مع اقتراب فصل الصيف وبدء المدن الساحلية في تهيئة فضاءاتها لاستقبال المصطافين الباحثين عن لحظات من الاستجمام والراحة، تتجدد الانتقادات لمظاهر تثير الانزعاج وتُفسد أجواء الاستجمام؛ وفي مقدمتها تجول الخيول والجمال وأحيانا “النعامات” على رمال الشواطئ وبين المصطافين، بما يخلفه ذلك من أضرار بيئية وصحية أصبحت محل استنكار متزايد.
مشاكل بيئية وصحية
سلط فاعلون جمعويون الضوء على مجموعة من الأضرار التي تخلفها الحيوانات المنتشرة على الشواطئ وفضاءات الاستجمام، سواء من حيث تأثيرها السلبي على البيئة أو ما تشكله من تهديد على صحة وسلامة المصطافين، لا سيما الأطفال، مُقدمين في الوقت ذاته عددا من القترحات العملية للحد من هذه الظواهر السلبية وكبح تداعياتها المتعددة.
وأشار المتضايقون من “حيوانات الشواطئ” إلى أن الخيول والجمال وغيرها تتسبب في تلوثِ الشواطئ بالفضلات، وإتلاف الرمال والأرصفة بسبب حوافرها وحركتها المتكررة، ونقل بكتيريا ضارة بين المصطافين، واحتمال وقوع حوادث نتيجة اقتراب الحيوانات من الزوار.
ومن بين المشاكل التي يتداولها المصطافون على شكل صور وتدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسبب “حيوانات الشواطئ” في تشويه جمالية المكان، وإزعاج المصطافين بروائح كريهة وأصوات مفاجئة، ونفور بعض السياح الباحثين عن النظافة والهدوء، وتشجيع ممارسات خطيرة كالتسابق والتنافس العشوائي والتشويش على أنشطة الأطفال…
ضرورة التأطير القانوني
محمد سحيم السحايمي، فاعل جمعوي مهتم بالمجال البيئي، قال إن “استعمال بعض أنواع الدواب والحيوانات في المدن الساحلية خلال فصل الصيف يبدو في ظاهره أمرا عاديا؛ غير أن غياب التأطير القانوني يجعل من هذه الممارسة مصدرا لسلسلة من الاختلالات البيئية والسياحية”.
وأوضح السحايمي، في تصريح لهسبريس، أن “عددا من الدول الأوروبية تعتمد على استعمال الدواب في المدن الساحلية والداخلية على حد سواء، سواء لأغراض ترويجية أو خدماتية؛ لكن الفرق الجوهري يكمن في أن هذه الممارسات تخضع هناك لإطار قانوني منظم يضمن السلامة ويحترم البيئة، ويُشرك الجهات المحلية في التنظيم والمراقبة”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “المغرب لا يزال يعرف عشوائية كبيرة في هذا المجال، إذ تُمارَس هذه المهنة الموسمية خارج أي تأطير قانوني؛ ما يؤدي إلى تجاوزات متعددة من قبيل: تشغيل الأطفال، وترك النفايات والإفرازات الحيوانية في الأماكن العامة، مما يشوه صورة المدن الساحلية ويُسيء إلى جاذبيتها السياحية”.
وأكد الفاعل الجمعوي المهتم بالمجال البيئي أن “استعمال الدواب يمكن أن يتحول إلى عنصر جذب سياحي حقيقي ومورد اقتصادي محلي، بشرط تقنينه وتحديد معالمه بشكل واضح”، مشددا على ضرورة “معرفة الجهات المالكة لتلك الدواب، والتمييز بين المشغلين النظاميين وغير النظاميين، مع فرض شروط واضحة تتعلق بالنظافة واحترام الحيوان والسلامة العامة”.
وختم السحايمي تصريحه بالتأكيد على أن “الجماعات المحلية مدعوة إلى المساهمة في تنظيم هذا القطاع بما يضمن مبدأ رابح-رابح؛ وذلك من خلال دفاتر تحملات، ومراقبة دائمة، ومشاركة فعالة في تقنين مهنة موسمية يمكن أن تكون جزءا من المشهد السياحي والبيئي للمدن الساحلية، مع ضرورة اعتماد صرامة قانونية ومتابعة ميدانية لكل التجاوزات التي تسيء إلى هذا المجال الحيوي”.
تحديات تتطلب التدخل
حسن حُمير، فاعل جمعوي مهتم بالشأن البيئي، قال إن “ظاهرة كراء بعض الحيوانات، مثل الخيول والجمال، تساهم بشكل واضح في خلق فرص شغل وتوفير مداخيل لشرائح اجتماعية تعتمد على هذا النشاط كمصدر رئيسي للعيش على مدار السنة”.
وأضاف حُمير، في تصريح لهسبريس، أن “هناك تحديات ومشاكل ترتبط بهذا النشاط؛ من بينها مخلفات تلك الحيوانات على الشواطئ، إلى جانب تصرفات بعض المستغلين عديمي الضمير، مما يسبب إزعاجا للمصطافين، ويؤثر سلبا على الصحة العامة ويشوه المنظر الجمالي للأماكن السياحية”.
وأشار الفاعل الجمعوي إلى “وجود تصرفات غير مسؤولة من قبل بعض الأشخاص؛ مثل الاستعراضات وسط المصطافين، التي تشكل تهديدا مباشرا على سلامة الزوار، حيث سُجلت بعض الحوادث الناتجة عن استخدام الخيول والجمال، والتي أدت إلى إصابات في صفوف المصطافين”.
وختم حسن حُمير تصريحه بالقول إنه “من الضروري أن تتدخل السلطات المحلية لتنظيم هذا النشاط، مع ضرورة مساهمة المجتمع المدني في التوعية والتحسيس، وتأسيس جمعيات مخصصة لتنظيم وتحسين هذا القطاع، بهدف ضمان سلامة الجميع، وفي الوقت نفسه احترام حق الفئات المعتمدة على هذا النشاط في تحسين ظروفها الاجتماعية والمعيشية”.
0 تعليق