
عبد السلام بدر
عبد السلام بدر
أشاد بعض من يُحسَبون على "النخبة المثقفة" بذكاء وفهلوة ووعي الشعب الذي استطاع أن يخلع رئيسه الذي ظل حاكمًا ٣٠ سنة.. وكُتِبَتْ مئات القصائد والمقالات، وبُثَّت البرامج التليفزيونية لتُجسِّد روعة الشعب وإصراره على عدم السكوت عن حقِّه مستقبلًا، فقد استوعب الدرس تمامًا ولن يتمكن فاسدٌ بعد اليوم من إسكاته قسرًا وإرغامهِ على قبول الأوضاع صاغرًا. والاستخفاف برأيه فقد (عَرَفَ) الشعب مساره، و(اتضح) أمامه طريق العيش والحرية، والكرامة الإنسانية، فكان شيئًا طيبًا جديرًا بالإشادة.
لكن.. النخبة نفسها تنتفخُ أوداجها وتصرخ لمجرد علمها بأن أحد رجال نظام "مبارك" تقدم للترشح للبرلمان سواء كان مسئولًا حكوميًا أو رجل أعمال.. وتستنكر منه إقدامه على الترشُّح حتى لو كان ذلك لا يتعارض مع القانون!!!
موقفٌ غريب يجعلني أتساءل: ألم تكن الصحوة والانتفاضة في يناير٢٠١١م من أجل سيادة القانون وضرورة الالتزام بتطبيقه كأحد المطالب المشروعة؟ أليست قصائد مدح ذكاء ووعي وفهلوة المواطن البسيط صادقةً وعن قناعة، أم أنها مغازلة لكسب وده واستقطابه لتحقيق شعبية تستخدم عند (اللزوم)؟
أصار (الشعب) حقًا واعيًا أم مازال فاقدًا للوعي بشكل عام والسياسي بشكل خاص ولا يعي مبادئ القانون الذي يكفل لمن (تنطبق عليه الشروط) أن يترشَّح ويمارس العمل السياسي، فإن كان قد أصبح واعيًا سياسيًا بدرجة تسمح له بالتمييز بين الصالح والطالح من المرشحين فلنترك له حرية الاختيار وانتخاب من يرى فيه القدرة على تحقيق طموحاته على أن يتحمل تبعة اختياره إن كان سيئًا..
أما إن كانت القبلية والعادات الاجتماعية مازالت تغلُب على قراراته وتوجيه رأيه كما تَغْلُب عليه نزعة المنفعة المادية التي تعني للأغلبية المطحونة أهم من المرشح ومن السياسة والعادات والحقوق الدستورية.
فهنا يجب الاعتراف بأن المواطن لا يزال بحاجة إلى جرعات وعيٍ، وعقْد ندوات ودورات تثقيفية قد يطول مداها أو يقصر طبقًا لنوعية وجدية من يتولونها كمسئولية ورسالة وطنية. وكذلك من خلال إعلام رفيع المستوى الثقافي والسياسي، ينحاز إلى الدولة وأمنها القومي في هذه المرحلة التي تحيطها الأخطار من كل جانب، كما يتوقف نجاح هذه الدورات التوعوية أيضا على ما يتوافر للأغلبية الكادحة (صاحبة الأصوات الانتخابية) من سُبُل الحياة الكريمة، والاستقرار الاجتماعي.. بقدر يسمح باستيعاب دروس التوعية، والقناعة بضرورة الصدق مع النفس، والتريث في اتخاذ القرارات المصيرية كالتصويت في الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية والبرلمانية. (سأعرض لاحقا رؤية حول من له حق التصويت).
لذلك أميل إلى عدم التشاؤم في تقديرنا لغياب وعي الطبقات التي تمثل الأغلبية من الشعب وكذلك عدم الإفراط في التفاؤل فيما يتميز به الشعب من "فهلوة"!
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق