شنت جماعة بوكو حرام فرع تنظيم داعش في غرب إفريقيا هجومًا آخر جديدًا باستخدام طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات على قاعدة عسكرية تقع في بلدة وولغو، شمال شرقي نيجيريا.
وأسفر الهجوم عن مقتل اثني عشر جنديًا كاميرونيًا وعشرة آخرين.
وكان هؤلاء الجنود جزءًا من قوة العمل المشتركة متعددة الجنسيات، المعنية بمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي.
ورغم أن شبكات توريد الأسلحة إلى منطقة الساحل تُعد محدودة، فإن الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيمي القاعدة وداعش غالبًا ما تعتمد على استخدام الأسلحة التي تستولي عليها خلال هجماتها على الجيوش الوطنية، وتستغلها لمواصلة أعمال العنف وسفك الدماء في المنطقة.
جاء ذلك ضمن تقرير صادر حديثًا عن "مركز بحوث تسليح الصراعات"، والذي أشار إلى أن المركز لم يعثر على أدلة تُثبت قدرة الجماعات الإرهابية على الحصول على أنواع متقدمة من الأسلحة مثل البنادق الهجومية، وبنادق القتال، وقاذفات القنابل، والمدافع الرشاشة، ومدافع الهاون، وقاذفات الصواريخ من مصادر تقع خارج منطقة وسط الساحل بشكل مباشر. وأوضح التقرير أن هناك قرارات متعددة صدرت عن الأمم المتحدة تؤكد على ضرورة حظر بيع أو تصدير الأسلحة إلى الدول التي تشهد صراعات مسلحة أو لا تحترم حقوق الإنسان.
وعقب الهجوم على بلدة وولغو، نشرت داعش غرب إفريقيا صورًا تظهر فيها طائرات مسيرة وذخائر وأسلحة رشاشة تم الاستيلاء عليها خلال العملية.
وقد أجرى المركز تحليلًا للأسلحة التي تمت مصادرتها من الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل بين عامي 2014 و2023، وتبين أن ما لا يقل عن 20% منها كانت قد نُهبت من الجيوش الوطنية في دول مثل بوركينا فاسو، وتشاد، وساحل العاج، وليبيريا، وليبيا، ومالي، والنيجر، ونيجيريا.
وأوضح التقرير أن هذه الأسلحة تُسهم في تمكين الجماعات السلفية المتشددة من تعزيز ترساناتها العسكرية، مما يتيح لها بسط نفوذها على مساحات واسعة من الأراضي، وتهديد سلطة الدولة والمجتمعات المحلية بشكل متزايد.
وذكر المركز أن ترسانات الجماعات الإرهابية النشطة في منطقة ليبتاكو غورما الحدودية، الواقعة بين بوركينا فاسو ومالي وغرب النيجر، تُشبه إلى حد كبير ترسانات الجماعات الإرهابية الموجودة في منطقة بحيرة تشاد. وأشار التقرير إلى أن نسبة البنادق الهجومية من إجمالي الأسلحة المصادرة بلغت 78% في ليبتاكو غورما، و85% في محيط بحيرة تشاد، كما أن غالبية الذخيرة المصادرة كانت من العتاد العسكري الرسمي.
وفي تصريح أدلى به لوكالة الأنباء الفرنسية، قال ماثيو ستيدمان، الذي شارك في إعداد التقرير: "إن تمكن الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل من حيازة العتاد العسكري أسهم في خلق حلقة مفرغة".
وأضاف: "فكلما ازدادت قوتها، وسعت من عمليات الاستيلاء على الأسلحة، وزادت من هجماتها على المواقع العسكرية، مما يضاعف من قدرتها على الاستمرار في هذا المسار".
وأوضح التقرير أن الأسلحة التي كانت تُستخدم في صراعات قديمة تمثل أحد أبرز مصادر تسليح هذه الجماعات في الوقت الراهن.
وأفاد بأن الجماعات الإرهابية في منطقتي ليبتاكو غورما وبحيرة تشاد غالبًا ما تعتمد على استخدام بنادق هجومية تعود صناعتها إلى عشرات السنين، وتحديدًا تلك التي صُنعت في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين.
وبين التقرير أن هذه الجماعات تحصل على ما يُعرف بـ"الأسلحة العتيقة" من الأسواق السوداء وغير المشروعة.
وأشار التقرير إلى أن العديد من قوات الأمن في المنطقة لا تزال تستخدم أسلحة تعود إلى عقود مضت، الأمر الذي يُرجح أن بعض تلك الأسلحة القديمة التي صادرتها الجماعات المسلحة قد تم الاستيلاء عليها مؤخرًا من مستودعات الدولة.
كما أكد التقرير أن الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل تشتهر بالاحتفاظ بالأسلحة التي تغتنمها ولا تميل إلى إعادة توزيعها.
غير أن تحقيقات المركز كشفت عن حالات لجأت فيها الجماعات النشطة في منطقة ليبتاكو غورما إلى بيع بعض ما استولت عليه من أسلحة، في مسعى للحصول على المال، لا سيما الذهب، لتغطية نفقات العناصر أو لشراء المعدات والإمدادات.
ومع ذلك، بين التقرير أن الجماعات الإرهابية المتقاتلة، مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم داعش الساحل في منطقة ليبتاكو غورما، قد استُخدمت في بعض الحالات أسلحة تحمل أرقامًا تسلسلية متتابعة، وهو ما يدل على أنها تعتمد على مصادر تسليح واحدة أو متقاربة.
كما أورد التقرير أن نسبة الأسلحة التي صُنعت أو صدرت إلى المنطقة بعد انهيار نظام معمر القذافي في ليبيا عام 2011 لا تتجاوز 7% من مجموع الأسلحة التي تمت مصادرتها، مما يعكس محدودية تأثير ترسانة القذافي السابقة على تسليح الجماعات في الساحل.
0 تعليق