ما إن يقترب عيد الأضحى كل سنة حتى يجد أرباب العمل بقطاعات مختلفة ومسيّرو مقاولات أنفسهم أمام ضرورة ضمان استمرارية نشاطهم قبل وبعد هذه المناسبة المجتمعية والدينية، مما يضطرهم لإيجاد سبل بغرض إقناع اليد العاملة بمواصلة العمل، ولو تطلّب الأمر اقتراح تحفيزات مادية.
تهم هذه الوضعية، الناتجة أساسا عن برمجة العمال عطلتَهم السنوية بعد العيد مباشرة، قطاعات متعددة كالبناء والفلاحة والبقالة وحتى المخابز وقطاعات أخرى، وهي القطاعات التي لا تبرم عادة عقود عمل، وفق المُتعارف عليه.
وحرّك قرب موعد عيد الأضحى هذه السنة، الذي يحل يوم 7 يونيو المقبل، مقاولات وأرباب عمل من أجل ضمان مواصلة الإنتاج. فعلى سبيل المثال، اقترحت إحدى المقاولات المشتغلة في تلفيف الطماطم بجهة سوس-ماسة أداء منحة تشجيعية خاصة بالحضور إبان فترة عيد الأضحى، تصل إلى 500 درهم، مقابل العمل يومين قبل العيد، وثلاثة أيام أخرى بعده، مع اقتراحها منحة ثانية من فئة 200 درهم، تخص العمل يوم العيد.
وإذا كان الأمر على هذه الحال ببعض القطاعات، فإن الإدارات العمومية تظل ملتزمة بمواعيد عمل محددة سلفا؛ إذ يستفيد عادة الموظفون بها من يومين عطلة مؤدى عنها، على أساس استئناف عملهم مباشرة بعد هذه المدة.
وقال ادريس عدة، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، إن “المقاولات المشتغلة في مجال الفلاحة، سواء كانت تُسيّر ضيعات أو مراكز للتلفيف، استفادت خلال عقود من الهشاشة التي يشتغل فيها الآلاف من العمال المغاربة”.
وأوضح عدة، في تصريح لهسبريس، أن “المستخدمين عادة ما يكونون متوفرين على عقود عمل محددة المدة، فيما لا يتوفر عليها بعضهم”، مؤكدا أن “إشكالية ضمان استمرارية النشاط مطروحة أيضا على مستوى قطاع الفلاحة، حيث يضطر أرباب العمل إلى اقتراح تحفيزات لمواجهة رغبات المستخدمين في المكوث خارج أوراش العمل لمدة أطول، وذلك بعد نهاية عطلة العيد مباشرة”.
واعتبر النقابي المذكور أن “الحلّ الرئيسي لدى أرباب العمل هؤلاء يتمثل في العمل رفقة عدد محدد من العمال الذين يتوفرون على عقود غير محددة المدة، وذلك من أجل ضمان استمرارية الإنتاجية في مثل هذه المناسبات”، موضحا أن “الهشاشة لا تساهم في خلق روح الانتماء للمقاولة لدى العامل، بمعنى أنه ينأى بنفسه عن التضحية لصالح المؤسسة”.
وأقرّ الحسين الزاز، الرئيس المنتدب للجامعة الوطنية لأرباب المخابز والحلويات، بأن “هذا القطاع بدوره يصطدم بإشكالية استمرارية النشاط خلال المناسبات الدينية، وعلى رأسها عيد الأضحى”.
وأوضح الزاز، في تصريح لهسبريس، أن الموضوع يهم مختلف القطاعات، متابعا: “هذه الإشكالية كانت مطروحة لدينا فيما سبق، عندما كان عيد الأضحى يتزامن مع منتصف فصل الصيف، بينما تراجعت حدّتها خلال السنة الماضية”.
كما لفت إلى أن “المُتعارف عليه كون المخابز تُقفل يومين بعد العيد، قبل أن تعود إلى العمل تدريجيا خلال الأسبوع الأول، لكن اليد العاملة لا تعود كليا إلى مقرات عملها إلا بانصرام أسبوعين كامليْن”.
ومن أجل تفادي هذه الإشكالية، ذكر المهني نفسه أن “المستخدمين باتوا يؤجّلون عطلتهم السنوية إلى غاية فصل الصيف، وهي الفترة التي تشهد إقامة أنشطة ومواسم ثقافية ومناسبات عائلية أيضا”، مفيدا بأن “قطاع المخابز والحلويات يحاول التطبيع مع الظواهر المجتمعية التي تصاحب عيد الأضحى سنويا، ومن بينها صلة الأرحام”.
0 تعليق