اعتبر هشام بلاوي، رئيس النيابة العامة، مساء اليوم الخميس، أن المحاماة تمثل أحد جناحي العدالة إلى جانب القضاء، مؤكدا أن العدالة تحلق بهما لبلوغ أعلى مراتب تجسيد حقوق الدفاع وأسمى مستويات تحقيق المحاكمة العادلة.
وأضاف رئيس النيابة، في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية للدورة 32 من مؤتمر جمعية هيئات المحامين الذي تستضيفه مدينة طنجة، وقال مخاطبا المحامين: “نحن نتقاسم القيم نفسها ونحمل الرسالة نفسها ونتنفس القيم النبيلة نفسها، لأننا معاً مجندون لخدمة مبادئ العدالة الفضلى”.
وأكد بلاوي أن “المؤتمر يشكل لحظة مهمة تستدعي التوقف عندها للاقتداء بنماذج خيرة من السادة النقباء والمحامين الأفذاذ الذين ساهموا في تأسيس هيئاتكم، وتجسيد حضورها الوازن طيلة عقود تناوب على رئاستها وعضويتها نقباء دافعوا عن سمو رسالة العدالة وتركوا إرثا غنيا بأعرافه وتقاليده، وَسَطَّرُوا بفكرهم ومواقفهم ونضالاتهم صورا خالدة ومُشْرِقَة تعكس سمو رسالة المهنة”.
وزاد رئيس النيابة العامة مشيدا بجيل التأسيس من المحامين: “لم يكونوا مجرد محامين، بل كانوا أيضا رجالات دولة وفقهاء ومربين وقدوة للأجيال، وها هو خَلَفُهم اليوم يسير على نور من هُداهم ويقتفي أثر الخالدين منهم”، مهنئا باسم قضاة النيابة أسرة المحاماة “العريقة” على ما تقوم به من مهام “خدمة للعدالة التي كانت على الدوام ملاذاً للمستضعفين ومَلْجَأً للسّاعِين إلى البحث عن حقوقهم”.
وأردف بلاوي منوها بالمهنة ومنتسبيها، إذ “عرفت قامات دفاعية سجلت بكل اعتزاز طيلة مسيرة قرن مواقف مُشَـِّرفة ومُشْرِقَة في مسار بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، والدفاع عن قضايا العدالة والقضايا الوطنية والإنسانية والحقوقية”، وشدد على أن “هذه المواقف والرسالة السامية حملتها أسرة الدفاع ببذلتها السوداء لتضيء طريق الآخرين”.
كما أشار المتحدث إلى أن “استحضار اللحظات التاريخية يعد محطة مهمة لربط الماضي بالحاضر من أجل السير قدما في طريق الرقي بمنظومة العدالة ببلادنا”، مؤكدا “ضرورة أن يكون فيها لأسرة الدفاع دور أساسي من أجل كسب التحديات الراهنة في ظل التحولات المتسارعة التي تفرضها العولمة الاقتصادية بتجلياتها المختلفة”.
وتابع المسؤول ذاته بأن “الطفرات التكنولوجية المتسارعة أصبحت تطرح جملة من الإكراهات بسبب الاستعمال المتزايد للتقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، وهي تحديات تنضاف إلى أخرى تتطلب تعبئة الطاقات والالتفاف حول القيم والمبادئ النبيلة المؤطرة لمهنة الدفاع والانخراط الواعي والمسؤول في دينامية التغيير والتحديث، بما يقوي من موقعها المؤسسي الفاعل في مواصلة بناء دولة الحق والقانون”.
وأورد رئيس النيابة العامة “أهمية السير في هذا الاتجاه على هدي التوجيهات الملكية السامية في هذا الإطار، إذ قال جلالته في رسالته السامية الموجهة للمشاركين في أشغال الدورة الثانية للمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب بالدار البيضاء يوم 20 نونبر 2000 ما يلي: ‘ونتيجة لهذه التحديات فإن المحاماة توجد اليوم في موقع دفاع، حيث لا تفقد قواعدها وتقاليدها وأعرافها وثقة من يلجأ إليها. ولن يتسنى رفع تلكم التحديات إلا بالعمل على إصلاح وهيكلة المهنة وفق تنظيم حديث ومتطور يحافظ للمحاماة على استقلالها وحرمتها ويضمن في الوقت نفسه تطورها وتكيُّفها مع المتطلبات المستجدة'”.
كما اعتبر بلاوي مؤتمر جمعية هيئات المحامين بالمغرب محطة وطنية هامة لمناقشة مختلف القضايا المرتبطة بمهنة المحاماة وطرح التحديات الراهنة، كما عده فرصة سانحة لتسليط الضوء على الدور المحوري الذي تضطلع به أسرة الدفاع في حماية الحقوق والحريات وصون استقلالية المهنة.
0 تعليق