في خطوة جديدة تصعد من حدة التوترات التجارية العالمية، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات من الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من الأول من يونيو المقبل، متهمًا التكتل الأوروبي بعدم إحراز تقدم في المفاوضات التجارية.
وهذا التهديد، الذي جاء عبر منشور على منصة "تروث سوشيال"، أثار موجة من القلق في الأسواق الأوروبية، حيث تراجعت الأسهم واليورو، وانخفضت عوائد السندات الحكومية بوتيرة حادة، فهل يمتلك الاتحاد الأوروبي القدرة على مواجهة هذا التحدي الاقتصادي؟.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الأزمة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكيف رد الأخير على تهديدات ترامب؟.
خلفية التهديدات التجارية
تأتي تصريحات ترامب كجزء من سياسته الحمائية التي تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي مع الاتحاد الأوروبي، والذي بلغ حوالي 200 مليار يورو (226.48 مليار دولار) العام الماضي، وفقًا لوكالة يوروستات.
وترامب الذي سبق أن فرض رسومًا بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم والسيارات الأوروبية، يرى أن الاتحاد الأوروبي "تأسس لاستغلال الولايات المتحدة"، وهو ما يعكس نهجه العدائي تجاه التكتل.
وهذه الرسوم الجديدة، إذا طبقت، ستضاف إلى رسوم مضادة بنسبة 10% على جميع السلع، والتي من المقرر أن ترتفع إلى 20% بحلول 8 يوليو 2025.
كيف رد الاتحاد الأوروبي؟
وأبدى الاتحاد الأوروبي موقفًا حازمًا وموحدًا إزاء هذه التهديدات. فقد سارعت المفوضية الأوروبية إلى طلب توضيحات من واشنطن، مع إجراء مكالمة هاتفية بين المفوض التجاري الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش ونظيره الأمريكي جيميسون جرير.
وقد أكدت المفوضية أنها تفضل التوصل إلى حل تفاوضي، لكنها مستعدة لاتخاذ إجراءات مضادة إذا فشلت المحادثات.
وفي بروكسل، أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن أوروبا سترد "بقوة" إذا تعرضت لضغوط تجارية، مؤكدًا ضرورة حماية المصالح الأوروبية.
من جانبه، حذر المستشار الألماني أولاف شولتس من أن الرسوم الجمركية ستضر بالطرفين، مشددًا على أهمية التبادل التجاري المتبادل.
كما دعا رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إلى تجنب "حرب تجارية غير مجدية"، مع الإبقاء على الثقة بالنفس خلال المفاوضات.

استراتيجيات أوروبية لمواجهة التحدي
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى تنويع شراكاته التجارية لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية، التي تستحوذ على حوالي 20% من الصادرات الأوروبية.
وقد بدأت بروكسل في تعزيز التعاون مع دول أخرى، مثل الصين، حيث ألمحت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين إلى إعادة توازن العلاقات مع بكين بروح الإنصاف.
كما اقترحت أوروبا فرض ضرائب على الشركات التكنولوجية الأمريكية الكبرى، مثل جوجل وأبل وأمازون، كجزء من استراتيجية الرد.
وعلى الصعيد الداخلي، يمتلك الاتحاد أدوات تنظيمية قوية، خاصة في مجال التكنولوجيا، فالمفوضية الأوروبية تمتلك سلطة فرض قيود على الشركات الأمريكية، مثل تطبيق قوانين الخصوصية أو إزالة المحتوى الضار، مما قد يشكل ضغطًا على واشنطن.
كما أن أوروبا تستورد نسبة كبيرة من النفط والغاز الأمريكي (35% من النفط الخام وأكثر من 50% من الغاز المسال في 2024)، مما يمنحها ورقة ضغط محتملة.
التحديات أمام أوروبا
ورغم هذه الاستراتيجيات، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة، فالرسوم الجمركية قد تؤثر بشكل خاص على دول مثل ألمانيا وإيرلندا وإيطاليا، التي تعتمد بشدة على السوق الأمريكية.
كما أن الاعتماد العسكري على الولايات المتحدة، خاصة في ظل التوترات مع روسيا، يضعف الموقف الأوروبي.
ومع ذلك يرى محللون أن أوروبا تمتلك أوراق قوة، مثل القدرة على فرض رسوم انتقامية على السلع الأمريكية الفاخرة، كالدراجات النارية والمشروبات الروحية.
مستقبل العلاقات التجارية
ويبدو أن تهديدات ترامب قد تكون جزءًا من استراتيجية تفاوضية، كما أشار نائب وزير الاقتصاد البولندي ميخائيل بارانوفسكي، الذي وصفها بـ"حيلة تفاوضية".
ومع استمرار المفاوضات حتى يوليو 2025، يظل السؤال: هل يمكن للاتحاد الأوروبي تحقيق توازن بين احتواء التصعيد والدفاع عن مصالحه؟
ويمتلك الاتحاد الأوروبي أدوات اقتصادية وسياسية لمواجهة تهديدات ترامب، لكنه يواجه تحديات معقدة بسبب الاعتماد المتبادل مع الولايات المتحدة.
كما أن الوحدة الأوروبية، إلى جانب تنويع الشراكات التجارية واستخدام الأدوات التنظيمية، قد تمكن التكتل من الصمود، لكن ذلك يتطلب استراتيجية دقيقة لتجنب حرب تجارية شاملة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق