وسط رمال الأهرامات الصامدة عبر العصور، وتحت ظلال التاريخ المتوهج في قلب القاهرة القديمة، نسجت مصر من تراثها العريق مشهداً عالمياً يخلّد عبقرية الحضارة ويعانق وجدان شباب من أكثر من 80 دولة.
كانت الجولة التي نظمها منتدى ناصر الدولي بمثابة نافذة مفتوحة على كنوز مصر الأثرية والدينية، وجسراً يربط الحاضر بالماضي، ويروّج للعالم وجه مصر الساحر كوجهة لا تُضاهى للسياحة الثقافية.
رحلة عبر الزمن
تحوّلت فعاليات اليوم الخامس عشر من منحة ناصر للقيادة الدولية إلى رحلة عبر الزمن، حين نظّم منتدى ناصر الدولي بوزارة الشباب والرياضة جولة ميدانية للمشاركين في النسخة الخامسة من المنحة شملت زيارة أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير ومجمع الأديان، لتصبح مصر هي البطل الأبرز، والتاريخ هو الراوي الأول.
الجولة، التي جرت برعاية الرئاسة المصرية، وبشراكة مع منظمة الأمم المتحدة، لم تكن مجرد نشاط ترفيهي، بل كانت إعلاناً حياً عن تفرد مصر في احتضان تراث إنساني لا يقدر بثمن، تحت شعار "مصر والأمم المتحدة: 80 عامًا تمثيلاً لقضايا الجنوب العالمي"، استقبلت الأهرامات 150 شاباً من 80 دولة، وقفوا مشدوهين أمام عظمة البناء، وتاريخ الفراعنة، وإرثهم المذهل الذي لم يزل يشكل لغزاً علمياً وإنسانياً حتى اليوم.
وتضمن برنامج الزيارة جولة بانورامية قرب تمثال أبو الهول، أحد رموز الفن الرمزي القديم، حيث استمع المشاركون إلى شروحات متخصصة حول أسرار بناء الأهرامات، وتقنيات الهندسة المعمارية التي جعلت من هذه الأعجوبة الخالدة معلماً عالمياً لا يزال يذهل البشرية.

مجمع الأديان
ولم يتوقف الحضور الدولي عند حدود الأهرامات، بل امتد إلى حي مصر القديمة، حيث مجمع الأديان، في مشهد يجسد أسمى صور التعايش الإنساني.
هناك، على أرض استقبلت خطى الأنبياء، تعرف الزائرون على جامع عمرو بن العاص، أول مسجد في إفريقيا، ومجموعة الكنائس والأديرة التي شرفت بزيارة السيد المسيح والسيدة العذراء، إلى جانب المعبد اليهودي، في لوحة إنسانية نادرة تروي قصة التسامح الديني العابر للقرون.
وقد امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع مصوّرة نشرها المشاركون، حملت عبارات الامتنان للرئيس عبد الفتاح السيسي وللدولة المصرية على هذا الحدث الذي يُبرز الوجه الحضاري والإنساني لمصر، ويؤكد التزامها بإشراك الشباب العالمي في حوار حضاري جامع.
وشهد ختام اليوم ورشة عمل حول "التبادل الثقافي"، أدارها عدد من خريجي منحة ناصر والمدرسة الإفريقية، بمشاركة شبابية واسعة قدموا خلالها عروضاً حول ثقافات بلدانهم، في تبادل حضاري يزيد من رصيد التفاهم بين شعوب الجنوب العالمي.
وأكد حسن غزالي، مؤسس منتدى ناصر الدولي، أن هذه الجولات تهدف إلى تقديم مصر كأرض الحضارات ومهد الرسالات، مشيراً إلى أن ترويج السياحة الثقافية والأثرية جزء أصيل من أهداف منحة ناصر، التي تسعى لتعميق فهم المشاركين لدور مصر المحوري في صياغة الحضارة الإنسانية، وتعزيز الحوار العالمي.
وتُعد منحة ناصر للقيادة الدولية نموذجاً مصرياً متقدماً في تصدير الخبرة الوطنية في بناء المؤسسات، وتمكين الشباب، ودعم قضايا الجنوب، في وقت تتجه فيه أنظار العالم نحو مزيد من التوازن في العلاقات الدولية والعدالة بين الشعوب.



0 تعليق