الانتخابات البلدية في لبنان.. "اختبار قوة" لحزب الله وسط تراجع النفوذ وتصاعد التحديات

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شكلت الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان، التي انطلقت في الرابع من مايو، محطة مفصلية لاختبار حجم التأثير السياسي والشعبي للأحزاب اللبنانية، وعلى رأسها حزب الله، الذي يواجه واحدة من أكبر التحديات منذ تأسيسه، في أعقاب الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

فالحرب التي اندلعت بين الحزب وإسرائيل، وأسفرت عن مقتل عدد من أبرز قياداته، بينهم الأمين العام السابق حسن نصرالله، وخلفه هاشم صفي الدين، بالإضافة إلى كبار قادة "قوة الرضوان"، قلبت موازين القوى داخليًا. 

وقد رافق ذلك تغييرات سياسية عميقة، أبرزها انتخاب جوزيف عون رئيسًا للجمهورية، وتكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة، ما ساهم في تراجع غير مسبوق لنفوذ حزب الله على الساحة اللبنانية.

من الهيمنة إلى التراجع

لطالما لعب حزب الله دورًا محوريًا في تقرير مصير العديد من الملفات الوطنية اللبنانية، إلا أن اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، برعاية أميركية، أعاد تموضع الجيش اللبناني في مناطق الجنوب، وقضى بتفكيك مواقع الحزب العسكرية، إلى جانب مواقع الفصائل المسلحة الأخرى، ما انعكس مباشرة على حضوره السياسي.

ورغم أن الانتخابات البلدية في لبنان تكتسي طابعًا خدماتيًا وإنمائيًا يختلف عن الانتخابات النيابية، فإن نتائجها الأولية كشفت عن مؤشرات قوية على تراجع سطوة الحزب، لصالح خصومه السياسيين.

معارك انتخابية.. من زحلة إلى بيروت

في مدينة زحلة بمحافظة البقاع، التي شهدت واحدة من أشرس المعارك الانتخابية، أظهرت النتائج الأولية تقدم حزب القوات اللبنانية، في مواجهة مرشحين مدعومين من حزب الله. وداهمت قوة أمنية تابعة لشعبة المعلومات أحد مكاتب الحزب على خلفية اتهامات بتقديم رشى انتخابية.

أما في جب جنين (البقاع الغربي)، فقد حسمت لائحة "الإرادة الشعبية"، المدعومة من الوزير السابق محمد رحال، المعركة لصالحها. وسبق أن كان رحال من المحسوبين على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.

لكن في معاقل الحزب التقليدية، مثل بعلبك – الهرمل، تمكن تحالف حزب الله وحركة أمل من الفوز في معظم البلدات، ما يعكس استمرار القاعدة الشعبية للحزب في مناطقه الرئيسية، رغم التحديات.

وفي راشيا، فاز الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة تيمور جنبلاط، بينما شهدت بيروت فوزًا مزدوجًا لـ"القوات اللبنانية" المتحالفة مع النائب فؤاد مخزومي، والثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، في ظل نسبة اقتراع لم تتجاوز 20%، بحسب وزارة الداخلية.

أما في بعبدا – عاليه (جبل لبنان)، فقد توزعت النتائج بين "القوات اللبنانية"، و"الكتائب"، و"التيار الوطني الحر"، الذي كان في وقت سابق حليفًا استراتيجيًا لحزب الله، قبل أن يؤدي دعم الأخير لحركة "حماس" في الحرب الأخيرة مع إسرائيل إلى تعميق الخلاف بين الطرفين.

وفي جبيل (قضاء كسروان)، فازت لائحة "جبيل أحلى" المدعومة من النائب زياد حواط، المعارض لحزب الله، بحصولها على أكثر من 1700 صوت مقابل 700 فقط لمنافسيها، في مؤشر إضافي على التحول الشعبي في بعض المناطق المسيحية.

الجنوب تحت المجهر

تتجه الأنظار الآن إلى المرحلة المقبلة من الانتخابات، المقررة في 24 مايو، وتشمل مناطق الجنوب ومحافظة النبطية، حيث لا تزال آثار الدمار الإسرائيلي ماثلة، ويعيش الآلاف من السكان خارج منازلهم المهدمة.

ويُشار إلى أن لبنان يضم 8 محافظات، تتوزع على 25 قضاءً، وهي: بيروت، جبل لبنان، الشمال، عكار، البقاع، بعلبك – الهرمل، الجنوب، والنبطية.

اختبار سياسي عميق

تمثل هذه الانتخابات أكثر من مجرد تنافس على المجالس البلدية؛ فهي اختبار حقيقي لمكانة حزب الله وسط التحولات السياسية والعسكرية في البلاد. وبينما يسعى الحزب للحفاظ على نفوذه التقليدي، تبدو خارطة القوى السياسية في لبنان مرشحة لمزيد من التغيرات في الأشهر المقبلة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق