القي وزير خارجية الصين وانغ يي كلمه في مراسم التوقيع لاتفاقية تأسيس المنظمة الدولية للوساطة نصها الاتي
.
الضيوف والأصدقاء المحترمون،
معالي السيد جون لي الرئيس التنفيذي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة،
يسعدني أن أجتمع معكم في مدينة هونغ كونغ لحضور مراسم توقيع اتفاقية تأسيس المنظمة الدولية للوساطة.
قد وقع قبل قليل ممثلون عن 32 دولة على الاتفاقية، مما يجعل هذه الدول الأعضاء المؤسسين للمنظمة الدولية للوساطة. كما حضر وشهد مراسم التوقيع الممثلون الرفيعو المستوى من أكثر من 50 دولة ونحو 20 منظمة دولية. يطيب لي أن أتقدم نيابة عن الحكومة الصينية بالترحيب الحار للضيوف الكرام، وبالتهاني الحارة للأعضاء المؤسسين. إننا جئنا من مختلف أنحاء العالم ونجتمع هنا لهدف مشترك، ألا وهو الدفع بحل النزاعات سلميا وتعزيز التعاون الودي بين الدول.
يصادف هذا العام الذكرى الـ80 لانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية، والذكرى الـ80 لتأسيس الأمم المتحدة. تستهلّ مقدمة ميثاق الأمم المتحدة بالتأكيد على ضرورة أن تعيش جميع الدول في السلام وتحافظ على السلم والأمن الدوليين.
وفي يومنا هذا بعد 80 عاما، في وجه التطور المتسارع للتغيرات التي لم يشهدها العالم منذ مائة سنة، أشار الرئيس شي جينبينغ بوضوح إلى أن وجود الخلافات بين دول العالم شيء طبيعي، غير أنه يجب تسويتها بشكل ملائم عبر الحوار والتشاور. يدعو الجانب الصيني دائما ومنذ زمن طويل إلى معالجة الخلافات بروح التفاهم والتصالح، وبلورة التوافق عبر الحوار والتشاور، وتعزيز التنمية بموقف يراعي التعاون والكسب المشترك، وحل المشاكل بالنظرة المستقبلية، ويعمل على استكشاف طرق ذات خصائص صينية لتسوية القضايا الساخنة، ويقدم الحكمة الصينية للدول لحل النزاعات والخلافات.
قبل ثلاث سنوات، طرحت الصين والدول التي تجمع بينها تطلعات مشتركة المبادرة بشأن تأسيس المنظمة الدولية للوساطة. وبفضل الجهود الدؤوبة للجميع، توصلنا أخيرا إلى الاتفاقية بشأن تأسيس المنظمة الدولية للوساطة، كما حصلنا على دعم واسع النطاق واستجابة إيجابية من المجتمع الدولي. تكتسب المنظمة الدولية للوساطة باعتبارها ابتكارا في مجال سيادة القانون الدولية، دلالات مهمة في تاريخ العلاقات الدولية .
يطبق تأسيس المنظمة مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. تنص المادة الـ33 في الميثاق بوضوح على أن الوساطة هي من بين الطرق ذات الأولوية لحل النزاعات الدولية سلميا، لكنه لا توجد أية منظمة قانونية بين الحكومات تختص بهذا المجال حتى اليوم. تهدف المنظمة الدولية للوساطة إلى تسوية النزاعات بين الدول وبين الدول والمستثمرين الأجانب وكذلك النزاعات التجارية الدولية بناءً على إرادة الأطراف، وهي ستسدّ الفراغ من حيث الآلية في مجال الوساطة الدولية، وتمثل منفعة عامة مهمة في سيادة القانون لاستكمال الحوكمة العالمية.
يحمل تأسيس المنظمة الحكمة الحضارية حول الوئام والتعاون والتعايش. يعد حل النزاعات عبر الحوار وتسوية الخلافات عبر التشاور من القيم المشتركة إضافة إلى كونه المسعى السائد لمختلف الحضارات في العالم. سيساهم تأسيس المنطمة في تجاوز عقلية اللعبة الصفرية القائمة على الغالب والمغلوب، وتدعيم تسوية المنازعات الدولية وديا وإقامة علاقات دولية أكثر انسجاما.
يجسد تأسيس المنظمة حضارة سيادة القانون المتسمة بالتسامح والتكامل. تجمع المنظمة صفوة النظم القانونية المختلفة، فهي تحترم إرادة أصحاب الشأن وتتميز بمزايا تتمثل في مرونة أكثر واقتصاد أكثر وسهولة أكثر وفعالية أكثر، وتتكامل مع الآليات الدولية القائمة لحل النزاعات مثل التقاضي والتحكيم، بما يجعل كلا منها أكثر فاعلية.
الضيوف الكرام،
بعد التشاور فيما بينها، لقد قررت الأطراف المتفاوضة على الاتفاقية أن تكون هونغ كونغ المقر الرئيسي للمنظمة الدولية للوساطة. إذ أن عودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم هي بحد ذاتها نموذج ناجح لتسوية المنازعات الدولية سلميا. إن نجاح “دولة واحدة ونظامان” يبشر بمستقبل أكثر إشراقا من الازدهار والاستقرار في هونغ كونغ. كما أن هونغ كونغ تتمتع ببيئة لا مثيل لها في مجال الوساطة الدولية لما تتميز به من الدعم من الوطن الأم والتواصل والترابط مع العالم ومناخ الأعمال الميسرة وسيادة القانون المتطورة للغاية والجمع بين مزايا نظام القانون العام ونظام القانون المدني. بهذه المناسبة، نتقدم بخالص الشكر لحكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة على دعمها الحثيث للأعمال التحضيرية لإنشاء المنظمة، ونثق بأن المنظمة كنجم جديد ستنمو وتلمع سويا مع “لؤلؤة الشرق”.
الضيوف الكرام،
إن المنظمة الدولية للوساطة بعد ولادتها هي بمثابة شتلة زرعناها معا اليوم، وهي في حاجة إلى رعاية ودعم من قبل المجتمع الدولي لكي تنمو وتتطور بشكل حقيقي. يتطلع الجانب الصيني إلى أن تنجز الدول الموقعة على الاتفاقية التصديق عليها في أقرب وقت ممكن، كما نرحب بمزيد من الدول للانضمام إلى هذه المنظمة.
لنلتزم بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة، ونتمسك بالمشاركة الطوعية وصنع القرار على قدم المساواة والاستفادة المشتركة، ونحترم الهموم المشروعة لكافة الأطراف، بما يحقق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك.
لنكرس المصالحة والتعاون والتناغم، ونربي ثقافة الوساطة ونعزز الوعي بالوساطة، وننشئ قواعد وآلية الوساطة المستقلة والمرنة والعملية والفعالة والمتقدمة دوليا في أسرع وقت ممكن.
لنلتزم بالإنصاف والعدل والعدالة، ونكرس روح سيادة القانون الحقيقية، ونراعي العدالة في الإجراءات والنتائج، ونعزز مشاركة الدول النامية، وندفع آلية تسوية المنازعات الدولية نحو اتجاه الإنصاف والنفع للجميع، ونزيد من تمثيل الجنوب العالمي وأصواته في الحوكمة العالمية.
لندع بالتشاور والتعاون والنفع للجميع، في المضي قدما بخطوات متزنة بالبناء المؤسسي للمنظمة، وتكوين فريق من الوسطاء الذين يتمتعون بمستوى مهني رفيع وسمعة عالمية طيبة، بغية خدمة العالم وتحقيق الأهداف من خلال الجهود الدؤوبة في الوفاء بالالتزامات.
الضيوف الكرام،
هناك قصة كلاسيكية صينية عن زقاق ليوتشي، التي تروي تسوية الخلافات فيما بين الجارين المتنازعين عن الخط الفاصل بين المنزلين من خلال الوساطة ثم تراجع كل منهما ثلاثة تشي (وحدة الطول الصينية) من الخط إضافة إلى تشكيل زقاق جديد عرضه ستة تشي يسهل مرور الجميع. إن مستقبل البشرية في يومنا هذا من العولمة مترابط ترابطا وثيقا. سنتمكن من تسوية الخلافات وتحويل الجدار العالي إلى طريق ممهد طالما استغللنا الوساطة استغلالا جيدا وعالجنا الخلافات عبر التفاهم. ونتطلع إلى جهود مشتركة من قبل الجميع في تفعيل الدور الإيجابي للمنظمة في تسوية المنازعات الدولية سلميا، بما يخلق مستقبلا أرحب للبشرية!
0 تعليق