سادت حالة من الفوضى في صناعة السيارات عالميًا خلال السنوات الأخيرة، خاصة منذ اندلاع جائحة كورونا في عام 2020، حيث كان ذلك واحدًا من أصعب الفترات التي مرت على القطاع. لم يتمكن مصنعو السيارات من استعادة مستويات الإنتاج السابقة بسرعة، وبعد ذلك، تفاقم الأمر مع أزمة نقص الرقائق الإلكترونية، مما دفع الشركات إلى إعادة تنظيم استراتيجياتها لمواجهة هذه التحديات. في هذا السياق، برزت شركتا مرسيدس-بنز وBMW كقدوة في استغلال هذه الظروف، حيث ركزتا على تلبية الطلب المحدود بدلاً من توسيع الإنتاج، مما سمح لهما بالحفاظ على هوامهما في سوق السيارات الفارهة.
صراع تخفيضات أسعار السيارات عالميا.. أين مرسيدس و BMW؟
وسط هذا الصراع على خفض الأسعار الذي شهدته معظم العلامات التجارية العالمية، تميزت مرسيدس-بنز وBMW بموقف متميز، حيث رفضتا اتباع الاتجاه السائد للتخفيضات. فيما خفضت العديد من الشركات أسعار طرازاتها لجذب العملاء في ظل التباطؤ الاقتصادي، فضلت هاتان الشركتان التركيز على الإنتاج المحدود للسيارات الفارهة، مستغلة الطلب الكبير الذي يفوق العرض. هذا النهج لم يكن مصادفة، بل جاء نتيجة لفهم عميق لسوق العملاء الذين يرغبون في شراء سيارات ألمانية فاخرة، وهم على استعداد للانتظار والدفع أكثر دون الحاجة إلى خصومات. على سبيل المثال، أكد مسؤولو الشركتين أن التركيز على الطرز المخصصة والفاخرة، مثل الإصدارات الفردية التي تُصنع وفقًا لتفضيلات العملاء، يضمن هامش ربح أعلى، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
في الواقع، تعرضت مرسيدس-بنز وBMW لانتقادات بسبب خياراتهما الإنتاجية، إذ اتهمتهما بعض الخبراء بالانحياز إلى الإنتاج المنخفض للسيارات الصغيرة مقابل الاستمرار في ترويج الطرز الفارهة دون تخفيضات. ومع ذلك، يدافع المدافعون عن هذا النهج بحجة أن عملاء هذه العلامات التجارية الأوفياء مستعدون للإنفاق الكبير، مما يجعل أي خفض في الأسعار غير ضروري. على سبيل المثال، لو خفضت إحدى الشركتين نسبة الخصم بنسبة 1% فقط، فإن ذلك قد يقلل من هامش الربح بملايين الدولارات، وفقًا لتحليلات السوق.
منافسة خفض أسعار السيارات عالميًا
مع انتهاء أزمة نقص الرقائق الإلكترونية نسبيًا، بدأت تحديات أخرى تبرز، مثل أزمات الطاقة المستمرة في أوروبا منذ 2024 حتى 2025، بالإضافة إلى التضخم العالمي وزيادة تكاليف المكونات والشحن. هذه العوامل أدت إلى نقص مزيد في كميات السيارات المنتجة، مما يعزز من الطلب الكبير على سيارات مرسيدس-بنز وBMW دون الحاجة إلى تخفيضات. في هذا الصراع العالمي، حيث تتنافس الشركات على الحفاظ على أرباحها، تبدو استراتيجيتي مرسيدس وBMW أكثر استدامة، حيث تتجنبان المخاطر الاقتصادية المتزايدة. على سبيل المثال، تسير هذه الشركات على خطى علامات أخرى مثل فيراري، التي اعتمدت نهجًا مشابهًا لسنوات، متمثلًا في التركيز على الجودة والفخامة بدلاً من الكميات. هذا يعكس تحولًا أكبر في صناعة السيارات، حيث أصبحت القابلية على التكيف مع الأزمات مفتاح النجاح، مما يضمن لمرسيدس وBMW مكانة متميزة في سوق يسيطر عليه الطلب الشديد والمنافسة الشديدة. بشكل عام، يبدو أن هذا النهج لن يتغير قريبًا، مدعومًا بقاعدة عملاء مخلصة وأسواق متزعزعة تفرض الحذر.
0 تعليق