ملف عقوبات سوريا.. هل يستطيع ترامب تجاوز الكونجرس؟

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته للشرق الأوسط في مايو 2025 رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، في خطوة وصفها مصدر مطلع لشبكة "سي إن إن" بأنها تحول كبير في السياسة الأمريكية قد يعيد تشكيل الديناميكيات الإقليمية. 

وأفادت وكالة "بلومبرج" أن الإدارة الأمريكية ستسعى للحصول على إعفاء لمدة 180 يومًا من الكونجرس لتخفيف العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر للحماية المدنية السورية، بهدف تعزيز الاستثمار في سوريا ودعم إعادة إعمارها. 

جاء هذا الإعلان خلال لقاء ترامب مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في الرياض، وهو قرار أثار دهشة العديد من المسؤولين الأمريكيين، حيث كان البعض يتوقع تخفيفًا تدريجيًا للعقوبات وليس إلغاءً سريعًا. 

وكشف مصدر مطلع أن الإدارة الأمريكية أجرت منذ أشهر مفاوضات سرية مع مسؤولين سوريين في واشنطن ونيويورك وباريس، ركزت على شروط مثل التعاون في مكافحة الإرهاب، وتدمير الأسلحة الكيميائية المتبقية، وبناء حكومة شاملة تحترم حقوق الأقليات. 

وأكد وزير الخارجية ماركو روبيو أن الإدارة ستصدر تراخيص عامة خلال أسابيع لتخفيف العقوبات على قطاعات اقتصادية حيوية، مع طموح طويل الأجل لإلغاء قانون قيصر بالكامل لضمان استقرار الاستثمارات في سوريا.

كانت السعودية قوة دافعة وراء هذا القرار، حيث لعب ولي العهد محمد بن سلمان دورًا بارزًا في الضغط لرفع العقوبات، مؤكدًا أن ذلك سيحفز الاقتصاد السوري ويعزز الاستقرار الإقليمي. 

وقد أبدت تركيا دعمًا مماثلًا لهذه الخطوة، حيث أجرى مسؤولون أتراك اتصالات مع الولايات المتحدة لدعم جهود تخفيف العقوبات، وشارك الرئيس رجب طيب أردوغان افتراضيًا في الاجتماع الذي جمع ترامب والشرع. 

ومع ذلك، واجهت هذه السياسة معارضة قوية من إسرائيل، حيث حذر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال لقائه مع ترامب في أبريل 2025 من أن رفع العقوبات قد يعزز نفوذ جماعات متطرفة، مشبهًا المخاطر بهجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023.

 وأكد ترامب لاحقًا أنه لم يستشر إسرائيل بشأن القرار، معتبرًا أنه "الشيء الصحيح" لدعم الاستقرار في المنطقة، مما أثار توترًا مع أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة.

يواجه تنفيذ هذه السياسة تحديات لوجستية وفنية معقدة، حيث أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن مراجعة العقوبات قد تستغرق أسابيع لضمان الامتثال للقوانين الأمريكية.

 وأوضح روبيو أن الحكومة السورية المؤقتة أبدت التزامًا مبدئيًا بمبادئ المجتمع الدولي، تشمل تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع الأقليات، والسعي للسلام مع الجيران بما في ذلك إسرائيل، ومكافحة الإرهاب، وتدمير الأسلحة الكيميائية بدعم أمريكي. 

ومع ذلك، أكد خبراء ومنظمات داعمة للمجتمع المدني السوري أن نجاح هذه الخطوة يتطلب رفع القيود على الصادرات الأمريكية إلى سوريا، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، ودعم مشاريع إعادة الإعمار. 

وشدد روبيو على أن بناء علاقة طبيعية مع حكومة الشرع عملية طويلة الأمد، واصفًا العلاقة بأنها في بدايتها، وتتطلب خطوات متبادلة لإثبات الالتزام بالإصلاحات. 

وأشار إلى أن هذه الخطوة تمثل فرصة تاريخية لتحقيق تحول إيجابي في المنطقة، لكنه حذر من أن الفشل في تحقيق تقدم ملموس قد يعيد فرض العقوبات.

يثير هذا القرار انقسامًا داخل إدارة ترامب، حيث عبر سيباستيان غوركا، رئيس مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، عن شكوكه في قدرة الشرع على التخلي عن ماضيه الجهادي، مشيرًا إليه بلقبه السابق "الجولاني" ومعبرًا عن قلقه من "تطبيع" حكومته. 

وفي السياق نفسه، أبدى جويل رايبورن، المرشح لإدارة ملف الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، تحفظات سابقة حول دعم الشرع، لكنه أكد خلال جلسة تأكيده في مجلس الشيوخ التزامه بتنفيذ سياسات ترامب وروبيو. 

وأثارت مخاوف من احتمال اغتيال الشرع، التي طرحها ملك الأردن عبد الله الثاني خلال لقاءات مع أعضاء الكونجرس، قلقًا من أن مثل هذا الحدث قد يشعل حربًا أهلية جديدة في سوريا. 

وأكدت السيناتور جين شاهين، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية، هذه المخاوف، مشيرة إلى أن استقرار سوريا يعتمد على استمرارية القيادة الحالية خلال هذه المرحلة الانتقالية.

تتجاوز تداعيات هذا القرار الحدود السورية، حيث يرى مراقبون أن رفع العقوبات قد يعزز النفوذ الاقتصادي للسعودية وتركيا في سوريا، بينما يثير قلق إسرائيل ودول أخرى من إمكانية استغلال هذه الخطوة من قبل جماعات متطرفة. 

وأشار جوناثان شانزر، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى أن الحكومة السورية المؤقتة أطلقت "حملة دبلوماسية" لتحسين صورتها، مؤكدة أنها تختلف عن نظام الأسد السابق. 

ومع ذلك، يحذر خبراء من أن غياب إصلاحات جوهرية، مثل ضمان تمثيل الأقليات وحماية حقوق الإنسان، قد يقوض هذه الجهود ويعرض الاستقرار الإقليمي للخطر. 

ويبقى مستقبل العلاقات الأمريكية السورية محفوفًا بالتحديات، حيث يتوقف نجاح هذه السياسة على قدرة الحكومة السورية المؤقتة على الوفاء بالتزاماتها، وسط آمال بتحقيق استقرار طويل الأمد ومخاوف من تبعات غير متوقعة قد تعيد المنطقة إلى دوامة الصراع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق