خبراء القانون الدولى: الاحتلال ينتهك القانون الإنسانى الدولي.. وأفعال إسرائيل قد تُشكل جريمة حرب
بينما نفت الحكومة الإسرائيلية علنًا أن حصارها لغزة يُسهم فى كارثة إنسانية، تكشف التقييمات الداخلية الأخيرة التى أجراها مسئولون عسكريون إسرائيليون عن صورة مُغايرة تمامًا. ووفقًا لمصادر دفاعية مُتعددة، أقرّ بعض المسئولين فى أجهزة الأمن الإسرائيلية سرًا بأنه ما لم تُستأنف المساعدات الغذائية فى غضون أسابيع، فإن غزة على شفا مجاعة واسعة النطاق. ويأتى هذا القلق المُتزايد فى ظلّ تصاعد الصراع وتزايد التدقيق فى الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.
ويُبلغ ضباط الجيش الإسرائيلى المسئولون عن مراقبة الأوضاع الإنسانية فى غزة قادتهم الآن، وبشكل عاجل، بأن الوضع مُزرٍ. وفقًا لمصادر مجهولة، يتوقع الجيش أنه ما لم يُرفع الحصار، فإن العديد من مناطق غزة ستنفد من الغذاء فى غضون أسابيع، مما يجعل السكان غير قادرين على تلبية حتى أبسط احتياجاتهم الغذائية.
مع استمرار نضوب الإمدادات الغذائية، تُغلق المخابز أبوابها، وقد نفد بالفعل مخزون برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة من الغذاء. وأصدر التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، وهو مبادرة تدعمها الأمم المتحدة، مؤخرًا تحذيرًا من أن المجاعة وشيكة ما لم تُتخذ خطوات فورية لرفع القيود المفروضة على المساعدات.
فجوة متزايدة
تشير التقييمات الداخلية لضباط الجيش الإسرائيلى إلى وجود فجوة كبيرة بين الموقف العلنى للحكومة والواقع على الأرض. يتمحور التبرير الرسمى الإسرائيلى للحصار حول الحاجة إلى الحد من قدرة حماس على الاستفادة من الغذاء والوقود المخصصين للمدنيين. وتجادل إسرائيل بأن هذا سيضعف حماس، مما قد يؤدى إلى إطلاق سراح رهائن وتسهيل تحقيق أهداف عسكرية. ومع ذلك، يشير المنتقدون إلى أن السكان المدنيين يتحملون وطأة هذه الإجراءات، التى يُنظر إليها بشكل متزايد على أنها لا إنسانية وغير قانونية بموجب القانون الدولي.
على أرض الواقع فى غزة، يعانى الفلسطينيون من نقص حاد فى المواد الغذائية، مع ارتفاع حاد فى أسعار المواد الغذائية بشكل لا يمكن السيطرة عليه. وترسم التقارير الواردة من المدنيين صورة قاتمة، حيث تعيش بعض العائلات على وجبة واحدة فقط يوميًا. ووصف خليل الحلبي، أحد كبار السن من سكان مدينة غزة، فقدانه الشديد للوزن وعدم قدرته على المشى بسبب سوء التغذية الحاد. وتوضح ابنته، غير القادرة على الرضاعة الطبيعية بسبب نقص الغذاء، تفاقم الأزمة الإنسانية.
يتفاقم الوضع المتردى فى غزة بسبب نقص الإمدادات الطبية الكافية وانهيار العديد من مطابخ الجمعيات الخيرية التى كانت تقدم وجبات الطعام للسكان الفقراء.
المخاوف القانونية
أصبحت قانونية الحصار الإسرائيلى موضع خلاف، حيث أكد العديد من خبراء القانون الدولى أنه ينتهك القانون الإنسانى الدولي. وبموجب قوانين النزاعات المسلحة، يُحظر على أى دولة عرقلة وصول المساعدات إلى المدنيين إذا كانت تُدرك أن مثل هذه الإجراءات ستؤدى إلى المجاعة. ويجادل خبراء مثل جانينا ديل من معهد الأخلاق والقانون والنزاعات المسلحة بجامعة أكسفورد بأن أفعال إسرائيل قد تُشكل جريمة حرب إذا كانت تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية على حساب حياة المدنيين.
لم تُعالج الحكومة الإسرائيلية هذه المخاوف بشكل مباشر بعد، لكنها دافعت مرارًا وتكرارًا عن الحصار، مُؤكدةً أنه ضرورى للحد من عمليات حماس. ومع ذلك، يؤكد المنتقدون أن تأثير الحصار على السكان المدنيين غير متناسب، ويتساءل كثيرون عما إذا كانت الأهداف العسكرية الإسرائيلية تستحق التكلفة الإنسانية.
الإدانة الدولية
تتزايد الإدانة الدولية لأفعال إسرائيل. فى اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، دعا مسئولون إنسانيون ودبلوماسيون إسرائيل إلى السماح فورًا باستئناف إيصال المساعدات. واتهم توم فليتشر، منسق الشئون الإنسانية فى الأمم المتحدة، إسرائيل بفرض ظروف لا إنسانية "عمدًا ودون خجل" على المدنيين فى غزة. ودعا جميع أعضاء مجلس الأمن، باستثناء الولايات المتحدة التى لا تزال تدعم إسرائيل بقوة، إلى تدفق المساعدات إلى غزة دون قيود لتخفيف الأزمة الإنسانية.
*نيويورك تايمز
0 تعليق