كنت معترضًا على مقترح نظام البكالوريا المصرية الجديد، وكنت أراه خطوة غير مدروسة في مسار التعليم المصري. لكن حين جاءني نجلي "يوسف" الطالب بالصف الثالث الإعدادي، وقال لي بكل هدوء "بابا آسف، أنا عارف إنك مش مقتنع بنظام البكالوريا، بس أنا اخترتها"، نظرت إليه وقلت: "هذا قرارك ومستقبلك، لكن لماذا اخترتها؟
فأجابني بمنتهى الثقة:"هي أفضل من نظام الثانوية العامة، وأفضل من الشهادات الأجنبية هتوفر علينا مجهود كبير، وكمان فلوس كتير، ونظام المسارات وتخفيف المواد علينا 7 مواد بس ، ضحك وقال يعني يا بابا "هوفر عليك فلوس كتير..مبسوط كده " وأقولك كمان، فيها تعدد فرص للامتحانات، يعني لو حصل ظرف لا قدر الله، لسه عندي أكثر من فرصة أحقق حلمي وأدخل الكلية اللي بحلم بيها"..ابسط يا يوسف يابختك أصبحت 6 مواد فقط
في تلك اللحظة، وبعد هذا الحديث البسيط العميق جدا، بدأت أراجع موقفي من نظام البكالوريا ، وتغيّر موقفي، ليس فقط بسبب كلام يوسف، بل بعد جلسة استمرت ثلاث ساعات مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني محمد عبداللطيف، وبعض الزملاء الصحفيين، فهمت أبعادًا أخرى لمقترح نظام البكالوريا الجديد، الوزير خلال اللقاء كان قريبًا من الزملاء الصحفيين، واستمع إليهم وقدّم الشكر للجميع، أجاب عن الاستفسارات كلها بالحجة والدليل، واستجاب بسرعة لشكاوى المواطنين التي نقلها الصحفيون.
لسنا ضد التغيير
أود أن أوضح أنني لست في خلاف مع وزير التربية والتعليم، ولسنا ضد التغيير، بل دورنا الحقيقي هو معالجة السلبيات إن وجدت من أجل مصلحة الوطن، من خلال عرض المشكلات والتفكير في حلول واقعية دون تجريح، وهذا هو النقد البناء، نحن لا نختلف مع الأشخاص، بل نناقش السياسات.
“حرب الفلوس”
وخلال اللقاء أعلن وزير التربية والتعليم عددًا من القرارات الهامة، خروج مادة التربية الدينية من المجموع، على أن تكون نسبة النجاح بها 70%، وهو أحد مطالبي الشخصية منذ أن التقانا من عدة شهور، بالإضافة إلى عودة اللغة الثانية إلى المجموع، بالتأكيد موضوع اللغة الثانية نُوقِش باستفاضة شديدة خلال الشهور الماضية وكيف ستُحَلّ أزمة معلمي اللغات ومن أجل ذلك فأنا مع نظام البكالوريا، لأن الحرب الحالية القائمة على النظام الجديد وغيره هي عبارة " حرب فلوس " من قبل المنتفعين من أصحاب المطابع الخاصة وغيرهم، وأنا ضد ذلك
تحسين مقترح البكالوريا وليس تمريره
الوزير أزال الغموض عن مصير نظام البكالوريا الجديد وموعد تطبيقه، والأهم رغبة الوزارة في تحسين مقترح البكالوريا وليس تمريره " ديمقراطية الحوار "، مؤكدا أن نظام البكالوريا لا يُفرض فرضًا، بل سيكون اختياريًا مع الثانوية العامة الحالية ، وسيُطَبَّق على طلاب الصف الثالث الإعدادي الملتحقين بالصف الأول الثانوي العام المقبل، إذا أقر مجلس النواب تعديلات قانون التعليم، وأعلن أن 88% من الطلاب اختاروا البكالوريا، وهذا ما فعله ابني يوسف،.وأظن أنه كان محقًا
وأسعدنى إعلان الوزير محمد عبداللطيف عن التحديات التي تواجه العملية التعليمية بكل جراءة وهذا يحسب له لا عليه، ومنها ارتفاع الكثافات وقدم حلول عاجلة منها (حصر الفراغات، نظام الفترة الممتدة، أيام الدراسة ستة أيام )، وحلول مستدامة ببناء من 10000 إالى 15000 فصل سنويا ووُضِعَت خطة مع هيئة الأبنية التعليمية للقضاء على مدارس الفترة المسائية الابتدائية والتي سيُقْضَى عليها خلال 3 سنوات مع العلم أن كل فصل سيكلف الدولة مليون 500 ألف ، وكما ذكر وزير التربية والتعليم أن الكثافات وصلت إلى معدلات أقل من 50 طالبا في الصف ووصل إلى المتوسط حاليا 38 طالبًا بنسبة نجاح 99% ويحسب له طبقا لتصريحاته
كما طرحت قضية "لجان أولاد الأكابر"، وأكد أن هذا العام سيكون مختلفًا، وأن الوزارة بصدد مواجهة هذه الظاهرة بكل الطرق المشروعة، عبر آليات جديدة، هنا يجب أن أشير إلى أن الوزارة ليست المسؤولة وحدها عن هذه الظاهرة التي شاهدتها خلال السنوات الماضية، بل المحافظات تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية، وعلى السادة المحافظين اتخاذ مواقف حازمة لوقف الغش وأى خطأ فى ذلك يجب أن تتحمله المحافظات،وهذا ما وضع الوزارة في “مرمى الانتقادات ” خلال السنوات الماضية بالرغم أن ذلك هو دورها الأساسي ، ودور الوزارة هو تنظيم عملية الامتحانات واختيار المراقبين بعناية،ووضع الأسئلة وتتحمل أي أخطاء في ورقة الأسئلة
في الختام
نحن بحاجة إلى إصلاح حقيقي للتعليم، لا إلى سياسة "الترقيع"، والوزير يقود مشروعًا وطنيًا جادًا، هدفه النهوض بمستقبل التعليم في مصر، وعلى مافيا المصالح أن تتوقف قليلا حتى نري ثمار هذا الأصلاح الذى لن يتم فى يوم وليلة وأنما له توقيتات محددة ، نعم ليس هناك مسؤول بلا سلبيات، ولكن دورنا دعم الإيجابيات بقوة، وانتقاد السلبيات بنزاهة واقتراح حلول لها، أقولها بصدق إذا نجح الوزير، فواجبنا أن ندعمه ونقف خلفه لأستمرار مسيرة الأصلاح ، وإذا أخفق فحقنا أن نحاسبه.
وإلى ابني يوسف، أقول: أعتذر لك يا بني فقد كنت أكثر وعيًا مني، وكانت رؤيتك مبنية على الواقع، بينما تمسكت أنا بالشك.
وشكرًا معالي الوزير محمد عبد اللطيف، ونأمل حلول عاجلة لمشكلة معلمي اللغات واختيار القيادات القادرة على تنفيذ أفكارك على أرض الواقع وأستئصال أصحاب جملة “ كله تمام يا فندم ” مع المتابعة المستمرة لاداء بعض القيادات
وللحديث بقية...
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق