منجم معادن أرضية نادرة قد يخلص أميركا من قبضة الصين.. ما قصته؟

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اقرأ في هذا المقال

  • تحتكر الصين أنشطة تعدين نحو 61% من المعادن الأرضية النادرة عالميًا
  • يمول البنتاغون كثيرًا من المبادرات الخاصة بأنشطة تعدين المعادن النادرة
  • يُنتِج منجم بيركلي 15% من المعروض العالمي من العناصر النادرة
  • توقعات بارتفاع الطلب على المعادن الأرضية النادرة إلى 600%
  • يحوي بيركلي أكثر من 50 مليون غالون من مياه الصرف الغنية بالمعادن

يبرز منجم معادن أرضية في الولايات المتحدة الأميركية بوصفه محورًا جديدًا في معادلة الصراع الدائر بين واشنطن وبكين للهيمنة على تلك الصناعة الإستراتيجية، وفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ووفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية، تحتكر الصين أنشطة تعدين نحو 61% من المعادن الأرضية النادرة عالميًا إلى جانب 92% من سعة التكرير العالمية لتلك المعادن؛ ما يُثير هلع أميركا والغرب بشأن تعرّض سلاسل إمدادات تلك الصناعة للخطر، وما يمثّله من تهديدات لأمن الطاقة.

وبناءً عليه، تُموّل وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" جزءًا كبيرًا من المبادرات الخاصة بأنشطة تعدين المعادن الأرضية النادرة والمعادن الحيوية الأخرى، بما في ذلك منجم بيركلي، وهو منجم المعادن الأرضية النادرة الوحيد النشط في أميركا وينتِج 15% من المعروض العالمي من تلك العناصر.

وتحوي قائمة المعادن الأرضية النادرة 17 عنصرًا تحمل خواص كهربائية ومغناطيسية فريدة: اللانثانوم، والسيريوم، والبراسيوديميوم، والنيوديميوم، والبروميثيوم، والسماريوم، واليوروبيوم، والغادولينيوم، والتيربيوم، والديسبروسيوم، والهولميوم، والإربيوم، والثوليوم، والإيتربيوم، واللوتيتيوم، والسكانديوم، والإيثريوم.

منجم بيركلي

تحتضن الولايات المتحدة الأميركية منجم معادن أرضية نادرة ليس مدفونًا تحت الأرض، ولكنه عالق في مياه النفايات السامة، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

فمن الممكن أن يتحول موقع في مدينة بوت بولاية مونتانا -الذي طالما كان مصدرًا للتلوث- إلى أحد الأصول الوطنية القيمة، في الوقت الذي خصّصت فيه وزارة الدفاع الأميركية منحة قدرها 75 مليون دولار لبناء جهاز تركيز (concentrator)، وهي الخطوة الأخيرة اللازمة لتكرير المعادن الأرضية النادرة المستخرَجة من مياه المناجم الحامضية، وإطلاق الإنتاج بصورة كاملة.

وإذا حصل على الموافقة فسيُسهم مشروع بوت الموجود حول منجم بيركلي في دفع الجهود المبذولة بوساطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لرفع الإنتاج المحلي من المعادن الأرضية النادرة، المكتشفة في المنجم.

المعادن الأرضية النادرة ساحة صراع بين أميركا والصين

منجم إستراتيجي لمواجهة الصين

تُسابق الولايات المتحدة الزمن لخفض اعتمادها على الصين التي تهيمن على إمدادات المعادن الأرضية النادرة، والتي سبق أن استعملَت قوتها التصديرية وسيلةً في النزاعات التجارية.

ومع وجود منجم معادن أرضية نادرة واحد عامل في مدينة ماونتن باس بولاية كاليفورنيا، طالما كافحت الولايات المتحدة لمواكبة المنافسة الشرسة مع الصين، غير أن التقنيات الحديثة المستعمَلة في استخراج المعادن من مياه الصرف الصحي من الممكن أن تعيد كتابة القصة.

ويحذّر الخبراء في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية من أن الفجوة الحاصلة في الإمدادات تمنح الصين أسبقية في تسريع قدراتها الدفاعية، وهو التهديد الذي تسعى أميركا حاليًا إلى درئه.

وفي سياق تلك الجهود حولت إدارة ترمب تركيزها على احتياطيات المعادن الأرضية النادرة في غرينلاند وأوكرانيا اللتين تحويان رواسب ضخمة من تلك العناصر، ومؤخرًا أصدرت توجيهاتها بالتحول نحو التعدين في قاع البحار، بحثًا عن المعادن في قاع المحيطات، بما في ذلك المياه الإقليمية.

50 مليون غالون

يحوي منجم بيركيلي ما يزيد على 50 مليون غالون من مياه الصرف الصحي الحمضية السامة الغنية بالمعادن، وهي نفايات سامة من أنشطة تعدين النحاس في السابق، وفق صحيفة نيويورك تايمز.

غير أن هذا المزيج الخطير يحوي عناصر عالية القيمة، مثل النيوديميوم والبراسيوديميوم، وهي عناصر أساسية في صناعة المغناطيسات القوية المستعمَلة في تصنيع الهواتف الذكية والمركبات الكهربائية والصواريخ والأقمار الاصطناعية الموجهة بدقة.

وتحتوي طائرة من طراز إف-35 -على سبيل المثال- على 900 رطل من المعادن الأرضية النادرة.

وحال استغلالها على النحو المنشود، من الممكن أن يصل إنتاج منجم بيركلي إلى 40 طنًا من المعادن الأرضية النادرة، وفق تقديرات الباحثين.

منجم بيركلي
منجم بيركلي - الصورة من montanafreepress

تقنية رائدة

يُعزى الفضل في التقنية الرائدة المستعمَلة في مشروع منجم بيركلي إلى الباحث في مجال المياه بجامعة غرب فرجينيا بول زيمكيفيتش، الذي نجح بمعاونة فريقه في تطوير طريقة لاستخراج المعادن الحيوية من مياه الصرف الحمضية في المناجم.

وتُظهِر التقنية التي استُعمَلت للمرة الأولى في مناجم الفحم، والمطورة بالتعاون مع شركة هندسة الكيماويات "إل 3 بروسيس ديفيلوبمنت"، حاليًا آفاقًا واعدةً في منجم بيركلي الغني بالمعادن.

وقال زيمكيفيتش الذي يدرس المنجم منذ 25 عامًا: "أحد الأشياء الجيدة بشأن مياه الصرف الحمضية في المنجم هو أن التركيزات التي نحصل عليها تتوافر بصورة خاصة في المعادن الأرضية النادرة"، مضيفًا: "التركيزات الخفيفة ليست ذات قيمة"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويعتمد هذا النهج على تقنية بسيطة وقابلة للتطوير لتحويل المياه الملوثة إلى مورد؛ إذ تُملأ أكياس بلاستيكية كبيرة ومنسوجة بكثافة بما يشبه الطمي المُرشّح من مياه الصرف الصحي في المنجم.

ومع تصريف المياه ببطء، يتبقى مُركّز مُسبق يحتوي على قرابة 1% إلى 2% من العناصر الأرضية النادرة، ثم يخضع المركز المتبقي بعد ذلك لمعالجة كيميائية لفصل العناصر القيمة.

الخطوة الأخيرة

تأتي الخطوة الأخيرة في العملية الحاصلة على براءة اختراع، المعروفة باسم الاستخلاص بالمذيبات، وهي تقنية تفصل وتنقّي المعادن الأرضية النادرة الفردية؛ ما ينتُج عنه المواد عالية الجودة اللازمة للتقنيات المتطورة.

ويرى الباحث في مجال المياه بجامعة غرب فرجينيا بول زيمكيفيتش، أنه إذا طُبِّقت هذه التقنية على مواقع أخرى، فإنها ستُوفِّر تقريبًا جميع المعادن الأرضية النادرة التي تستوردها الولايات المتحدة حاليًا لأغراض الدفاع، والتي تلامس نحو 1400 طن سنويًا.

ومع توقعات ارتفاع الطلب على المعادن الأرضية النادرة بنسبة تصل إلى 600% في العقود المقبلة، من الممكن أن تثبت تلك المصادر المحلية جدواها في مواجهة النفوذ المتنامي للصين في تلك الصناعة الإستراتيجية.

موضوعات متعلقة..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق