الشعر يبكي فلسطين.. أغاني وأناشيد المقاومة.. النبض الحي في قلوب الطلاب

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّي

لأجلك يا بهيّة المساكن

يا زهرة المدائن

يا قدس، يا قدس، يا قدس

يا مدينة الصلاة أصلّي

تُعدّ أشعار المقاومة جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للأمم التي خاضت نضالات طويلة لتحقيق حرياتها، خاصة الشعب الفلسطيني والذي يأتي على رأس قائمة البلدان التي لا تزال تعاني ويلات ومرار الاحتلال،  فتل الأشعار لم تكن مجرد كلمات، بل هي صوتٌ يصرخ في وجه الظلم، والعدوان، صرخة مدوية تتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل، هنا، في طابور المدرسة، يلتقي الماضي بالحاضر، ليتشكّل المستقبل في عقول وقلوب الطلاب.

من بين دفاتر الشعراء ثلاث قصائد أسست لشعر المقاومة من بينها  وأشهرها «هنا باقون» لتوفيق زيادة، و«سجل أنا عربي» لمحمود درويش، و«خطاب في سوق البطالة (يا عدو الشمس)» لسميح القاسم. 

«عيوننا إليك ترحل كل يوم

ترحل كل يوم

تدور في أروقة المعابد

تعانق الكنائس القديمة

وتمسح الحزن عن المساجد

عيوننا إليك ترحل كل يوم

ترحل كل يوم»

ففي كل يوم ومع كل صباح مفعم بعبق الزهور ونسيم الأشجار، يقف الطلاب في طابور المدرسة، منتظرين بداية يوم دراسي جديد، وعيونهم معلقة على القدس تتمنى الترحال إليها في تلك اللحظات، تصبح الكلمات بمثابة النبض الحي للمقاومة، تلامس القلوب وتُشعل فيها شعلة التحدي والأمل. وهكذا أصبحت الأشعار  تسهم في تنشئة جيلٍ جديدٍ، قادر على مواجهة التحديات، نابضًا بنيران المقاومة ومن خلالها يتعلّم الطلاب عن شجاعة الشخصيات التاريخية التي وقفت في وجه الطغيان، والمحتل الغاشم، فكيف يمكن ننسى ما قاله توفيق زيادة في قصيدته «هنا باقون»

«هنا على صدوركم باقون كالجدار

نجوع؛ نعرى؛ نتحدى

ننشد الأشعار

ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات

ونملأ السجون كبرياء

ونصنع الأطفال جيلا ثائرا وراء جيل

كأننا عشرون مستحيل

في اللد والرملة والجليل

إنا هنا باقون»

في تلك القصيدة يؤسس توفيق زيادة جيلا جديدًا من أطفال المقاومة ويرافقونهم في كل خطوة من خطواتهم، في رسالة واضحة بالبقاء ضد العدوان وضد العدو، ويزرع المقاومة في هذا الجيل الجديد من خلال الأناشيد والأشعار التي تبث الروح في أجساد الصغار ليعرفوا أنهم باقون على الأرض مهما حدث وان الثورة لا تزال مستمرة في عقول وقلوب الأجيال الجديدة، ففي قصيدته تفيض الدموع بالألم بالمقاومة والأمل في غدٍ بالبقاء ولن يستطع أي ما كان في أن نتخلى عن قضيتنا وقصتنا وحكاياتنا، فنحن باقون مهما حدث.

شركاء النضال والرحلة 

فالشعر له أثر السحر في الرحلة وفي لرحالة ففي الكلمات نرسخ لحقنا في الحياة وحلم العودة لجذورنا وأرضنا فتصل الكلمات إلى العمق النفسي للطلاب، وتزرع فيهم قيمًا ومبادئًا قد تُغيّر مسار حياتهم. فهم ليسوا مجرد مستمعين، بل شركاء في رحلة الاكتشاف والتعلّم. فمن خلال تفاعلهم مع هذه القصائد، يُعيدون صياغة فهمهم للعالم، وقضيتهم وحقهم في البقاء في الأرض وقضيتهم في العودة ممسكين بمفاتيح منازلهم التي أُجبر أجدادهم على تركها، لتبدأ رحلتهم في النضال. 

  وهو ما أكده محمود درويش في قصيدته «أنا عربي» قائلًا 

«سجل

أنا عربي

ولونُ الشعر فحميٌّ

ولونُ العينِ بنيٌّ

وميزاتي:

على رأسي عقالٌ فوقَ كوفيّه

وكفّي صلبةٌ كالصخرِ

تخمشُ من يلامسَها

وعنواني:

أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ

شوارعُها بلا أسماء

وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ

فهل تغضبْ؟»

وهنا حاول درويش في تأكيد على الهوية الفلسطينية من خلال لون البشرة والذي وشكل المنازل والبيوت والأراضي والشوارع والميادين التي تُركت بلا أسماء بعدما أجبر أهلها على تركها او تم اعتقالهم فخرجت الكلمات من وراء القضبان لتخرج محلقة عبر أسلاك السجان، وتعبر عبر الزمن في حكايات تتوارثها الأجيال، لتجسد جسرًا بين الأجداد والاحفاد ويورث النضال كما تورث الأراضي والمنازل والبيوت ويصبح النضال إرثًا للأحفاد يحافظون عليه ويسري في دمائهم، إرث لا يمكن بيعه أو التخلي عنه، فالنضال هو هذا الإرث الذي لا يقسم حسب الشرع، بل يتقاسمه الجميع ويرثه حتى ولو لم يكن للجد ابن أو حفيد. ليبقى الشعور بالمقاومة حيًا ومُلهِمًا.

وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم

وهنا تأتي كلمات سميح القاسم في قصيدته «خطاب في سوق البطالة (يا عدو الشمس)»، لتعلنها صرخة مدوية لا يمكن مقاومة ما بداخلي من نضال فنجده يقول:

«ربما تسلبني آخر شبر من ترابي

ربما تطعم للسجن شبابي

ربما تسطو على ميراث جدي

من أثاث وأوان وخواب

ربما تحرق أشعاري وكتبي

ربما تطعم لحمي للكلاب

ربما تبقى على قريتنا كابوس رعب

يا عدو الشمس لكن لن أساوم

وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم»

وربما وربما وربما... تفعل كل هذا ولكني سأصمد وأتحدى وأناضل وسيعبر نضالي إلى كل الأجيال القادمة في أنشودة تُلقى بطابور الصباح على طلاب في طابور صباح بمدرسة مهدمة فصولها، ولكن، الحلم والنضال سيعيد بناء جدرانها الذي هدمته طائرات الاحتلال بدعاوى زائفة، وسيظل النضال يورث حتى أخر نقطة دم في عروض كل فلسطيني، فالدرس الأول في أي يوم دراسي.. هنا فلسطين.. هنا النضال.. ستظل المقاومة نابضة في عروقنا ودمنا. 

485.jpg
سميح القاسم
486.jpg
توفيق زيادة
487.jpg
محمود درويش 
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق