في وقت تبدو فيه الساحة الاقتصادية المصرية أكثر احتياجًا للقرارات الجادة والتنفيذ الفعلي، تفاجئنا الأخبار بإطلاق "قمة كبار المستشارين والمستثمرين" بالشراكة بين بلتون القابضة وفوربس الشرق الأوسط.
الإعلان جاء وكأنه يبشر بانقلاب في مشهد الاستثمار الإقليمي، مع الكثير من الصور الرسمية والابتسامات العريضة بين داليا خورشيد، الرئيس التنفيذي لبلتون، وخلود العميان، رئيسة تحرير فوربس .. ولكن خلف هذا البريق الإعلامي، تطرح الأسئلة نفسها بقوة: ما جدوى القمة؟ ومن المستفيد الحقيقي منها؟
تبدو التسمية فخمة: "قمة كبار المستشارين والمستثمرين"، لكنها تفتقر إلى أي دلالات واقعية تؤكد أن أسماء ثقيلة في عالم الاقتصاد والاستثمار ستشارك فعليًا .. غموض يكتنف تفاصيل القمة، من قائمة الحضور إلى جدول الأعمال.
كما أن العبارات الفضفاضة المستخدمة في البيان الصحفي مثل "نخبة من الشركات" و"استكشاف الفرص الواعدة" لا تحمل مضمونًا حقيقيًا، بل تعكس محاولة لتضخيم حدث يبدو أقرب إلى مناسبة علاقات عامة أو تعارف.
عند التعمق في خلفية الشركاء، تبرز علامات استفهام أكثر من مؤشرات الطمأنينة "فوربس الشرق الأوسط"، رغم شهرتها الإعلامية، تخضع لتحكم شبكات مصالح متعددة، ولا تمتلك وزنًا حقيقيًا في صياغة سياسات اقتصادية أو توجيه رؤوس أموال نحو أسواق ناشئة.
أما بلتون، فتمر بمرحلة دقيقة من تاريخها، ويبدو أن جزءًا من هدف القمة هو تحسين الصورة الذهنية للشركة داخليًا وخارجيًا، وليس دعم الاستثمار في مصر كما يروج له.
ومن حيث التوقيت، يأتي هذا الحدث وسط تصاعد كبير في حجم الاستثمارات الحقيقية التي تجذبها مصر دون الحاجة إلى مؤتمرات أو قمم براقة .. فالبلاد باتت تركز على الإنجاز الميداني وتوقيع الاتفاقات الفعلية، ولم تعد بحاجة إلى مؤتمرات الفنادق الفاخرة والتقاط الصور لملء الفراغ الإعلامي.
كما أن تنظيم القمة في نسختها الأولى لم يعكس أي مستوى من الجدية أو المهنية، خاصة وأن جدول أعمالها فضفاض وغير محدد الأهداف.
وتخصيص القمة لمناقشة "مستقبل الاستثمار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" دون تحديد أولويات واضحة أو تقديم دراسات واقعية، يجعل منها حدثًا أقرب إلى الاستعراض منه إلى المبادرة الفعالة.
الحديث في أروقة شركات الأوراق المالية لا يخلو من التشكك .. هناك من يعتبر أن القمة مجرد ستار لتلميع وجوه بعينها داخل الشركة المنظمة، في إطار مصالح متشابكة مع فوربس الشرق الأوسط فالعلاقة القوية بين إدارات الجهتين تلعب دورًا محوريًا في تسويق المؤتمر، دون أن يكون هناك أي محتوى حقيقي يمكن البناء عليه اقتصاديًا.
وفي ظل كل هذا الغموض، يبقى السؤال الأهم مطروحًا: لماذا نحتاج إلى مؤتمر آخر؟ مصر لا تعاني من نقص في المبادرات أو الخطط، بل تحتاج إلى ترجمة تلك الخطط إلى إنجازات ملموسة على الأرض، بعيدًا عن الفعاليات الاستعراضية التي لا تخدم إلا أصحابها.
ببساطة، مؤتمر بلتون وفوربس ليس سوى محاولة لصناعة حدث إعلامي ضخم بلا قاعدة حقيقية، وسط مشهد اقتصادي مصري بدأ يتجاوز هذه المظاهر الشكلية نحو واقع استثماري حقيقي ومتطور.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق