كشفت تقارير صادرة عن المجلس القومي للطفولة والأمومة ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن التقنيات الحديثة والهواتف الذكية واستخدام الأطفال للإنترنت، أن 15٪ من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عامًا يعانون من أعراض إدمان الإنترنت، بينما ارتفعت النسبة إلى 28٪ بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا.
وذكرت التقارير أن عدد مستخدمى الإنترنت فى مصر بلغ 96.3 مليون في يناير 2025، مما يمثل 81.9% من إجمالي السكان. وبلغ متوسط سرعة اتصال الإنترنت عبر الهاتف المحمول 22.11 ميجابايت في الثانية.
فى المقابل، يشهد العالم حاليًا تغييرًا جذريًا بسبب أنظمة الذكاء الاصطناعي، وبالرغم من أن الخوارزميات "تعليمات يتلقاها المستخدم" تقدم توصيات للأطفال بشأن مقاطع الفيديو والبرامج المختلفة التى ينصح بمشاهدتها أو لا ينصح باستخدمها إلا أن كل هذه البرامج متاحة فى النهاية بين يدى الأطفال وتشكل خطورة على احترام حقوقهم.
ويتفاعل يوميًا ملايين الأطفال فى مصر مع تقنيات الذكاء الاصطناعي عن طريق الألعاب وبرامج التعليم ومقاطع الفيديو، وبرامج التواصل المباشرة بين الأطفال بالصوت والصورة عبر مئات البرامج التي تعمل عن طريق الذكاء الاصطناعي.
وكشف تقرير صادر عن اليونيسيف "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" أن خطورة الذكاء الاصطناعي على الاطفال تتمثل فى أن الأطفال أقل قدرة على فهم آثار تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، وغالبًا ما لا تتاح لهم فرص التعبير عن آرائهم، ولا المدافعون المناسبون عنهم. كما يفتقر الأطفال غالبًا إلى الموارد اللازمة للاستجابة لحالات التحيز أو تصحيح أي مفاهيم خاطئة في بياناتهم.
وفى هذا الإطار، أطلقت اليونيسيف مبادرة "جيل الذكاء الاصطناعي لضمان احترام حقوق الأطفال في أنظمة الذكاء الاصطناعي". وشارك فى هذه المبادرة المنتدى الاقتصادي العالمي وجامعة كاليفورنيا.
ونظمت اليونيسف 14 ورشة عمل إقليمية مع خبراء وأطفال، واستطلاع رأي عالمي، ومراجعة للاستراتيجيات الوطنية للذكاء الاصطناعي.
وبالرغم من كل المبادرات وورش العمل التى أطلقتها وتبنتها منظمة اليونيسيف من جهة ومنظمة اليونسكو "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" من جهة أخري حول أخلاقيات ومبادئ الذكاء الاصطناعي إلا أنه مازال هناك خطورة كبيرة على حقوق الأطفال في بلادنا من سياسات الذكاء الاصطناعي.
ولأهمية الأمر ومع ارتفاع معدل استخدام الانترنت فى مصر بين الشباب والأطفال، نطالب السيدة ناتاليا ويندر روسي ممثلة اليونيسف في مصر أن يكون هناك دور أكبر للمنظمة بمصر للتوعية ونشر الثقافة من خطورة الذكاء الاصطناعي وتوعية الأطفال وأسرهم.. ومن هنا نقترح الآتي:
- ضرورة تنظيم ورش عمل لليونيسيف بجميع محافظات مصر بالتنسيق مع مجلس الوزراء متمثلًا فى المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي عن أهمية وخطورة الذكاء الاصطناعي على حقوق الأطفال وحمايتهم وتوعية الأسر المصرية بالمحافظات حول كيفية التعامل مع أبنائهم من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وعرض إرشادات اليونيسيف حول هذا الملف.
- ضرورة وضع خطة عمل لتفعيلها بالمدارس فى مصر لتوعية الأطفال حول أهمية ومميزات وخطورة الذكاء الاصطناعي مع بداية العام الدراسي الجديد بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم والمجلس الوطني للذكاء الاصطناعي.
- يجب أن تشارك اليونيسيف فى وضع دليل حول الإرشادات المطلوبة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي ضمن المادة العلمية التى سوف يتم تدريسها للطالب وهي المادة الإلزامية عن الذكاء الاصطناعي التى طالب بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتدريسها للطلاب خلال اجتماعه مع رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة فى مايو الماضي.
- الاستفادة من ممثلي اليونيسيف فى مصر من فنانين ورياضيين لنشر رسائل وعي وأخرى ثقافية للأسر والأطفال فى مصر حول الذكاء الاصطناعي وكيفية التعامل معه وحماية حقوق الأطفال.
- نشر يونيسيف مصر إرشادات توعوية منفصلة ودورية تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام فى مصر حول كيفية استخدام الأطفال الذكاء الاصطناعي لما لها من تأثير واضح لنشر الثقافة حول حماية حقوق الاطفال.
وبعد نحن فى مرحلة مهمة فى مصر من تطبيق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025 – 2030 الذي أطلقها المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي لبناء هذا النظام الجديد للذكاء الاصطناعي ونشر ثقافته فى مصر ويجب ألا ننسي ونحن نبني هذا النظام أن هناك ملايين يستخدمونه يوميًا ومن بينهم الأطفال ويؤثر عليهم، وليس لديهم الإدراك الكافي لحماية أنفسهم ومعرفة المميزات والعيوب لهذه التقنيات الحديثة.
فى النهاية، الأمر ليس سهلًا أن نعمل فى ملفات كثيرة خاصة بالذكاء الاصطتاعي بكل المجالات على التوازي مع الملف الأساسي وهو بناء المنظومة الجديدة، وهو ما يتطلب جهدًا كبيرًا وحقيقيًا وتفعيلًا حقيقيًا لدور المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي واستكمال باقي هيكله التنظيمي والإداري حتي يقوم بدوره على أكمل وجه.
*باحث فى مجال الذكاء الاصطناعي - حاصل على دكتوراة فى حوكمة الذكاء الاصطناعي
0 تعليق