرارات غير دقيقة في تقييم حالات المرضى.
مخاطر "المنحدر الخطر"
يخشى الأطباء من أن تشريع الموت بمساعدة الغير قد يؤدي إلى توسيع نطاق التطبيق ليشمل حالات غير مميتة. تشير تجارب دول مثل كندا، التي وسعت قوانين الموت بمساعدة الغير لتشمل حالات طبية غير قابلة للعلاج، إلى أن القوانين قد تصبح أكثر تساهلًا. هناك قلق من تطبيق القانون على الأمراض العقلية، كما هو مخطط في كندا. اقترح بعض النواب تعديلات لمنع الأطباء من طرح فكرة الموت بمساعدة الغير، واستثناء اضطرابات مثل الأنوريكسيا.
الاعتراضات الأخلاقية من الأطباء
يرفض العديد من الأطباء المشاركة في الموت بمساعدة الغير، معتبرين أنه يتعارض مع دورهم في الحفاظ على الحياة. أعلنت الكلية الملكية للأطباء النفسيين أنها لا تستطيع دعم القانون بسبب مخاوف أخلاقية. أظهر استطلاع أمريكي أن 55% من الأطباء يرفضون إنهاء حياة المريض حتى لو طلبته الأسرة. تدعم جمعيات مثل "سكوب" القوانين الحالية التي تحظر الموت بمساعدة الغير لحماية الفئات الضعيفة.
ردود الفعل العامة والسياسية
على الرغم من الإدانات الطبية، أظهر استطلاع أن 65% من البريطانيين يؤيدون تشريع الموت بمساعدة الغير. يصر المؤيدون على ضرورة ضمانات صارمة، مثل التقييم النفسي. سياسيًا، يدعم رئيس الوزراء كير ستارمر القانون، لكنه لن يحضر الجلسة الأولى لمناقشة التعديلات بسبب قمة أوروبية. خمسة نواب ممن امتنعوا عن التصويت سابقًا قرروا معارضة القانون، بينما تحول نائبان لتأييده.
تعزيز الرعاية التلطيفية كبديل
فيما اقترحت كيم ليدبيتر تعديلًا يدعو إلى تقييم جديد لحالة الرعاية التلطيفية، بدعم من منظمة "ماري كوري". يطالب التعديل، الذي قدمته النائبة منيرة ويلسون، بتقييم توفر وجودة خدمات الرعاية التلطيفية. وشددت ليدبيتر على أن تحسين الرعاية التلطيفية لا يتعارض مع تشريع الموت بمساعدة الغير، لكن الأطباء يرون أن نقص هذه الرعاية قد يدفع المرضى لاختيار الموت.
التجارب الدولية ودروسها
تشير تجارب دول مثل بلجيكا وكندا إلى تحديات إضافية. في كندا، أدت التوسعات في قوانين الموت بمساعدة الغير إلى انتقادات حول استهداف الفئات الضعيفة، بما في ذلك ذوي الإعاقة. هذه التجارب تعزز مخاوف الأطباء البريطانيين من عواقب غير مقصودة، خاصة مع التعديلات التي تخفف من الضوابط القضائية.
ويمثل مشروع قانون الموت بمساعدة الغير نقطة تحول في النقاش العام بالمملكة المتحدة حول الحق في الموت بكرامة. لكن الإدانات الطبية، بدعم من الكلية الملكية للأطباء النفسيين ومخاوف وزير الصحة، تسلط الضوء على المخاطر الأخلاقية والعملية، بما في ذلك الضغوط على الفئات الضعيفة، افتقار الثقة في النظام الصحي، ومخاطر "المنحدر الخطر". إن إزالة شرط موافقة المحكمة العليا ونقص الموارد يعززان هذه المخاوف. هل يمكن للبرلمان إيجاد توازن بين الحق في الاختيار وحماية المرضى؟ يظل المجتمع الطبي حذرًا، داعيًا إلى ضمانات صارمة.
0 تعليق