الأغلبية بمجلس النواب تؤازر الوزير وهبي لإخراج مشروع المسطرة الجنائية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عبّر فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب عن “الدعم غير المشروط للحكومة في مناقشة والمصادقة على مشروع القانون رقم 03.23 المتعلق بالمسطرة الجنائية”، معتبرا أنه “دعم مؤسس على اعتبارات موضوعية يزكيها قبول الحكومة لما يفوق 153 تعديلا في اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات، المخصص للبت في التعديلات والتصويت على المشروع”.

“فريق الأحرار” اعتبر، اليوم الثلاثاء، خلال البت والتصويت على مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، في جلسة تشريعية عمومية بالغرفة الأولى، أن “المشروع ملتزم بتنزيل الرؤية الملكية”، و”يروم تعزيز مجال الحقوق والحريات ويجسد انخراط المغرب التام في الالتزامات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان من جهة، ودستور المملكة من جهة ثانية”.

“مشروع متكامل”

زينة إدحلي، النائبة عن الفريق التي قدمت المداخلة، سجلت أن النص “يهدف إلى تحقيق الموازنة بين شراسة الجريمة وتهديدها أمن وسلامة المواطن في بدنه وممتلكاته من جهة، وحماية الحقوق الأساسية للأفراد”، معتبرة أنه “يكرس رؤية استشرافية للمستقبل تروم تنزيل تصورات حديثة ومتطورة مستجيبة للتحديات المطروحة اليوم وفي المستقبل، وتتناغم مع مجموعة من المرجعيات الأساسية التي تعتبر ثوابت ناظمة في توجهات السياسة الجنائية الوطنية”.

كما قالت النائبة ذاتها: “هذه الاعتبارات تجعلنا في الفريق نستحضر عند مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية العديد من المستجدات، التي لها وزنها وبعدها الحقوقي والمسطري، والهادفة إلى تحقيق 5 غايات أساسية؛ أولها تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، من خلال مراجعة الضوابط الناظمة لتدبير الحراسة النظرية، وترشيد اللجوء إليه والتضييق من حالات الأخذ به إلا وفق ضوابط حددها المشروع بدقة”.

وأشارت المتحدثة إلى “تعزيز حقوق الدفاع عبر منح حق الاتصال بالمحامي ابتداء من الساعة الأولى لتوقيف المشتبه فيه، مع التنصيص على إمكانية حضوره عند الاستماع للحدث أو المصابين بإحدى العاهات”، وكذا “ضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية وتحديثها بتوسيع وعاء الجرائم القابلة للصلح، ووضع آليات للوقاية من التعذيب تماشيا مع الالتزامات الدولية في مجال مناهضة التعذيب وغيره”.

وتحدثت إدحلي عن “العناية بالضحايا وحمايتهم في سائر مراحل الدعوى العمومية، إذ يتم التنصيص على إشعار الضحية أو المشتكي بمآل الإجراءات وتمتيع الضحايا وذوي العاهات والضحايا الأحداث بمساعدة محام، زيادة على تعزيز دور مكتب المساعدة الاجتماعية في الاهتمام بالضحايا من النساء والأطفال”، مضيفة “تبسيط الإجراءات والمساطر الجنائية، وتقوية الوسائل الإلكترونية في مجال مكافحة الجريمة، ووضع آليات تحفيزية في مجال التنفيذ الزجري، خاصة ما يرتبط بالغرامات المالية وتبسيط مساطر رد الاعتبار وإعادة التأهيل، مع إيجاد بدائل للدعوى العمومية من خلال مساطر مبسطة وتصالحية”.

“مسار حقوقي متواصل”

سعيد أتغلاست، النائب عن فريق الأصالة والمعاصرة، اعتبر أن مناقشة القانون “لحظة دستورية وتشريعية وحقوقية بالغة الدلالات والمعاني، بالنظر إلى ما يكتسيه قانون المسطرة الجنائية نصًّا ومشروعًا من أهمية كبيرة في النسق الحقوقي والقضائي لبلادنا”، مشددا على فخر “حزب البام” بأن “يكون جزءًا من هذا الإصلاح العميق والشامل لمنظومتنا الحقوقية في شقّيها التشريعي والمسطري، نهوضا بأدوارنا الدستورية ذات الصلة”.

وشدد المتحدث على أن “مشروع قانون المسطرة الجنائية المعروض يندرج في سياق تنزيل المخطط التشريعي لوزارة العدل، وهو مخطط تشريعي قِوامه إعادة النظر في مجموعة من نصوص القانون المُهيكلة للنسق القضائي والحقوقي والمؤسساتي لبلادنا، من منطلق أن العدالة تظل عماد دولة المؤسسات القائمة على احترام حقوق الأفراد والجماعات وصَون حرياتهم”.

وأشار أتغلاست إلى أن “المجتمع المغربي يعرف تحولات كبيرة في بُناه العميقة، سواء على مستوى الأسرة أو المدرسة أو المجال العام، بما يشمل تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك على مستوى العنف والسلوك الإجرامي الذي انتقل إلى فضاءات لم تكن من قبل تعرف هذه الحدة، وهو الأمر الذي تؤكده العديد من الدراسات والبحوث الاجتماعية والديمغرافية”.

وتابع النائب شارحا: “لقد هيمنت جدلية القانون والمجتمع على النقاشات الكبرى في حقل سوسيولوجيا القانون”، مضيفا أن “التشريعات تظل أساسية في تطوير المجتمع وتحديثه، وإحقاق ثقافة القانون بين أفراده، وتعزيز مبادئ المساواة بين مكوناته، وتهذيب السلوك الفردي والجماعي لمختلف شرائحه؛ لكن تفعيلها يحتاج إلى بنيات تحتية عصرية، ومرافق حديثة، وموارد بشرية مكوّنة ومؤهّلة وعلى قدر عالٍ من الكفاءة، والإحساس بجسامة المسؤولية، وتقلّد الأمانة المُلقاة على عاتقها في بناء صرح العدالة”.

وذكر المتحدث ذاته أن “تجربة الإنصاف والمصالحة مثلت لحظة حقوقية وسياسية ومجتمعية مفصلية في التاريخ المغربي الحديث والمعاصر، بما تميزت به من جرأة في التعاطي مع ملفات حقوق الإنسان، والرغبة الصادقة في المُضيّ قدمًا نحو مستقبل بإرادة صلبة، قوامها القطع مع مختلف مظاهر الانتهاك والإساءة والحط من كرامة الإنسان، وهو ما تجسد في التقرير الختامي للهيئة، وما تضمنه من توصيات تُعبّر عن تفرد وتميّز وأصالة تجربة المغرب في مجال العدالة الانتقالية”، مبرزا أن “التوصيات شكلت إحدى أهم الأسس المؤطرة لدستور 2011”.

وأشاد الفاعل السياسي نفسه بقرار تصويت المغرب إيجابا لفائدة إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام أمام اللجنة الثالثة لمنظمة الأمم المتحدة، مسجلا أنه “قرار تاريخي وحكيم يندرج في إطار خيار الانفتاح الحقوقي المُتدرّج الذي سلكته المملكة المغربية”، وزاد: “من شأن مشروع قانون المسطرة الجنائية، والقانون الجنائي في صيغته المُراجعة مستقبلاً، أن يُعزّزا هذا المسار المتدرّج في أفق الإلغاء النهائي لهذه العقوبة”.

“حرص حقيقي”

النائب محمد ادموسى، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، ذكر أن “الحكومة كانت جريئة في الحرص على استكمال الترسانة القانونية المرتبطة بمنظومة العدالة”، مبرزا أن مشروع المسطرة الجنائية “يكتسي أهمية بالغة، من حيث التعديلات الجوهرية التي جاء بها، وشكلت في حد ذاتها مراجعة شاملة لمقتضيات القانون 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، همت 420 مادة؛ تغيير وتتميم 286 مادة، وإضافة 106 مواد، وتعويض 27 مادة، ونسخ 5 مواد”.

وشدد ادموسى على أن “الارتقاء بأداء العدالة الجنائية يعتبر أحد التحديات الكبرى التي يراهن عليها إصلاح منظومة العدالة من أجل توطيد دعائم دولة الحق والقانون، وتعزيز المكتسبات التي حققتها بلادنا في هذا المجال، ومواكبة التطورات التي تعرفها في مختلف المجالات السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، وتفعيلا لأحكام الدستور في ما يتعلق بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما”.

وذكر النائب ذاته أن “المشرع حرص على مواكبة المتغيرات الاجتماعية وكذا التحولات الهيكلية التي عرفتها منظومة العدالة الجنائية على الصعيدين الوطني والدولي، واستحضار المرجعيات والمبادئ والأسس التي ينبغي الاستناد إليها بهدف تحديث المنظومة الإجرائية في المجال الجنائي”، موردا أن “اعتماد هذه المقاربة الشاملة متعددة الأبعاد حاول من خلالها المشرع تحقيق التوازن الذي تتوخاه السياسة الجنائية، والمتمثل في مكافحة ظاهرة الجريمة بمختلف أشكالها، وتحقيق المحاكمة العادلة الكفيلة بضمان الحقوق والحريات الأساسية للأفراد والجماعات”.

وتابع النائب الاستقلالي: “المشروع حمل مستجدات لتعزيز قواعد المحاكمة العادلة، خاصة في ما يتعلق بحقوق الدفاع التي يتعين احترامها في مختلف مراحل البحث والتحقيق والمحاكمة والتنفيذ؛ وضرورة مراعاة مبادئ قرينة البراءة وتفسير الشك لصالح المتهم، والمساواة أمام القانون”، مؤكدا “البت في القضايا داخل آجال معقولة وإعادة النظر في الضوابط المتعلقة بالحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي باعتبارهما تدبيرا استثنائيا”.

ولفت المتحدث إلى “اعتماد قواعد خاصه لحماية حقوق الأحداث، فضلا عن تعزيز الأدوات القانونية الكفيلة بأنسنة تنفيذ العقوبة في إطار مقاربة تحقق التوازن بين العقاب وحماية الحقوق والحريات ومقومات المجتمع”، بالإضافة إلى “تعزيز التعاون الدولي في ما يتعلق بتنفيذ الاحكام القضائية؛ وغيرها من المستجدات التي جاء بها هذا الإطار القانوني، وتصب كلها في تطوير منظومة العدالة الجنائية، على مستوى التأطير القانوني والممارسة العملية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق