تُعدّ أبرز 5 مناجم ذهب في السودان محورًا أساسيًا في المشهد الاقتصادي للبلاد، لا سيما بعد فقدان البلاد ما يقرب من ثلاثة أرباع إيراداتها النفطية عقب انفصال الجنوب في يوليو/تموز 2011.

ومنذ الانفصال، تحول الذهب إلى رافد رئيس للنقد الأجنبي ومصدر بالغ الأهمية لتمويل واردات السودان ودعم احتياطيات الدولة من العملات الصعبة.

ووفقًا لبيانات قطاع التعدين السوداني لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تمتلك الخرطوم ثروة معدنية ضخمة، تتوزّع على أكثر من 40 ألف موقع تعدين.

ويبلغ احتياطي البلاد من الذهب 1550 طنًا، في حين بلغ الإنتاج السنوي 93 طنًا في عام 2018، ورغم انخفاضه إلى 18.6 طنًا في عام 2022، يحل السودان بالمرتبة الثالثة على مستوى القارة بعد جنوب أفريقيا وغانا.

وتتنوّع مواقع التعدين ما بين أقصى الشمال قرب الحدود مع مصر، والشرق على طول ساحل البحر الأحمر، وصولًا إلى أقصى الغرب عند جبل عوينات ومنطقة الطينة في دارفور، في مشهد جيولوجي معقّد وغني بالمعادن الثمينة.

ووفقًا لتقديرات حديثة، تنشط في السودان أكثر من 85 شركة تعدين، إلى جانب عشرات الآلاف من العاملين في قطاع التعدين الأهلي.

وفي هذا السياق، يقدّم هذا التقرير استعراضًا معلوماتيًا مُفصلًا عن أبرز 5 مناجم ذهب في السودان، التي تمثّل المحور الأساسي لإنتاج الذهب في البلاد.

منجم جبل عامر

يبرز منجم جبل عامر ضمن أبرز 5 مناجم ذهب في السودان، ويقع في محلية السريف، على بُعد 100 كيلومتر شمال مدينة الفاشر.

ويُعد جبل عامر ثالث أكبر منجم ذهب في أفريقيا، بإنتاج سنوي يصل إلى 50 طنًا، ويحوي معادن أخرى مثل البلاتينيوم والألومنيوم والحديد.

واكتُشف الذهب في جبل عامر عام 2012، وسرعان ما تحولت المنطقة إلى مركز استقطاب للمنقّبين والمستثمرين وحتى الميليشيات، مما أدى إلى صراعات مسلحة للسيطرة عليه، أبرزها بين قبيلة بني حسين وقوات "الجنجويد"، ولاحقًا قوات الدعم السريع.

وكان المنجم تحت إدارة شركة "الجنيد" المرتبطة بقوات الدعم السريع، وسُلّم رسميًا إلى حكومة المرحلة الانتقالية عام 2021، رغم بقاء النفوذ غير المباشر لشركة الجنيد في المنطقة.

وتفيد تقارير بأن المنجم كان ينتج بين 30 و40 كيلوغرامًا من الذهب شهريًا خلال مدة الإدارة غير الرسمية.

منجم هساي

يقع منجم هساي في شمال شرقي السودان بالقرب من مدينة أرياب، ويُعد واحدًا من أهم مناجم الذهب في البلاد، إذ يعود اكتشافه إلى عام 1993.

وقد أنتج هساي، الذي يُصنّف ضمن أبرز 5 مناجم ذهب في السودان، حتى عام 2011، ما يقرب من 2.3 مليون أوقية من الذهب من 18 حفرة مفتوحة.

وتُقدّر الاحتياطيات المؤكدة والمحتملة في المنجم بنحو 14.09 مليون طن، بتركيز يبلغ 2.4 غرامًا/طن، في حين تبلغ الموارد المقاسة والمشار إليها نحو 16.06 مليون طن بتركيز 2.77 غرام/طن.

وتُدار عمليات المنجم بشراكة بين شركتي "أرياب للتعدين" السودانية (60%) و"لامانشا ريسورسز" التابعة لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (40%).

ويقع المنجم ضمن تكوينات جيولوجية معقّدة تتنوع بين الصخور البركانية والغرايوكية، ضمن نطاق "حزام أرياب الأخضر" العائد للعصر البروتيروزوي، ما يجعله من أغنى المناطق المعدنية في السودان.

منجم بلوك 15

تُعرف منطقة "قبقبة" الواقعة شمال مدينة أبوحمد في ولاية نهر النيل، بكونها القلب النابض للتعدين الأهلي في السودان.

وتُعدّ منطقة بلوك 15 من أبرز مواقع الذهب المستغلة تقليديًا، ولذلك تركز شركة مناجم المغربية على تطويرها بشراكة مع شركة "نورين مايننغ".

وفي هذا السياق، أعلنت "مناجم"، في مارس/آذار 2021، استحواذها على 65% من مشروع توسعة المنجم، الذي يُعد واحدًا من أبرز 5 مناجم ذهب في السودان، بتكلفة متوقعة قدرها 250 مليون دولار.

وتستهدف التوسعة رفع الإنتاج إلى نحو 200 ألف أوقية سنويًا، وتغطي منطقة الامتياز مساحة تقارب 14 ألفًا و479 كيلومترًا مربعاً، ضمن "فالق كيراف" المعروف بإنتاجه الذهبي منذ العصور الفرعونية.

منجم أرياب

يُعد منجم أرياب، الواقع في ولاية البحر الأحمر، أول منجم ذهب يجري تشغيله في السودان، ويُنتج بالإضافة إلى الذهب معادن مثل الزنك والنحاس والفضة.

أسهم المنجم الذي يُعد من أبرز 5 مناجم ذهب في السودان، في توفير فرص عمل للعديد من السكان المحليين، ويُعد من مصادر الدخل القومي المهمة.

ويمتاز الموقع بتركيبة جيولوجية فريدة، ويقع بالقرب من منجم هساي، ضمن منطقة يُعتقد أنها من أغنى أحزمة الذهب في شرق أفريقيا.

منجم بلوك 14

يأتي منجم بلوك 14، الواقع في صحراء النوبة شمال السودان قرب الحدود مع مصر، على بُعد نحو 900 كيلومتر من الخرطوم، ضمن أبرز 5 مناجم ذهب في السودان.

وتبلغ مساحة المشروع 2170 كيلومترًا مربعًا، وتُديره شركة "بيرسيوس للتعدين" الأسترالية (Perseus Mining)، بالشراكة مع الحكومة السودانية وشركة "مياس نُب" المحلية.

بدأ المشروع في عام 2012 من خلال شركة "أوركا غولد" الكندية، وتوسّع ليشمل مواقع جديدة مثل "وادي دوم"، وقد استحوذت شركة بيرسيوس على مشروع مياس ساند في بلوك 14 عام 2022، بعد شراء أسهم شركة أوركا.

وتشير دراسة الجدوى المنجزة عام 2018 إلى وجود احتياطي معدني يُقدّر بـ79.94 مليون طن، بتركيز 1.11 غرامًا/طن، أي ما يعادل 2.85 مليون أوقية.

كما اكتُشف مورد مائي إستراتيجي في المنطقة عام 2017، مما عزّز من جدوى المشروع اقتصاديًا وبيئيًا، وتُنفّذ حاليًا دراسات هندسية متقدمة تمهيدًا لبدء الإنتاج التجاري.

في ضوء ما سبق، لا تقتصر أهمية أبرز 5 مناجم ذهب في السودان على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تتقاطع مع جوانب اجتماعية وجيوسياسية وأمنية، نظرًا إلى ما تُمثله من ثروات إستراتيجية تتجاوز قيمتها مجرد الأرقام والإنتاج، إلى التأثير في موازين القوى داخل السودان وخارجه.

موضوعات متعلقة..

نرشح لكم..