في أعقاب مقتل عنصرين من جبهة البوليساريو الانفصالية، نهاية الأسبوع المنصرم، في قصف نفذته طائرة مسيّرة مغربية استهدفت وحدة عسكرية تابعة للجبهة، وجّه أحمد باريكلى، السكرتير الأول لحركة “صحراويون من أجل السلام”، رسالة عاجلة إلى ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، على خلفية الحادث الأخير الذي شهدته منطقة المحبس.
ودعا باريكلى، في المراسلة التي اطلعت جريدة هسبريس الإلكترونية على نسخة منها، إلى تدخل أممي عاجل لوقف ما وصفها بـ”الحرب العبثية” التي تسببت في سقوط المزيد من الضحايا، معتبرا أن “السلام لا يزال ممكنا، وأن الحرب ليست قدرا محتوما”.
وسجلت الرسالة أن الحادث الدموي، الذي أودى بحياة كل من مصطفى ولد محمد لاروسو وإمبارك ولد داتي، وقع في منطقة المحبس شمال الإقليم، مشيرة إلى أن “الواقعة تعكس التصعيد المتواصل الذي تعرفه الجبهة منذ إعلانها من جانب واحد، نهاية التزامها باتفاق وقف إطلاق النار في نونبر 2020، واستئنافها للأعمال القتالية بذريعة أزمة معبر الكركرات”.
كما اعتبرت الرسالة ذاتها أن هذا القرار الانفرادي كان نقطة تحول خطيرة ساهمت في زعزعة جهود السلام وتقويض عمل بعثة “المينورسو”.
وحمّلت حركة “صحراويون من أجل السلام” جبهة “البوليساريو” المسؤولية المباشرة عن تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة، منتقدة ما وصفته بالإصرار الأعمى على خوض مواجهات مسلحة غير متكافئة، يدفع ثمنها شباب الصحراويين الذين يُزج بهم في جبهات القتال؛ مما يؤدي إلى تفاقم أعداد الأرامل واليتامى، ويكرّس معاناة إنسانية متفاقمة داخل مخيمات تندوف، مشددة على أن هذه الحرب لا طائل منها سوى المزيد من الدمار، داعية الأمم المتحدة إلى استخدام ثقلها المعنوي لإيقافها.
وأكد باريكلى، في ختام مراسلته، أن الاستمرار في دوامة العنف من شأنه أن يفشل مهمة الوساطة التي يقودها ستيفان دي ميستورا، ويُقوّض فرص العودة إلى طاولة الحوار السياسي، كما حدث مع المبعوثين السابقين.
وجدد السكرتير الأول لحركة “صحراويون من أجل السلام” ثقته في المساعي الأممية؛ لكنه شدد على ضرورة تبني مقاربة جديدة تُدرج أطرافا أخرى داخل مسار الحل، وعلى رأسها تيار “الخيار الثالث” الذي تمثله الحركة، بما يفتح آفاقا جديدة نحو تسوية سلمية عادلة ومتوازنة لقضية الصحراء.
الحرب العبثية
للتعقيب على فحوى ومآل الرسالة يقول أحمد باريكلى، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “الحركة قد وجّهت رسميا رسالة جديدة إلى ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، على خلفية الحادث الأخير الذي شهدته منطقة المحبس، وأسفر عن مقتل عنصرين من جبهة البوليساريو”.
وأوضح باريكلى أن الرسالة تدخل ضمن تحركات متواصلة من لدن الحركة لتنبيه المنتظم الدولي إلى خطورة الوضع، مشيرا إلى أن “هذا الحادث ليس الأول من نوعه؛ فقد سبق أن نبهنا المبعوث الأممي إلى خطورة الانزلاقات الميدانية المتكررة منذ نونبر 2020، عندما قررت جبهة “البوليساريو” إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار من جانب واحد، مستغلة أزمة مفتعلة بمعبر الكركرات الحدودي وتحت ذرائع قسرية لا تمت بصلة إلى الواقع”.
وأضاف المسؤول ذاته أن “الحركة كانت قد حذرت، منذ بداية التصعيد، من أن العودة إلى المواجهة المسلحة لا تخدم مصالح الصحراويين. وقد أثبتت التطورات اللاحقة صواب هذا التقدير، إذ انهار الوضع القائم الذي استقر منذ انتشار بعثة المينورسو في شتنبر 1991، ووجدت جبهة “البوليساريو” نفسها في موقع عسكري هش، واضطرت إلى الانسحاب من أغلب تمركزاتها شرق الجدار الأمني تحت ضغط الطائرات المسيّرة للقوات المسلحة الملكية”.
إنقاذ التسوية
أكد السكرتير الأول لحركة صحراويون من أجل السلام، في رده على أسئلة هسبريس، أن “القلق الأساسي اليوم هو فقدان مزيد من أرواح الشباب الصحراوي، وتزايد عدد الأرامل واليتامى في ظل إصرار قيادة الجبهة على خوض حرب عبثية في سياق ميداني غير متكافئ”.
ولفت باريكلى الانتباه إلى أن التصعيد المسلح والأعمال العدائية المتكررة لا تخدم مهمة الوساطة التي يقودها دي ميستور؛، بل تعرقل جهود إعادة إطلاق العملية السياسية، كما أوصى بها مجلس الأمن والدول المؤثرة”.
وفي هذا الصدد، حذّر السكرتير الأول لحركة صحراويون من أجل السلام من أن “مهمة المبعوث الأممي ستكون عرضة للفشل كسابقيه، إذا لم يُبادر إلى فرض وقف فوري للأعمال القتالية، والدعوة إلى مائدة مستديرة بمنظور جديد يشمل الفاعلين الآخرين؛ وفي مقدمتهم حركة صحراويون من أجل السلام التي تُمثل ما بات يُعرف بـ”الخيار الثالث”.
وأكمل قائد خطاب السلام بالصحراء تصريحه بالقول إن الرهان على العمل العسكري أصبح عبئا على الصحراويين في المخيمات، ولا بد من إفساح المجال أمام مبادرات واقعية وسلمية تنهي حالة الجمود وتفتح أفقا جديدا قائما على التعددية السياسية والعدالة الاجتماعية والتنمية.
0 تعليق