في إطار توجه الدولة لتعزيز الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة، وزيادة فرص التعليم ما قبل الابتدائي، قررت الحكومة مقترحات للتوسع في إنشاء فصول ودور حضانة لرياض الأطفال، بهدف سد الفجوة في أعداد الحضانات واستيعاب الأعداد المتزايدة من الأطفال في هذه المرحلة العمرية الحساسة.
وأكدت الحكومة أن مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي تُعد من أهم الفترات في تكوين الطفل، مشيرة إلى وجود تكليفات رئاسية بالتوسع في إنشاء الحضانات وتيسير إجراءات ترخيصها، بما يُمكن من تقديم الخدمة لعدد أكبر من الأطفال على مستوى الجمهورية.
قرارات وتوجهات حكومية.. استغلال المنشآت العامة وزيادة المعروض
قررت الحكومة العمل على زيادة عدد فصول رياض الأطفال من خلال استغلال المباني والمنشآت التابعة للجهات الحكومية المختلفة، وتيسير إجراءات تخصيصها لهذا الغرض.
كما أكدت على الاستعداد لاتخاذ القرارات اللازمة لسرعة التنفيذ، خاصة في ظل الحاجة الملحة إلى نحو 70 ألف فصل إضافي لاستيعاب جميع الأطفال في هذه المرحلة.
وفي هذا السياق، تم طرح باستغلال المنشآت الحكومية القائمة، مثل بعض المباني في الوزارات، ومراكز الشباب، وقصور الثقافة، لتحويلها إلى دور حضانة وفصول لرياض الأطفال، مع العمل على تسهيل إجراءات الترخيص وتوفيق أوضاع الحضانات غير المرخصة.
عجز في الفصول وتحديات تنظيمية
وفقًا للبيانات الحكومية، يبلغ عدد الحضانات المسجلة رسميًا في مصر 16،560 حضانة، بنسبة ترخيص تقترب من 80%، بينما بلغ عدد الأطفال المسجلين فيها نحو 621،806 طفل، ويجري تنفيذ برنامج وطني لميكنة خدمات الطفولة المبكرة، يشمل التراخيص والمتابعة، لتحسين الكفاءة التشغيلية ورفع جودة الخدمة المقدمة.
كما تم الانتهاء من إعداد مقترح لتعديل اللائحة التنفيذية المنظمة لدور الحضانة، بما يُسهّل عمليات الترخيص ويُعزز الرقابة على الأداء، خاصة للحضانات التي تستقبل الأطفال من عمر يوم وحتى 4 سنوات.
خطة حتى 2027: رفع الكفاءة وزيادة الإتاحة
تتضمن الخطة المستقبلية حتى عام 2027 العمل على رفع كفاءة 113 حضانة قائمة، وإنشاء 176 حضانة جديدة، إلى جانب تدريب أكثر من ألفين من العاملين ومقدمي الخدمة في هذا القطاع، من بينهم مديرون ومربيات وأولياء أمور، مع تعميم منهج تربوي موحد يتناسب مع الخصائص النمائية للأطفال في هذه الفئة العمرية.
كما أظهرت البيانات أن عدد الحضانات التي تم تسليمها في المدن الجديدة خلال السنوات الثلاث الماضية بلغ 27 حضانة، بينما يجري حاليًا إنهاء وتسليم 77 حضانة إضافية، إلى جانب 49 حضانة أخرى من المتوقع جاهزيتها خلال عامين.
وفي مدارس التعليم الأساسي بالمدن الجديدة، من أصل 308 مدرسة، يوجد 80 مدرسة فقط مزودة بفصول حضانات، بإجمالي 353 فصلًا، ما يعكس الحاجة إلى توسع أكبر في هذا الجانب.
ووجهت الحكومة بإجراء حصر شامل لكافة المباني غير المستغلة في المدن الجديدة لاستخدامها كفصول أو دور حضانة، مع دراسة إمكانية تحويل بعض المباني السكنية إلى نشاط حضانات برسوم رمزية، ووضع كود موحد للمواصفات الخاصة بالحضانات وفقًا للفئة العمرية (من يوم إلى 4 سنوات، ومن 4 إلى 6 سنوات).
كما تقرر تشكيل لجنة لتيسير إجراءات الترخيص وتوفيق أوضاع الحضانات غير المرخصة، مع تنفيذ مسح شامل للمؤسسات العاملة في مجال الطفولة المبكرة، بهدف إنشاء قاعدة بيانات مركزية وخرائط جغرافية تُسهم في رسم السياسات المستندة إلى المعلومات
مرحلة ما قبل المدرسة تصنع فارقًا طويل المدى في شخصية الطفل
قالت "منى جلال"أخصائية تعديل السلوك النفسي للأطفال، لـ(البوابة نيوز)، إن المرحلة السابقة للتعليم الابتدائي تُعد حجر الأساس في تشكيل شخصية الطفل وبناء مهاراته الاجتماعية والانفعالية، مؤكدة على أن الأطفال الذين لا يلتحقون بأي نوع من الحضانات خلال السنوات الأولى يعانون لاحقًا من مشكلات في التفاعل مع الآخرين، وضعف في الثقة بالنفس، وتأخر في المهارات اللغوية والإدراكية، ولفتت إلى أن السنوات من عمر يوم حتى 6 سنوات تُعرف في علم النفس التنموي بـ"المرحلة الحرجة"، حيث ينمو فيها الدماغ بسرعة ويكتسب الطفل أساسيات السلوك والتعلم، مشيرة إلى أن غياب البيئة المنظمة والمحفزة في تلك الفترة قد يُصعّب لاحقًا عمليات التعلُّم وضبط السلوك.
وأوضحت الأخصائية أن وجود الطفل في حضانة مؤهلة يساهم في بناء عادة الانضباط، والقدرة على اتباع التعليمات، وتطوير المهارات الحركية الدقيقة، إلى جانب تعلم التعبير عن المشاعر بلغة مناسبة، وهو ما ينعكس لاحقًا في أدائه الأكاديمي وسلوكه المجتمعي، مضيفة أن هناك فرقًا واضحًا بين الطفل الذي يتعرض لتحفيز منتظم في حضانة منظمة، والطفل الذي يظل في بيئة غير تفاعلية، سواء معتمدًا على الأجهزة الإلكترونية أو في عزلة اجتماعية داخل المنزل.
0 تعليق