بعد تحركات مشبوهة قرب منطقة المحبس على مشارف الجدار الأمني، أدت إلى مقتل المسمى “قائد الناحية العسكرية السادسة” في جبهة “البوليساريو” الانفصالية، أكد خبراء مغاربة أن “استمرار التحركات العدائية والتحرشات الميدانية من طرف الجبهة يقرّبُ إعلانها تنظيما إرهابيا”، مسجلين أن “عمليات الردع المتواصلة تمثل أوراق إدانة لحضور سوء النية للقيام بأعمال إجرامية تجاه الجيش المغربي والمدنيين في الأقاليم الجنوبية”.
وأفادت مصادر متطابقة أمس الخميس بأن استهداف القوات المسلحة الملكية القائد الانفصالي تم بعد رصد سيارة عسكرية محملة بقذائف من نوع “غراد”، كانت بصدد التوغل داخل المنطقة العازلة من أجل تنفيذ عملية عدائية، مشيرة إلى أن “التدخل السريع أسفر عن تدمير الآلية بشكل كامل ومقتل جميع من كانوا على متنها”.
تصنيف منتظر
عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، قال في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إن “الأفعال العسكرية تحاول البوليساريو أن تسوق بها استمرار وجودها في الميدان، إلا أن الرد الحازم والصارم من قبل الطائرات المسيرة المغربية يعمق لديها حالة اليأس والإحباط، ويجعلها في خيبة أمام حاضنتها الجزائر وأمام محتجزيها في مخيمات تندوف”.
وأضاف الفاتيحي أن “الإمعان في خرق وقف إطلاق النار والتنصل من الالتزامات الدولية يعطي المغرب شرعية كاملة للرد بكل بأس وقوة لوقف تحركات المشبوهة في المنطقة العازلة”، متابعا بأن “البوليساريو وهي تحاول لفت الرأي العام الدولي تفقد التعاطف أمام أفعال مماثلة تفضح حقيقة خروجها عن مختلف مقتضيات الشرعية الدولية، وتسرع بذلك عملية تصنيفها كتنظيم انفصالي إرهابي من لدن المجتمع الدولي”، وزاد: “ما تقوم به الجبهة من أفعال دونية ضد تراب المملكة المغربية سيستعجل المطالب الأمريكية لتصنيفها كتنظيم إرهابي”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الخطوة الأولى من قبل المشرعين الأمريكيين بدأت بوضع مشروع تصنيف الجبهة كتنظيم إرهابي، ما سيزيد من حتمية إصدار قرار بهذا الشأن، لاسيما أن البوليساريو سلكت مسلك التمرد ضد المطالب الدولية التي تدعوها رفقة الجزائر إلى المسارعة بالجلوس إلى طاولة الموائد المستديرة لمناقشة مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد للنزاع حول الصحراء”.
وأردف الخبير نفسه: “إن هذه العملية النوعية التي نفذتها المسيرة المغربية ترسل إشارات تهديد إلى كل من تسول له نفسه محاولة التطاول على السيادة الترابية للمملكة المغربية”، مضيفا أن “الرد الحازم من المغرب يؤكد أنه يستهدف أي تحرك غير قانوني داخل المنطقة العازلة، ويؤكد جدية المملكة المغربية في التعاطي مع أيّ تحرك باعتباره مسا بسيادتها الترابية، وأنها لن تفرط في أي شبر من تراب الصحراء المغربية”.
مأزق عميق للانفصال
شادي البراق عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير الصراع، قال إن “إدراج ميليشيا البوليساريو في قوائم الإرهاب الدولية هو اليوم ضرورة إستراتيجية لمختلف القوى الدولية والإقليمية الفاعلة لتحقيق الأمن الإقليمي”، مبرزا أن “الأمر أساسي في ظل لجوء ميليشيا البوليساريو إلى تصعيد عملياتها العسكرية في المنطقة العازلة في الآونة الأخيرة، كرد فعل يائس على تراجع الموقف الإقليمي والدولي لصانعتها الجزائر، واشتداد الخناق الدبلوماسي والسياسي حول الأطروحة الانفصالية”.
وأفاد البراق، ضمن تصريحه لهسبريس، بأن “تحييد قائد الناحية العسكرية السادسة لميليشيا البوليساريو هو تأكيد على اليد الطولى للقوات المسلحة الملكية على منطقة العمليات المتقدمة شرق الجدار الأمني العازل، لردع أي محاولة لاستباحة الحدود المغربية من طرف العناصر الإرهابية”، مسجلا أنه “تكريس للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، من الحدود المغربية الموريتانية شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا”.
واعتبر المتحدث أن الأمر “تأكيد عملي على القدرات التسليحية والقتالية والعملياتية للقوات المسلحة الملكية وجاهزيتها العالية لردع ومواجهة مختلف التهديدات والمخاطر الأمنية الإقليمية التي تهدد الأمن القومي للمملكة المغربية، والمصالح العليا للوطن، في ظل التحديات والمتغيرات الجيوسياسية الكبرى التي يعرفها العالم من خلال وضع النقاط فوق الحروف إقليميا ودوليا، لضبط مكانيزمات الأمن البشري في منطقة تريدها الجزائر منطقة فاشلة أمنيا وعسكريا لتنفيذ مخططاتها بخلق دويلة عميلة تخدم أجنداتها”.
وأشار الخبير نفسه إلى أن “الأمر كذلك تأكيد على ضعف القدرات القتالية لميليشيا البوليساريو الإرهابية، وتآكل مشروعها السياسي والعسكري في ظل التغيرات الجيوسياسية الكبرى التي تحدثها المملكة المغربية في ملف النزاع الإقليمي المفتعل، مستندة إلى الشرعية الدولية والالتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن في هذا السياق”.
0 تعليق