يعيش ملايين الحجاج تجربة إيمانية استثنائية، تتجلى فيها مشاعر الطمأنينة والخشوع في أرض المشاعر المقدسة، ومن أبرز هذه المشاعر "منى" و"مزدلفة"، حيث يبيت الحجاج التزامًا بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واقتداءً بأفعاله في حجة الوداع، ولكن تبقى هناك تساؤلات تتكرر كل عام، تتعلق بكيفية المبيت الصحيح في هذين الموضعين، وما حكمه، وما هي الاستثناءات المباحة، وفي هذا التقرير نعرض تفاصيل المبيت في منى ومزدلفة، وأحكامه، وكيف يتحقق الامتثال لهذه الشعيرة بهدوء ويسر.
المبيت في منى ومزدلفة ليس مجرد التزام مكاني وزماني، بل هو عبادة تحمل في طياتها دروسًا في الانضباط، والطاعة، والتجرد من مظاهر الدنيا، وأداء هذه الشعيرة بهدوء ويقين يعمّق المعنى الروحي للحج، ويقرّب العبد من خالقه في أجمل مشاهد الطاعة
كيفية المبيت في مزدلفة
المبيت في منى ومزدلفة يعد من الشعائر المهمة التي يؤديها الحجاج خلال أيام الحج، وهو من واجبات الحج وليس من أركانه، أي أن تركه لا يُبطل الحج لكنه يُوجب فدية، ويبدأ الحاج المبيت في مزدلفة بعد الانتهاء من الوقوف بعرفة في التاسع من ذي الحجة، حيث ينصرف الحجاج بعد غروب الشمس متجهين إلى مزدلفة، وهناك يصلون المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا دون سنة بينهما، ويبيتون حتى فجر اليوم التالي، ويُستحب للحاج أن يلتقط الجمار وهي الحصيات من مزدلفة استعدادًا لرمي جمرة العقبة الكبرى، ويتحقق المبيت في مزدلفة بالمكث فيها معظم الليل، وإن كان بعض العلماء أجازوا الانصراف بعد منتصف الليل للضعفة والنساء ومن معهم، تخفيفًا ورحمة بهم.
المبيت في منى
يبدأ المبيت في منى من ليلة الحادي عشر حتى ليلة الثالث عشر من ذي الحجة، وهي أيام التشريق، حيث يمكث الحاج في منى أغلب الليل، ثم يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال في كل يوم من أيام التشريق، والمبيت فيها واجب على غير المعذور، ومن تركه فعليه دم.
ورخّص الشرع للمرضى وكبار السن ومرافقيهم بعدم المبيت في منى، مراعاة لأحوالهم، وكذلك سمح بالتوكيل في رمي الجمرات لمن لا يستطيع، وويُنصح الحاج بأن يحرص على اغتنام هذه الليالي في الذكر والدعاء، والتأمل في معاني التواضع والتجرد، إذ يعيش في خيام بسيطة وسط إخوة في الدين من شتى بقاع الأرض، في مشهد يجسّد وحدة المسلمين.
0 تعليق