جدل علمي.. تأثير حبوب منع الحمل على الحالة النفسية للأمهات

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في تطور جديد يُسلط الضوء على صحة الأمهات النفسية بعد الولادة، خرجت دراسة حديثة من الدنمارك بإشارات مقلقة حول احتمال ارتباط تناول حبوب منع الحمل الهرمونية في الأشهر الأولى بعد الولادة بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، والدراسة، التي أنجزها فريق بحثي بقيادة الطبيبة سورين فينثر لارسن من مستشفى جامعة كوبنهاغن، شملت أكثر من 600 ألف سيدة أنجبن للمرة الأولى. 

ووفقا لـsciencealert أظهرت النتائج أن من استخدمن وسائل منع الحمل الهرمونية خلال العام الأول بعد الولادة كن أكثر عرضة بنسبة تقارب 50% للإصابة بأعراض اكتئابية مقارنة بنظيراتهن اللاتي لم يتناولن تلك الحبوب، ورغم أن البحث يُصنف كملاحظة سكانية ولا يثبت وجود علاقة سببية مباشرة، فإنه يضيف إلى رصيد الأسئلة التي لم تُجب بعد بوضوح في الطب النسائي، ويشير إلى أن توقيت استخدام هذه الوسائل، لا سيما في مرحلة ما بعد الولادة، قد يكون عاملاً حاسمًا في التأثير على الحالة النفسية.

تفاصيل دقيقة وأرقام متقاربة:

بحسب النتائج، سجلت الأمهات اللواتي استخدمن الحبوب المركبة التي تجمع بين الأستروجين والبروجسترون نسبة أعلى للإصابة بالاكتئاب، مع زيادة خطر تقارب 1.7 مرة، وعلى الرغم من أن الفارق في “نسبة الخطورة المطلقة” بين المجموعتين لم يتجاوز 0.18% (1.54% مقابل 1.36%)، إلا أن التفاوت في النسبة ألقى بظلاله على التفسيرات الطبية، خصوصًا وأن الاكتئاب ما بعد الولادة قد يكون خفيًا وصعب التشخيص.

الأطباء بين الحذر والفائدة:

يشير الدكتور جون رينولدز رايت، المتخصص في الصحة الإنجابية بجامعة إدنبرة، إلى أن نتائج كهذه ينبغي ألا تُفهم بمعزل عن السياق، “في كثير من الحالات، توصف مضادات الاكتئاب لأعراض لا تتعلق بالاكتئاب الكلاسيكي فقط، بل لأعراض طيفية مثل القلق المزمن أو اضطرابات النوم، ما يُصعب ربط تناول الحبوب بحدوث اضطراب نفسي محدد”، كما يقول.

ويضيف أن الفوائد الكبيرة لحبوب منع الحمل – سواء من حيث تنظيم الأسرة أو ضبط الهرمونات – يجب أن تُوازن بدقة مع أي مخاطر محتملة، مع الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الفردية لتأثيراتها.

عوامل غير مدروسة… وتشخيص بحاجة للتطوير

من نقاط الضعف التي أُخذت على الدراسة الدنماركية أنها لم تشمل النساء اللواتي خضن تجارب ولادة سابقة، كما لم تُراعِ الخلفية النفسية للنساء قبل الحمل، ولا ما إذا كنّ قد تناولن مضادات اكتئاب سابقًا. وهي عناصر قد تؤثر بشكل كبير على تفسير النتائج.

المثير للانتباه أن الدراسة أظهرت أن حتى النساء دون تاريخ نفسي معروف كن أكثر عرضة للاكتئاب بعد بدء استخدام الحبوب. وهذا يفتح المجال أمام أبحاث جديدة تركز على طبيعة التحولات الهرمونية والدماغية بعد الولادة، ومدى قدرة الجسم على التأقلم مع المستويات الجديدة من الهرمونات.

المراهقات أيضًا تحت المجهر

جانب آخر لافت ظهر في تقارير علمية موازية، وهو أن المراهقات قد يواجهن خطرًا أكبر للإصابة بالاكتئاب عند بدء استخدام حبوب منع الحمل، لأسباب قد تتعلق بنمو الدماغ أو بكونهن غير معتادات على التغيّرات الهرمونية. غير أن السبب الدقيق لذلك لا يزال غير محسوم علميًا.

تساؤلات حول “البروتوكول الروتيني”

ربما أكثر ما أثار الجدل بين الباحثين، هو ما إذا كان من الحكمة الاستمرار في وصف حبوب منع الحمل مباشرة بعد الولادة كجزء من البروتوكول الروتيني، دون تقييم دقيق للحالة النفسية لكل أم على حدة. إذ تشير نتائج الدراسة إلى أن هذه المرحلة تحديدًا قد تكون لحظة حساسة نفسيًا، والبدء الفوري باستخدام الهرمونات قد يُفاقم من اضطراب التوازن العاطفي لدى البعض.

خلاصة حذرة

رغم أن الرابط بين حبوب منع الحمل والاكتئاب لا يزال قيد البحث ولم يُحسم بعد، فإن الدراسة تُعد بمثابة جرس إنذار يدعو إلى إجراء مراجعة أوسع لتوصيات ما بعد الولادة، والتعامل مع الأمهات الجدد بحساسية أكبر، خاصة من ناحية الدعم النفسي وتخصيص الحلول الطبية بما يتناسب مع احتياجات كل حالة فردية.

ملحوظة: لا يُقصد من هذا التقرير إثارة الذعر أو التشكيك العام في وسائل منع الحمل، بل تسليط الضوء على أهمية التوازن بين الفوائد الطبية والتأثيرات النفسية المحتملة، وتذكير الأطباء والنساء على حد سواء بأهمية الحوار الصريح قبل اتخاذ أي قرار صحي بعد الولادة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق