الاثنين 02 يونية 2025 | 03:50 صباحاً

الأسهم الأوروبية

في وقت تعاني فيه الأسواق الأميركية من تداعيات الحرب التجارية التي يقودها الرئيس دونالد ترامب، تشهد الأسهم الأوروبية انتعاشا غير مسبوق، جعلها ضمن قائمة الرابحين الكبار عالميا.

فبعد مضي خمسة أشهر من العام، ضمّت أوروبا ثمانية من أفضل عشرة أسواق أسهم أداءً في العالم، بحسب بيانات "بلومبرغ"، من بينها مؤشر "داكس" الألماني الذي قفز بأكثر من 30% بالدولار، وأسواق أخرى مثل سلوفينيا وبولندا واليونان والمجر.

تفوق تاريخي على "وول ستريت"

تفوق مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي على نظيره الأمريكي "S\&P 500" بفارق قياسي بلغ 18 نقطة مئوية، مدعوماً بقوة اليورو وخطط إنفاق مالي طموحة من قبل ألمانيا.

ويرى محللون أن الأرباح القوية والتقييمات الجذابة تجعل أوروبا وجهة أكثر أماناً للمستثمرين في ظل التوترات التجارية وضعف الثقة في الأسواق الأميركية.

الاهتمام يعود لأوروبا

فريدريك كاريير من "RBC" علّقت قائلة: "أوروبا عادت إلى الواجهة"، مشيرة إلى ارتفاع ملحوظ في الاهتمام بالمنطقة خلال الشهرين الأخيرين يفوق ما شهدته طوال العقد الماضي.

ويؤكد المحللون أن استمرار الأداء المتفوق سيجذب مزيداً من الاستثمارات العالمية، مما يعزز من زخم السوق.

تحوّل في التدفقات الاستثمارية

توقعت مجموعة "يو بي إس" أن يؤدي التحول في شهية المستثمرين نحو أوروبا إلى تدفقات استثمارية تصل إلى 1.2 تريليون يورو خلال السنوات الخمس المقبلة، ما يعزز من مكانة السوق الأوروبية على حساب نظيرتها الأمريكية.

إنفاق ألماني يُنعش الآمال

بدأت هذه الطفرة مع إعلان برلين - المعروفة بتقشفها - عن خطط إنفاق بمئات المليارات على البنية التحتية والدفاع، ما أنعش توقعات النمو، خصوصا مع تقديرات "سيتي غروب" بأن يبدأ الأثر الإيجابي في الظهور من النصف الثاني لعام 2026.

أمريكا.. قلق من الركود وتذبذب السياسات

على الجانب الآخر من الأطلسي، يعيد المستثمرون حساباتهم مع تصاعد القلق من ركود اقتصادي، خصوصاً بعد خفض "موديز" التصنيف الائتماني الأمريكي، ومقترحات ترامب الضريبية المثيرة للجدل.

وزادت الشكوك بعد صدور حكم قضائي يوقف عددا من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، وسط مخاوف من إقدام الإدارة على خطوات قد تُبعد المستثمرين الأجانب.

ورغم التحسن النسبي في مايو، ما يزال مؤشر "S\&P 500" متأخراً بشكل كبير مقارنةً بالمؤشرات العالمية الأخرى، حيث لم يرتفع سوى 0.5% منذ بداية العام، مقابل قفزة 12% للمؤشر العالمي "MSCI"، ليحتل المرتبة 73 بين 92 مؤشرا عالميا.

تقييمات معتدلة تمنح أوروبا مرونة

تقول بياتا مانثي من "سيتي غروب" إن المنطقة في وضع مريح نسبيا، بفضل فرص خفض أسعار الفائدة وعدم المبالغة في تقييم الأسهم.

وتضيف: "في حال حدوث ركود بأميركا، فإن أوروبا ستكون أكثر قدرة على الصمود بسبب تواضع التدفقات إليها في السنوات الماضية".

أسواق أوروبا الناشئة تتصدر المشهد

كان لأسواق أوروبا غير الرئيسية نصيب الأسد من الأداء المتفوق، حيث قفز مؤشر "SBI TOP" السلوفيني بنسبة 42% بالدولار، تلاه البولندي "WIG20" بـ40%، وحققت مؤشرات اليونان والمجر ارتفاعاً تجاوز 34%.

الدفاع والبنوك في الصدارة

أكبر الرابحين هذا العام جاءت من القطاعات الدفاعية، إذ تصدرت شركات مثل "راينميتال" و"هينسولدت" الألمانية قائمة الأفضل أداءً بمكاسب تجاوزت 90%، كما سجلت أسهم البنوك وشركات التأمين نتائج قوية خلال عام 2025.

ورغم أن خطر التوترات التجارية ما يزال قائماً، فإن الأسهم الأوروبية تُظهر مرونة لافتة، مدعومة بأرباح فاقت التوقعات، حيث ارتفعت أرباح مؤشر "MSCI أوروبا" بنسبة 5.3% في الربع الأول، مقابل توقعات بانخفاض 1.5%.

مع أن بعض الصناعات الأوروبية ما تزال منكشفة على تقلبات الأسواق العالمية، فإن العديد من المؤسسات الاستثمارية، مثل "جيه بي مورغان"، تراهن على استمرار تفوق أوروبا على الولايات المتحدة هذا العام.

وفي استطلاع أجرته "بلومبرغ"، توقع الخبراء ارتفاعا إضافيا بنسبة 1% لمؤشر "ستوكس 600".

أرباح قوية قد تحسم السباق

فرانسوا ريميو من "لا فرانسيز" عبّر عن تفاؤله قائلاً: "لأول مرة منذ سنوات، يبدو أن الأسهم الأوروبية تمتلك فرصة حقيقية لتفوق مستدام على السوق الأميركية"، مشيرا إلى أن استمرار الزخم يتوقف على تحقيق أرباح قوية في العام المقبل.