إسبانيا تعزز توليد الكهرباء بالغاز لحماية شبكتها من الانقطاعات

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

وسّعت إسبانيا معدل توليد الكهرباء بالغاز من توربينات الدورة المركبة، في أعقاب الانقطاع المفاجئ للتيار في 28 أبريل/نيسان 2025 الماضي، الذي امتدّ إلى البرتغال وأجزاء من فرنسا أيضًا.

ويأتي التغيير في رؤية الحكومة والجهات المعنية خوفًا من تخييم شبح الظلام على البلاد مرة أخرى، حتى إن كان التوسع بالاعتماد على الغاز أكثر كلفة من مصادر الطاقة المتجددة.

وتسبَّب الانقطاع آنذاك في شلِّ نواحي الحياة المختلفة، سواء الاتصالات والنقل أو الخدمات الرئيسة الأخرى، لكن فقدان الكهرباء لم يستمر طويلًا، إذ ساعد الربط مع المغرب في استعادة التيار خلال مدة وجيزة.

وواجهت الطاقة المتجددة حينها اتهامات بالضغط على الشبكة وقطع الكهرباء عن ملايين الأشخاص، وسط شكوك من قدرتها على احتواء التوليد النظيف المتزايد، في حين ما تزال التحقيقات مستمرة حتى الآن.

وكشفت مسؤولة حكومية فقدان جنوب إسبانيا لنحو 2.2 غيغاواط قبيل دقيقة من انهيار الشبكة، التي تعرضت إلى حالة من عدم الاستقرار.

توليد الكهرباء بالغاز

زاد معدل توليد الكهرباء بالغاز، وانتعش إنتاج المحطات العاملة بتوربينات الدورة المركبة، خلال الأسبوعين اللاحقين لانقطاع التيار المفاجئ، نهاية الشهر الماضي.

وسجّل إنتاج الكهرباء بهذه التقنيات ارتفاعًا بنسبة 37%، خلال النصف الأول من شهر مايو/أيار الجاري، مقارنة بالأسبوعين السابقين للانقطاع.

وقفز متوسط حصة الكهرباء المولدة من توربينات الغاز في مزيج مدريد، من 12 إلى 18%، وفق بيانات الشركة المشغلة لشبكة الكهرباء "ريد إلكتريكا".

انقطاع الكهرباء في إسبانيا
الظلام يسود شارعًا في إسبانيا - الصورة من وكالة أسوشيتد برس

وكشفت الشركة أن هناك اتجاهًا لاستيعاب المزيد من توربينات الغاز العاملة بالدورة المركبة، إذ تؤدي دورين رئيسين لإسبانيا:

  • زيادة إنتاج الكهرباء، عبر توليد المزيد من الإمدادات.
  • وضبط الجهد الكهربائي للشبكة، بالتحكم في التغيرات المفاجئة المحتملة.

وبالنظر إلى دور التوربينات الغازية في محطات كهرباء الدورة المركبة، نجد أنها تشكّل "ملاذًا آمنًا" للشبكة الإسبانية عبر توليد الكهرباء لحظيًا، وبمعدل مستمر، نتيجة تقنية تشغيلها بالطاقة الحركية الضرورية لضمان استقرار التيار.

ودعمت هذه التوربينات الشبكة بإنتاج ارتفع 157% عقب استرداد التيار يوم 29 أبريل/نيسان، ما قُدِّر بنحو 216 غيغاواط/ساعة.

أسعار الكهرباء في إسبانيا

زادت أسعار الكهرباء في إسبانيا نتيجة توسعة نطاق توليد الكهرباء بالغاز، وتشغيل المزيد من التوربينات في محطات الدورة المركبة.

وقال رئيس منظم الطاقة "سي إن إم سي CNMC"، كاني فرنانديز، إن الشبكة تعتمد على بعض الأدوات الاحتياطية لضمان تجنُّب الانقطاعات (إشارة لتوربينات الغاز)، مؤكدًا أن هذه الأدوات تضيف أعباء وتكلفة إضافية على المستهلكين.

وقدَّر كبير مديري شركة أفري إيه بي "AFRY AB"، خافير ريفويلتا، أن إضافة 2 غيغاواط من الكهرباء المولدة بالغاز يوميًا إلى مزيج إسبانيا، والعمل بالتوربينات ذات الدورة المركبة، يرفعان التكلفة إلى ما بين 5 و10 يورو (من 5.63 إلى 11.25 دولارًا أميركيًا) لكل ميغاواط/ساعة.

وانعكست هذه الزيادات على فواتير المستهلكين، لكن تأثيرها في أسعار الكهرباء بالجملة ما يزال "محدودًا".

وتسبَّب تزايُد اعتماد إسبانيا على محطات توليد الكهرباء بالغاز -عقب الانقطاع المفاجئ- في ضغوط تصاعدية للأسعار، وتسعى الحكومة لتقليص هذه الارتفاعات وتحميل المورّدين العبء الأكبر.

مصير الطاقة المتجددة

تزداد التساؤلات حول مصير الطاقة المتجددة في إسبانيا بعد اتهامات وقوفها وراء انقطاع التيار، نتيجة ضغط وفرة الإنتاج على الشبكة.

ويبدو أن الافتقار للمحولات الداعمة لاستقرار ضخ إنتاج مزارع الطاقة الشمسية إلى الشبكة ساعدَ في الضغط، خلال مرحلة ما قبل الانقطاع مباشرة، حسب رؤية محللي "آر بي سي كابيتال".

ويوضح الرسم البياني أدناه -من إعداد منصة الطاقة- مزيج توليد الكهرباء في إسبانيا خلال العامين الماضيين:

مزيج الكهرباء في إسبانيا

ومقابل ذلك، استبعدت نائبة رئيس الوزراء الإسباني "سارة أغيسين" أن يكون ضغط إنتاج الطاقة الشمسية سببًا مباشرًا في الانقطاع.

وانتقد المحلل في "أورورا"، خافير باموس، اتجاه مشغّل الشبكة "ريد إلكتريكا" لتوسعة حصة الغاز في مزيج الكهرباء، رغم كفاية إنتاج الطاقة المتجددة ووفرته، على حدّ قوله.

في المقابل، برّر داعمو الوقود الأحفوري ضرورة استعمال الغاز -خاصة توربينات الدورة المركبة- لضبط استقرار وجهد الشبكة تقنيًا.

وأثارت العودة للاعتماد بقوة على الغاز حفيظة نشطاء البيئة والمناخ، ممن أعربوا عن مخاوف ارتفاع معدل الانبعاثات الكربونية مرة أخرى، بالإضافة إلى "التشكيك" في تقنيات التخزين المتطورة.

وطالبوا بتسريع وتيرة الاستثمار في بطاريات التخزين لاستيعاب فائض إنتاج الطاقة المتجددة، حسب موقع إربيان بوست.

تحديات الشبكة

حاولت وزارة الطاقة الإسبانية استيعاب هذه المخاوف، بتأكيد أن عودة الاعتماد على الغاز "مؤقتة"، مجدّدةً تمسُّكها بإسهام مصادر الطاقة المتجددة بنحو 74% من المزيج بحلول 2030، ارتفاعًا من 50% حاليًا.

ويأتي هذا مع مواصلة تطوير البنية التحتية للشبكة وتقنيات الهيدروجين، وتعزيز الربط.

ورغم هذه المساعي والطموحات الحكومية، فإن انقطاع الكهرباء فجأةً كشف تحديات الشبكة، إذ لم تنجح "ريد إلكتريكا" في سدّ عجز التوليد خلال انخفاض طاقة الرياح أو أوقات الإشعاع الشمسي، حتى مع تطوير تقنيات التخزين والربط الإقليمي.

وأدت هذه التحديات إلى الضغط على الشبكة وانقطاع الكهرباء، ما أبرز دور مشغّل الشبكة في ضمان دقة أدوات التنبؤ بالإنتاج.

وتواجه دول أوروبية عدّة تحديات خلال رحلتها لإزالة الكربون، إذ برهنت التجارب على أن "إدارة الشبكة" أمر رئيس لتنفيذ مسارات تحول الطاقة، وتحقيق التكامل، دون التعرض لانقطاعات في التيار.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق