قيادات يسارية: موقف بريطانيا ينسف أطروحة الاستفتاء بالصحراء المغربية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قالت قيادات يسارية مغربية إن الموقف البريطاني الذي أعرب عنه ديفيد لامي، وزير الخارجية البريطاني، الأحد بالرباط، بشأن ملف الصحراء المغربية يثبت، مرة أخرى، أن “السياق الدولي لم يعد يحتمل فكرة الاستفتاء التي تعتمل في قلب الطرح الانفصالي والجهات الداعمة له”.

وشددت القيادات عينها، ضمن حديث إلى هسبريس، على أن “دعم لندن لمخطط الحكم الذاتي يمهّد الطريق لدعم المملكة المتحدة لسيادة المغرب على الصحراء”.

وأبرزت أن “المجتمع الدولي بات يقتنع بأن الحكم الذاتي هو الحل الأكثر مصداقية لتسوية نزاع الصحراء المفتعل”، معتبرة أن “الدولة المغربية، من جهة أخرى، لا بد أن تبذل جهدا لتوضيح التصور العملي لهذا المخطط وطريقة تنفيذه؛ وذلك من أجل قطع الطريق على الدفوع الجزائرية التي توظف جبهة ‘البوليساريو’ لتمزيق التراب الوطني المغربي”.

“مكسب جديد”

قال جمال العسري، الأمين العام لحزب الاشتراكي الموحد، إن الموقف البريطاني “يصحح خطأ كبيرا ارتكبه الاستعمار الغربي، سواء فرنسا أو غيرها، عندما قام بتقسيم الدول ومحاولة تشتيتها وإضعاف قوتها وثرواتها”، معتبرا أن “القوى الغربية والإمبريالية والاقتصادية فهمت أن هناك دولا عصيّة على التقسيم، وأن شعوبها لا تقبل بذلك”.

وشدد العسري، ضمن تصريحه لهسبريس، على أن “قرار بريطانيا هو قرار يمكن أن نقول إنه فعلا يعيد شيئا من المصداقية إلى الشرعية الدولية”، التي تتحدث عن “الحفاظ على وحدة أراضي الدول بعد أن تعرضت للتقسيم والتفتيت؛ لأن تقسيم هذه الدول لا يؤدي إلا إلى نزاعات خطيرة، ونحن نرى ما يحدث في الشرق الأوسط”.

وتابع القيادي اليساري: “هذا الموقف لعضو بمجلس الأمن الدولي يجب أن نحييه، ويجب أن نقول إنه قد يساعد المجلس على الخروج من الرتابة والملل، اللذين استمرا منذ إعلان وقف إطلاق النار بداية التسعينيات، حيث أصبح المجلس فقط ينتظر شهر أكتوبر لتمديد مهمة ‘المينورسو”.

وزاد المتحدث: “بدأت بوادر حل النزاع المفتعل تظهر أمام هذا الدعم الدولي، خصوصا من أعضاء مجلس الأمن”، مؤكدا أنه “بعد أزمة دامت نصف قرن، صرنا لأول مرة نرى فجرا جديدا يلوح في الأفق”.

وواصل العسري: “نوجّه نداء حارا إلى حكام الجزائر للتراجع عن هذا الأسلوب في التعامل، واعتبار أن المغرب ليس عدوا، وأن تقسيم المملكة لن يمنحهم السيطرة على المنطقة؛ بل سيؤدي إلى مزيد من الأزمات. يجب النظر إلى المنطقة المغاربية باعتبارها قادرة على تحقيق تعاون مشترك ووحدة في إطار المغرب الكبير”.

وأجمل الأمين العام لحزب الاشتراكي الموحد بـ”دعوة حكام الجزائر، وبالأخص الجيش والعسكر، إلى التراجع عن محاولات ضرب استقرار المغرب وتمزيقه”، معتبرا أن “هذه الأزمة استنزفت البلدين معا، سواء من الناحية البشرية أو المالية أو الاقتصادية”، وقال: “آن الأوان للنظر إلى مستقبل مشرق للبلدين وللمنطقة المغاربية بأكملها”.

“خدعة ومغالطة”

علي بوطوالة، نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، أكد أن موقف لندن مرتبط بالتقدم المغربي في الدفاع عن القضية الوطنية، وفي تعزيز الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على صحرائه أو دعم مخطط الحكم الذاتي كأساس واقعي، معتبرا أن “هذا إنجاز حقيقي، ونتمنى أن يستمر هذا التطور إلى حين صدور مواقف دولية صريحة تعترف بمغربية الصحراء وتطوي هذا الملف الذي عمر طويلا”.

وأوضح بوطوالة، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “الأمر تطلّب جهودا كبيرة، سواء على مستوى الدبلوماسية الرسمية أو على مستوى الدبلوماسية الموازية؛ بما فيها الدور الذي يمكن أن تلعبه الأحزاب السياسية في المحافل الدولية، وفي المناسبات التي تشارك فيها وتُدعى إليها للدفاع عن مغربية الصحراء”، مسجلا أننا “إزاء تراكم، ورغم أن موقف بريطانيا لم يصل إلى مستوى الموقف الأمريكي أو الفرنسي أو الإسباني، فإنه يُعد خطوة إيجابية”.

وشدد نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي على أن الدعم الدولي يفنّد “الخدعة التاريخية” التي تعيش على وقعها “أفكار عنيدة”، هي: تقرير المصير عن طريق الاستفتاء، معتبرا أن “هذه المغالطة ما زالت حية وتحاول أن تحصر هذا المفهوم في إجراء الاستفتاء، وكأنه بات المفهوم الوحيد المتداول في وسائل الإعلام، خصوصا في الدول الداعمة للانفصال، مع أن تقرير المصير له عدة صيغ”.

وانتقد القيادي اليساري “الصيغة التي تدفع بها الجزائر وأعداء الوحدة الترابية”، مثمنا، بالمقابل، “الصيغة التي تعتمدها كثير من الدول، وهي صيغة الارتباط بالوطن الأم أو الحفاظ على الوحدة الترابية”، وقال: “هذه حالة المغرب، وهي ليست غريبة أو شاذة عن أدبيات ووثائق الأمم المتحدة، التي بدأت منذ منتصف القرن الماضي، والحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب يُعد من أبرز وجوهها”.

واستند المتحدث إلى “الواقع التاريخي”، وأشار إلى أن “المغرب تشكّل من عدة مناطق كانت خاضعة للاستعمار، وتمّ التحرير الوطني بشكل متدرج، وكان الاستقلال منقوصا وغير تام، وهذه من التبِعات التي ما زلنا نُعاني منها منذ الاستقلال”، وزاد: “وإذا كانت هناك مسؤولية عمّا تعرّضت له الوحدة الترابية للمغرب، فهي أيضا مسؤولية تقع على عاتق القوى الاستعمارية التي جزّأت هذا الوطن”.

أخبار ذات صلة

0 تعليق