أكد الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي، أن ما شهدته امتحانات الثانوية العامة في السنوات الأخيرة من أخطاء في صياغة بعض الأسئلة، خاصة في المواد العلمية مثل الفيزياء، يستدعي مراجعة شاملة لآليات إعداد الامتحانات، مشددًا على أن الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا ترفيهيًا، بل أصبح ضرورة ملحة لضمان جودة هذه الامتحانات.
وأوضح شوقي أن الذكاء الاصطناعي بات عنصرًا محوريًا في العديد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع التعليم، حيث يتداخل في مختلف مراحل العملية التعليمية، بدءًا من تخطيط الدروس، ومرورًا بإعداد المحتوى، ووصولًا إلى وضع الامتحانات وتصحيحها.
ولفت إلى أن عددًا من الدول المتقدمة قد سبقت إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في إعداد اختبارات الطلاب بمراحل التعليم المختلفة، بل واعتمدته كذلك في عملية التصحيح الآلي لتحقيق الدقة والعدالة.
وأشار الخبير التربوي إلى أن السنوات القليلة المقبلة ستشهد توسعًا كبيرًا في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال إعداد وصياغة أسئلة الامتحانات، وهو ما يجعل من الضروري البدء بتطبيقه في إعداد امتحانات الثانوية العامة من الآن، مستفيدين من مزاياه العديدة، وعلى رأسها ضمان دقة الصياغة اللغوية والفنية للأسئلة، إذ تصل احتمالات الخطأ في نتائج الذكاء الاصطناعي إلى مستويات قريبة من الصفر، وهو ما يصعب تحقيقه بالاعتماد الكامل على العنصر البشري.
وأضاف شوقي أن الذكاء الاصطناعي يوفر لواضعي الامتحانات مجموعة كبيرة من الصياغات المتنوعة للسؤال الواحد، مما يمنحهم مرونة كبيرة في اختيار الصيغة الأنسب، إلى جانب قدرته على إعداد هيكل الامتحان بشكل منهجي دقيق، يشمل احتساب الأوزان النسبية لموضوعات المنهج، ومستويات الأهداف التعليمية، وتحديد عدد الأسئلة المخصص لكل جزء بناءً على الأهمية ونواتج التعلم المستهدفة.
كما أشار إلى أن من أبرز قدرات الذكاء الاصطناعي تحديد الإجابة الأدق من بين عدة إجابات محتملة تبدو جميعها صحيحة بدرجات متقاربة، وهي ميزة لا تكون دائمًا متوفرة في التقدير البشري، ما يؤدي أحيانًا إلى وجود أكثر من إجابة صحيحة بنفس القوة، ما قد يربك الطالب والمصحح على حد سواء.
وأضاف الخبير، أن الذكاء الاصطناعي يساهم أيضًا في منع التكرار الحرفي لأسئلة سابقة، سواء تلك التي وردت في امتحانات الأعوام الماضية، أو التي تم تضمينها في محتويات الكتب الخارجية، مما يضمن تجديد الأسئلة وتنوعها باستمرار.
ونوّه شوقي بأن من بين أبرز الفوائد الأخرى لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الامتحانات، قدرته على ابتكار أسئلة جديدة وغير نمطية، تسهم في التمييز بين مستويات الطلاب بشكل أكثر دقة وموضوعية، إلى جانب توفير الوقت والجهد المبذولين في إعداد الأسئلة ونماذج الإجابات، ودقته العالية في بناء بنوك الأسئلة وفقًا لتصنيفات مدروسة تشمل درجات الصعوبة والسهولة.
وشدد الخبير التربوي على أن هذه التقنيات يمكن أن تسهم أيضًا في تدريب المعلمين على كيفية صياغة الأسئلة الامتحانية بصورة سليمة، ومتوافقة مع المعايير التربوية الحديثة، بما يرفع من كفاءتهم المهنية ويثري قدراتهم في هذا المجال.
واختتم شوقي تصريحاته بالتأكيد على أن توظيف الذكاء الاصطناعي في إعداد الامتحانات لا يلغي دور العنصر البشري، بل يجب النظر إليه كأداة داعمة تعزز من كفاءة واضعي الامتحانات، وتساعدهم في تقليل احتمالات الخطأ، وضمان جودة المحتوى المُقدم للطلاب.
0 تعليق