أكد الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل، جواو كرافينيو، أن “العلاقات الجوارية التي يحتفظ بها المغرب مع دول الساحل تمثل مصدرا ثمينا للمعرفة والفهم وتحديد مسارات العمل المشترك لصالح شعوب الساحل”.
جاء ذلك عقب اجتماع بين كرافينيو ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، يوم الجمعة الماضي بالرباط، في سياق سعي الاتحاد الأوروبي إلى إعادة بناء جسور التواصل مع دول منطقة الساحل، التي تشهد تحديات أمنية واجتماعية واقتصادية معقدة. ويبدو أن بروكسل ترى في الرباط شريكاً محورياً قادراً على لعب دور الوساطة الفعال.
وتشير هذه التصريحات، وفق مراقبين، إلى الأهمية المتزايدة التي يوليها الاتحاد الأوروبي لخبرة المغرب وفهمه العميق لديناميكيات المنطقة، خاصة في ظل سعي كرافينيو، منذ تعيينه في نوفمبر 2024، إلى إعادة بناء العلاقات مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
في هذا السياق قال محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي، إن علاقة الاتحاد الأوروبي، سواء كمجموعة أو كدول، مع دول الساحل “هي علاقة جد متوترة”.
وأضاف العمراني بوخبزة، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذه العلاقات “تأثرت بدخول أطراف جديدة على الساحة، كالصين وروسيا وتركيا ودول عربية، ما أدى إلى مزاحمة الدول الأوروبية في هذا الفضاء الإفريقي وتغيير الأسس التي كانت تقوم عليها العلاقات الأوروبية مع دول الساحل والصحراء”.
وأوضح المتحدث ذاته أن إعادة بناء العلاقات على أسس جديدة مع دول الساحل “تحتاج إلى وسيط ذي مصداقية ويمكن الوثوق فيه”، مردفا: “طالما قدم المغرب نفسه كشريك موثوق وفي أحيان كثيرة تم اللجوء إليه لما يحظى به من ثقة لدى دول منطقة الساحل”، مشيراً إلى أن المملكة “دأبت على إرساء علاقات مع هذه الدول قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة واحترام سيادتها وقراراتها”، وهي الأسس التي يجب، حسبه، أن “تبنى عليها مستقبلاً العلاقات الأوروبية”.
وتابع المحلل السياسي نفسه بأن وجود الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي بمنطقة الساحل في المغرب “يأتي من منطلق الرغبة في الاعتماد على الوساطة المغربية، وفهم الأسس التي يجب أن تبنى عليها العلاقات في المستقبل”، مشيراً إلى أن “المغرب له قراءته الخاصة والمتقدمة جداً لواقع هذه الدول وطموحاتها”.
واعتبر العمراني أن “بعض دول الاتحاد الأوروبي ربما لم تستوعب التحولات الكبرى التي عرفتها هذه المنطقة، واستمرت في التعامل معها وفق نهج استعماري لا يراعي مصالحها”، خالصاً إلى أن “المغرب يقدم الآن قراءته لمن يرغب في أن يستعيد علاقته مع دول الساحل”، ومؤكداً أن “أول ما تحتاجه دول الاتحاد الأوروبي فهم عميق للذهنية السائدة في هذه المنطقة”.
من جانبه قال العباس الوردي، أستاذ القانون العام في جامعة محمد الخامس بالرباط، إن “بناء هذا الجسر الأوروبي تجاه المملكة المغربية، لخلق مناخ موات للتعاون المغربي الأوروبي بشأن دول الساحل، إشارة قوية واعتراف من الاتحاد الأوروبي بالدور المحوري الذي تقوم به الرباط من خلال علاقاتها المباشرة مع مجموعة من دول الساحل”.
وأضاف الوردي، في تصريح لهسبريس، أن “هذه التوجهات ليست بالجديدة، فهي مرتبطة بمجموعة من المشاريع المهيكلة، كالمشروع الأطلسي وأنبوب الغاز المغربي النيجيري، وإحداث مجموعة من المنصات المرتبطة بالتعاون الأمني والاقتصادي والاجتماعي، فضلا عن مجموعة من الوحدات الاقتصادية المغربية بهذه الدول، والمساعدة اللامشروطة”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “المغرب نجح فعلا بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله في إثراء وتأطير العلاقة بين مجموعة من دول الجنوب، في إطار تكريس النهضة الإفريقية”، وزاد: “نحن الآن نرى أن الاتحاد الأوروبي يؤشر على النموذج المغربي”، مشيراً إلى “وضع خارطة طريق لخلق مناخ موات، خاصة في ما يتعلق بمجموعة من القضايا، كالأمن والاقتصاد ومحاربة الجريمة العابرة للحدود والهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر، وغيرها من الإشكالات، فضلا عن خلق نماذج تنموية لمقاربة مجموعة من الإشكالات، كالبطالة”.
0 تعليق