قال مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، إنه “لا يمكن لوم الضحية على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، ثم إن هذا الأخير ليس بحاجة إلى ذرائع لكي يقوم بما قام به، لأنه أصلاً قبل عملية السابع من أكتوبر كان الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة يتعرض لعملية همجية أودت بحياة مئات وآلاف الشهداء؛ كما أن المسجد الأقصى يُقتحم بشكل يومي”، مضيفاً: “إسرائيل كانت تُعدّ عمليا لتصفية القضية الفلسطينية برمتها، إذ إن حماس لا تحكم الضفة الغربية، لكن انظر ما فعلوا بمخيمات جنين وطولكرم ونور شمس”.
واعتبر البرغوثي، تفاعلاً مع سؤال لجريدة هسبريس الإلكترونية حول الكلام اللاذع الذي وجهه الرئيس الفلسطيني لـ”حركة المقاومة”، قبل أيام، أن “هناك أشياء لا تليق بمكانة المركز، فحتى التعابير التي تُستخدم يجب أن تكون لائقة ومناسبة لمستوى تضحيات الشعب الفلسطيني”.
وتابع الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية: “حينما يجري الحديث عن سلاح واحد وفي دولة واحدة فنحن متفقون على ذلك تماماً، لكن حينما تكون هناك فعلاً دولة قائمة لها جيش واحد ومؤسسات واحدة ونظام واحد… لكن لا يوجد لدينا ذلك، فكل ما يوجد لدينا هو الاحتلال الذي يطال الضفة الغربية وقطاع غزة، بل إن الاحتلال جرد حتى السلطة من معظم صلاحياتها”.
وزاد المتحدث لهسبريس: “نحن نوافق على وجود قيادة وطنية موحدة تقرر كل أشكال النضال والعمل السياسي، لكن لا توجد لدينا في الوقت الحالي، ولذلك فمطلبنا منذ عشرين عاماً كان تشكيل قيادة وطنية موحدة على أسس ديمقراطية في إطار منظمة التحرير التي يجب أن تستعيد دورها النضالي التحريري. إذا كانت القيادة موحدة داخل المنظمة ستستطيع أن تكون مسؤولة عن اتخاذ القرارات السياسية والكفاحية أيضاً بشكل جماعي، بما يضمن الشراكة الديمقراطية”.
وفي السياق ذاته أكد المصرح أن “ما تفتقر إليه الساحة الفلسطينية هو الشراكة الديمقراطية، فحتى الاجتماع الأخير للمجلس المركزي الفلسطيني عوض أن يسير بنا خطوات نحو الوحدة سار بنا خطوات إلى الوراء”، موردا: “هناك اتفاق وُقّع عليه من قبل كل القوى الفلسطينية في بكين، بما يشمل فتح وحماس، ينص على تشكيل حكومة وفاق وطني، ويحل مشكلة محاولة فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة. وقد أبلغتنا حماس حينها أنها لا تريد أن تكون في الحكومة، لكن يجب أن تكون هناك حكومة مقبولة من طرف الجميع حتى يتعاون معها الجميع”.
وشدد البرغوثي على أن “أهم مشكل في النظام السياسي الفلسطيني الحالي أنه لم تُجرَ فيه أي انتخابات منذ عشرين عاماً، مع العلم أنه لا يمكن لأي موقع أو منصب أن يكتسب شرعية دون انتخابات حرة وديمقراطية، وهذا هو المطلب الرئيسي بعد وقف الحرب والعدوان، الذي يتطلب هو الآخر وحدة كل القوى الفلسطينية”، مبرزاً في الوقت ذاته أن “أهم مهمتين للشعب الفلسطيني هما بقاؤه وصموده فوق أرض وطنه، وإفشال مؤامرة التطهير العرقي في غزة، وكذلك إفشال مؤامرة الضم والتهويد في الضفة الغربية”.
وتفاعلاً مع سؤال آخر لهسبريس، حول المسؤولية القانونية والأخلاقية للدول العربية والإسلامية في دعم فلسطين، اعتبر المتحدث ذاته أن “أحد العوامل التي شجعت نتنياهو على الإمعان في حرمان غزة من الماء والطعام والدواء ضعف الموقف العربي والإسلامي”، وزاد: “نحن لا نطالب الدول العربية والإسلامية بإرسال جيوش لمحاربة الاحتلال، لأننا نعرف أن ذلك غير واقعي، لكن على الأقل على هذه الدول الـ57 أن ترسل قافلة إنسانية تقتحم معبر رفح وتتحدى إسرائيل وتكسر الحصار الذي تفرضه على غزة، من أجل إيصال الطعام للناس والدواء للمرضى، إذ لا يجوز أن تذبح غزة بالتجويع ولا نرى ردود فعل قوية وفعالة سواء عربيا أو إسلاميا أو حتى دوليا”.
وفي جوابه عن مدى فعالية “خيار المقاومة” في ظل الوضع الحالي على الأرض أوضح المصرح ذاته أن “الفلسطينيين ليسوا في مرحلة حل سياسي مع إسرائيل، بل في مرحلة نضال وكفاح، لأن توازن القوى لا يسمح بإجراء أي حل آخر، وحتى يحدث ذلك الحل يجب تغيير ميزان القوى لصالح الشعب الفلسطيني”.
وواصل البرغوثي: “الذي أثبتته الحركة الصهيونية في العامين الماضيين، وحتى قبل طوفان الأقصى، يتضح جليا عندما وقف نتنياهو في الأمم المتحدة وأشهر خريطة إسرائيل التي تضم كل الضفة الغربية وغزة. وبالتالي فإن إسرائيل أرسلت بذلك رسالة واضحة مفادها أنه لا يوجد حل وسط مع الحركة الصهيونية، ولا يوجد سبيل أمام الشعب الفلسطيني سوى مقاومة هذا الظلم والعدوان”.
وتابع الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية بأن “ما جرى خلال هذين العامين أثبت زوال وهمين، الأول هو الحل الوسط مع الحركة الصهيونية، والثاني هو إمكانية أن تكون واشنطن وسيطا بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل؛ فهذا غير وارد وغير ممكن لأن الولايات المتحدة الأمريكية ليست فقط منحازة لإسرائيل، بل هي حليف إستراتيجي لها، وهي عمليا حاربت الشعب الفلسطيني في غزة”.
وبخصوص “تطبيع” الدول العربية مع إسرائيل سجل المتحدث أن “التطبيع دون إزالة الخلل وتلبية حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره خطأ كبير، بل إنه يُستخدم من قبل إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية”، خاتما: “نحن نعتقد أنه بعد كل الجرائم التي ارتكبها الاحتلال لا يجوز للدول العربية أن تواصل مسار التطبيع، لذلك فندائنا لكل الشعوب أن تضغط بكل طاقتها لمنع التطبيع وإنهاء كل أشكاله مع إسرائيل”.
0 تعليق