تبقى مدينة ليفربول الإنجليزية ليست بغريبة عن الانتصارات في المجالات الرياضية ولا عن المآسي.
وشهدت مدينة ليفربول، شمال غرب إنجلترا، مزيجا من الفرح والحزن يوم الاثنين الماضي، حيث احتشد المشجعون في الشوارع للاحتفال بفوز نادي ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، لكن حافلة صغيرة اصطدمت بالحشد.
وذكرت الشرطة أن أكثر من 60 شخصا أصيبوا، ولا يزال 11 منهم في المستشفى حتى أمس الثلاثاء. وقد اعتقلت الشرطة السائق، البالغ من العمر 53 عاما، للاشتباه في محاولته القتل، لكنها أوضحت أنها لا تتعامل مع الحادث كعمل إرهابي.
وفي لحظة، تحول الشعور بالنشوة، على الأقل لمشجعي نادي ليفربول على حساب غريمه المحلي إيفرتون، إلى فوضى وحزن. وخلال ساعات، صدرت وعود بالصمود والوحدة لمدينة اعتادت مواجهة المحن، بما في ذلك كوارث دامية في ملعبين استضافا مباريات لليفربول خلال الثمانينيات.
وقال آرون جونز، مشجع يبلغ من العمر 28 عاما والذي كان قريبا وشهد استجابة فرق الطوارئ :"كان من المفترض أن يكون يوما للاحتفال، لكن بدلا من ذلك، سيظل هذا اليوم في الذاكرة بسبب ما حدث، وليس بسبب موكب التتويج كما كان من المفترض".
وأضاف :" بسبب الكوارث التي شهدناها في الماضي، يربط الجميع ما حدث بنفس هذه النوعية من الكوارث ، هل تفهمون ما أقصد؟ كان من المفترض أن يكون هذا وقتا للفرح لكن تم تشويهه".
وكانت مدينة ليفربول واحدة من أكثر الموانئ ازدحاما في العالم خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، لكنها عانت من عقود من الصعوبات في القرن العشرين. واجهت قصف الحرب العالمية الثانية، وانحدار نشاط الموانئ بها التي كانت مزدهرة ذات يوم، والبطالة الجماعية في الثمانينيات.
هذه الأعوام الصعبة عززت صورة ليفربول كمدينة مهمشة، تقع في شمال البلاد، متأثرة بشدة بالثقافة الأيرلندية، وبعيدة عن مراكز السلطة في لندن.
وهبت رياح التجديد على المدينة، التي أنجبت فرقة البيتلز، في العقود الأخيرة، من خلال إعادة ابتكار نفسها كمقصد جذاب للسياح الباحثين عن الثقافة والحياة الليلية، وكرة القدم.
ويملك فريقا المدينة، بالدوري الإنجليزي الممتاز، جماهيرية ضخمة حول العالم. ويعد نادي ليفربول، على وجه الخصوص، من أكثر الأندية تتويجا في تاريخ كرة القدم العالمية، حيث يمتلك عشرات الألقاب المحلية والدولية.
ولكن هذا النجاح رافقه مآس، بالنسبة لناد نشيده هو "لن تسير وحدك أبدا".
وأعرب النادي، أمس الثلاثاء عن تعازيه للمتضررين من الحادث، على موقعه الإلكتروني، وذكر الكوارث التي حدثت في ملعب هيسل وهيلسبره والتي كان لها تأثير عميق على النادي وهويته.
في 29 مايو 1985، التقى ليفربول بفريق يوفنتوس في نهائي كأس أوروبا على استاد هيسل في بروكسل.
ووصلت اضطرابات الجماهير لذروتها قبل بداية المباراة، حيث تدفق مشجعو ليفربول إلى مدرج مجاور كان يضم في الغالب مشجعي يوفنتوس. في الفوضى التي أعقبت ذلك، دهس البعض أو اختنق حتى الموت أثناء محاولتهم الهروب من العنف، كما توفي آخرون بسبب انهيار جدار داعم.
توفى 39 شخصا، 32 من إيطاليا، 4 من بلجيكا، واثنان من فرنسا وواحد من إيرلندا الشمالية، وأصيب ما يقرب من 600 شخص.
وألقي اللوم على جماهير ليفربول في العنف . وتم القبض على 26 شخصا، من بينهم 14 شخصا اتهموا القتل غير العمد.
وأرجع الكثيرون الفوضى أيضا إلى الحالة المتدهورة لملعب هيسل، الذي يتسع لـ55 ألف متفرج ويضم مدرجات متهالكة ، وأسوارا متداعية ، وجدرانا متآكلة من الداخل والخارج، بالإضافة إلى سوء التنظيم من قبل الشرطة والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا).
وستحل الذكرى الـ40 لهذه المأساة غدا الخميس.
بعدها بأربعة أعوام، أدى تدافع خلال مباراة ضد نوتنجهام فورست في ملعب هيلسبره بمدينة شيفيلد إلى وفاة 97 شخصا من مشجعي ليفربول.
وحدثت الكارثة عندما سمح لأكثر من 2000 مشجع ليفربول بالتدفق إلى منطقة مخصصة للوقوف خلف المرمى، بينما كان الملعب ممتلئا تقريبا للمباراة. تم سحق الضحايا أمام أسوار معدنية أو دهسهم تحت الأقدام، واختنق العديد منهم.
ازدادت مأساة أخطر كارثة رياضية في بريطانيا بسبب التستر على الأسباب والأخطاء التي ارتكبتها الشرطة.
ومع انتشار أعمال الشغب في كرة القدم الإنجليزية طوال الثمانينيات وبقاء ذكرى هيسل حية، تم سرد رواية كاذبة نسب اللوم فيها إلى مشجعي ليفربول المخمورين، والذين ليس لديهم تذاكر، والمشاغبين، وذلك من قبل الشرطة وانتشر ذلك عبر بعض وسائل الإعلام.
وخاضت أسر الضحايا حملات على مدى سنوات لتصحيح السجل، وحصلت في النهاية على حكم من هيئة محلفين في عام 2016 بأن الشرطة وخدمات الطوارئ كانت مسؤولة عن الكارثة وأن الضحايا "قتلوا بشكل غير قانوني".
العديد من سكان مدينة ليفربول، سواء كانوا من جماهير ليفربول أو إيفرتون، تعهدوا بأن تظل المدينة متحدة سويا بعد المأساة الأخيرة.
وأصدر نادي إيفرتون بيان تعزية، متجاوزا التنافس بين الفريقين، ذكر فيه :"كمدينة سنتحد سويا".
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق