موقف لندن يعكس إرادة دولية لإقرار الحكم الذاتي بالصحراء المغربية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

على خلفية التحول الذي شهده موقف بريطانيا العظمى من قضية الوحدة الترابية المغربية، إثر إعلان دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي لتسوية النزاع في الصحراء، يؤكد مهتمون أن اصطفاف لندن بثقلها التاريخي والدبلوماسي إلى جانب الرباط سوف يعيد رسم ملامح النقاش داخل مجلس الأمن الدولي في اتجاه فرض مقاربة الحكم الذاتي باعتباره السبيل الأوحد والوحيد لإنهاء واحد من أطول النزاعات الإقليمية في القارة الإفريقية.

ويرى المهتمون الذين تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية في هذا الشأن أن هذا الموقف البريطاني يؤشر على تبلور إرادة دولية راسخة حول الخيارات الواقعية والعملية التي تضمن الاستقرار الإقليمي وتعكس الواقع على الأرض، ما يعزز من فرصة إصدار قرار أممي حاسم يُنهي حالة الجمود المزمن التي يعيشها ملف الصحراء بسبب استمرار رفض الجزائر والبوليساريو التحلي بالواقعية والإنصات إلى صوت الحقيقة الذي يدوي في رمال الصحراء المغربية.

وقال محمد الغيث ماء العينين، عضو المركز الدولي للدبلوماسية وحوار الحضارات، إن “الموقف المُعبَّر عنه من طرف بريطانيا حيال ملف الوحدة الترابية للمغرب هو تطور دبلوماسي وسياسي مهم، سيُعيد بكل تأكيد تشكيل رأي مجلس الأمن حول هذا الملف في اتجاه فرض حل الحكم الذاتي الذي بات يحظى بإجماع وتنويه دوليين”.

وأضاف ماء العينين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مجلس الأمن أقبر منذ زمن خيار الاستفتاء الذي ما زالت تتشبث به البوليساريو ومن ورائها الجزائر، لاستحالة حصر الهيئة الناخبة”، مبرزا أن “قرار مجلس الأمن لسنة 2017 ثبت خيار الحل الواقعي والقابل للتنفيذ، الذي يأخذ بعين الاعتبار الواقع على الأرض، أي وجود المغرب في صحرائه”.

وسجل المتحدث ذاته أن “هذا المسار تُوِّج باعتراف أمريكي وإسباني وفرنسي، والآن هناك تحول لافت في الموقف البريطاني”، مبرزا أن “أعضاء مجلس الأمن يميلون لصالح الطرح المغربي، بما في ذلك روسيا التي رفضت مقترحا جزائريا لتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو، كما أن هناك خلافات جزائرية روسية ظاهرة في الساحل الإفريقي، والشيء ذاته بالنسبة للصين التي تعترف ضمنيا بمغربية الصحراء من خلال المشاريع الاستثمارية التي أقامتها في المنطقة”.

وذكر أن “المجتمع الدولي يتجه لتثبيت خيار الحكم الذاتي في الصحراء، بينما ستستمر البوليساريو والجزائر في الرفض”، لافتا إلى أن “الجزائر ما زالت تأبى التحلي بالبراغماتية والواقعية السياسية لتقليل الخسائر التي تتكبدها سياسيا واقتصاديا جراء دعمها للطرح الانفصالي، حيث أصبح وضعها الإقليمي مجرد محطة لتسجيل المواقف دون أي تأثير يُذكر، وهو ما ظهر جليا في بيان الخارجية الجزائرية ردا على الموقف البريطاني الأخير”.

في سياق ذي صلة، اعتبر عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، أن “الموقف البريطاني من سيادة المغرب على الصحراء باعتبار مقاربة الحكم الذاتي، مهم جدا في دفع مجلس الأمن الدولي لاعتماد قرار ينهي النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، لا سيما أنه صادر عن دولة نافذة في العلاقات الدولية وعضو دائم بمجلس الأمن الدولي”، مؤكدا أن “بريطانيا تعي موضوعية الدفوع المغربية، وأهمية الصحراء بالنسبة للرباط باعتبارها بوابة لمجالها الحيوي ثقافيا وسياسيا ووجدانيا وجيو-سياسيا”.

وتابع بأن “الموقف البريطاني سيكون حاسما، لأنه سيدفع العديد من الدول الدائرة في فلك التاج البريطاني إلى اعتماد الموقف ذاته من قضية الصحراء، على اعتبار أن بريطانيا العظمى تُقدِّر مواقفها السياسية على أساس انسجامها مع مقتضيات وأحكام القانون الدولي، ولأن إعلان الموقف البريطاني الجديد جاء مرتبطا بالإعلان عن زيادة في حجم الاستثمارات البريطانية في الصحراء المغربية”، مبرزا أن “هذا الأمر سيدفع العديد من الدول إلى المسارعة بإعلان تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي، بالقدر الذي سيمكن شركاتها من الحصول على موطئ قدم في المشاريع الاقتصادية والتنموية بالصحراء المغربية”.

وشدد المتحدث لهسبريس على أن “الموقف البريطاني يعد دعما قويا لما تم الإعلان عنه من قبل المبعوث الشخصي إلى الصحراء بأن الشهور المقبلة ستكون حاسمة في نزاع الصحراء، وسيوفر قناعة على أساس إجماع دولي تشكل حول دعم مقاربة الحكم الذاتي باعتبارها الحل العملي والواقعي الوحيد للنزاع الذي عمر طويلا في ردهات الأمم المتحدة”.

وخلص الفاتيحي إلى أن “هناك مؤشرات أكيدة بأن حل النزاع حول الصحراء قد يُطوى بالتزامن مع تقديم الأمين العام للأمم المتحدة قراره الأخير والتاريخي حول الحالة في الصحراء المغربية؛ إذ يترتب بناء عليه اتخاذ مجلس الأمن قرار تنزيل الحكم الذاتي وإنهاء النزاع بدعوة الأطراف إلى التفاوض على أساس الحل الوحيد المتمثل في مبادرة الحكم الذاتي”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق