عيد الصعود الإلهي إعداد الشماس الإكليريكي أمجد سمير شفيق حنا دياكون بطرس. يحتفل الأقباط في اليوم الأربعين من عيد القيامة بعيد الصعود المجيد وهو أحد الأعياد السيدية.
وسوف نستعرض بعض من إشراقات الصعود:
أولا:جيل الصعود
جَبَل الزَّيْتُون
يشرف هذا الجبل على أورشليم من الجهة الشرقية فترى من قمته كل شوارع المدينة وبيوتها ولا شك أن اسمه مأخوذ من شجر الزيتون الذي كان موجودًا فيه بكثرة. ولا تزال توجد فيه بعض أشجاره الكبيرة الحجم والقديمة العهد إلى الآن.
ويكثر ذكر هذا الجبل في العهد القديم تحت أسماء مختلفة، كجبل الزيتون والجبل والجبل الذي تجاه أورشليم والجبل الذي على شرقي المدينة وجبل الهلاك.كما يذكر في العهد الجديد في علاقته بحياة المسيح رب المجد على الأرض.
ويفصل هذا الجبل عن أورشليم وادي قدرون وقد حُسِبَت المسافة بين أقصى قممه الشمالية وبين أورشليم بسفر سبت أو كما قال يوسيفوس أو ست غلوات.
على هذا الجبل صعد داود عاري القدمين وباكيًا وهاربًا أمام أبشالوم. وعلى هذا الجبل ظهر الرب لحزقيال في رؤياه كما ظهر لزكريا بروح النبوة واقفًا على هذا الجبل شافعًا في شعبه وطالما صعد المسيح إليه، وفي وقت نزوله منه قبل الصلب بأيام قليلة استقبلته الجموع بالهتاف والترحيب وكان هو يبكي على المدينة ومصيرها القريب وقد تحدث من سفح ذلك الجبل عن خراب الهيكل وتدمير المدينة، وقبل الفصح الأخير صعد إلى هناك حيث بستان جثسيماني في غرب الجبل. وقد كانت بيت عنيا وبيت فاجي في شرقه.
وفي الوقت الحاضر توجد مدينة صغيرة تسّمى العازرية مكان بيت عنيا حيث كان لعازر ومرثا ومريم، وحيث أقيم لعازر من الأموات، وبالقرب من هذا المكان صعد المسيح إلى السماء (لو 24: 50-51).
ويسّمي العرب جبل الزيتون في الوقت الحاضر جبل الطور. وفي الحقيقة أن هذا الجبل عبارة عن سلسلة من الجبال تمتد بعض سلاسله إلى الميل طولًا، وله رؤوس ستة تسمى تلالًا أو قممًا، منها قمتان جانبيتان:
١- قمة ممتدة في الشمال الغربي وترتفع إلى ٢٧٣٧ قدمًا تسمى حسب تسمية يوسيفس تل سكوبس.
٢- قمة ممتدة في الجنوب الغربي وترتفع إلى ٢٥٤٩ قدمًا وتسمى تل المشورة الرديئة نسبة إلى التقليد الذي يقول بأن قيافا كان يحتفظ ببيت ريفي في هذا الجانب، وفيه تمت مشورته مع الكهنة على قتل المسيح.
٣- قمة في الشمال ترتفع إلى ٢٧٢٣ قدمًا وتسّمى في الوقت الحاضر كرم السيد، وكانت تدعى قبلًا تل الجليل نسبة على نزول الجليليين في هذه البقعة أيام الأعياد والمواسم، أو ربما بسبب الإعتقاد الذي تبلور في القرن الرابع عشر عن إرتفاع المسيح من هناك، بناء على قول الملاكين للرسل "أيها الرجال الجليلييون".
٤- قمة الصعود وهي في مواجهة الباب الشرقي لأورشليم وترتفع إلى ٢٦٤٣ قدمًا فوق سطح البحر، وقد عرفت بهذا الاسم من عام ٣١٥ م. وقد توّج قسطنطين هذه القمة بقبة وبكنيسة عظيمة، وقد تكاثرت الكنائس هناك باسم كنيسة الصعود.
٥- قمة الأنبياء نسبة إلى وجود قبور الأنبياء على جانبها.
٦- قمة المعصية نسبة إلى الاعتقاد أنه هناك بني سليمان مذابحه الوثنية لزوجاته الوثنيات.
وتعتبر قمة الصعود من قمة تل الأنبياء حتى أن بعضهم يعتبرها قمة واحدة.
موضع الصعود
وهو موضع صعود الرب يسوع المسيح وموجود في الجهة الجنوبية من الجبل. في القرن الرابع ميلادي بَنَت الملكة هيلانة كنيستين في هذا الموضع وأُحرقتا سنة ٦١٤م على يد الفرس، وأثار الكنيسة الأولى موجودة اليوم في كنيسة اللاتين “أبانا” المبنية في الموضع الذي علّم فيه الرب يسوع المسيح الصلاة الربانية.
الكنيسة الثانية كانت أكبر من الأولى وبُنيت على شكل ثُماني في موضع صعود السيد المسيح. وبعد تدميرها من الفرس أعاد الصليبيون تشييدها بنفس الشكل التي كانت عليه،
في هذا الموضع يمكن رؤية الصخرة الموجود عليها أثر قدم السيد المسيح اليُمنى الذي تركه السيد المسيح عند صعوده وعلى هذا البناء بُني بناء مربع. اليوم مقابل هذا الموضع بَنت البطريركية الأرثوذكسية كنيسة صغيرة تذكارًا لهذا الحدث.
وقد جاء في ميمر (عظة أو تفسير حول )عيد الصعود
للأنبا بولس البوشي أسقف مصر
(أي القاهرة القديمة)
عظة على عيد الصعود للأنبا بولس البوشي أسقف مصر في القرن الثالث عشر الميلادي،
نقلًا عن المخطوطة م 18 (ورقة 143 وجه إلى 151 ظهر)
مكتبة دير القديس أنبا مقار ببرية شيهيت
حيث يحلق فى سماء المجد متأملا في صعود السيد المسيح للسماء وربط نبوات العهد القديم بأحداث العهد الجديد وأحداث رائعة مثل معجزة طفو الحديد لأليشع النبى وسلم يعقوب وربطه بالصعود ويحتوى الميمر على معاني لاهوتية عميقةنقتطف أجزاء منها حيث بدأ بقوله:"
يا مَن صعد إلى السماء جسدانيًا، وهو يملأ الكل بلاهوته، أيها المسيح إلهنا، أَصْعِد هِمَمنا من تنازُل الأرضيات إلى اشتياق السمائيات.
يا مَن شرَّف جنس البشر بارتفاع الجسد المأخوذ منهم إلى حيث مجد لاهوته الأزلي، أيها السيد، ارفع عقولنا من تنازُل رذائل هذا العالم إلى ارتقاء ذلك الدهر المستأنف (الآتي).
يا مَن عظَّم الإنسان الترابي وجعله أهلًا أن يصير سمائيًا، اقبلنا إليك أيها الرب الإله الذي يعلو الكل وهو فوق كل رئاسة وسلطان. وهَب لي أنا - أيها القدوس - قولًا لأتكلَّم على كرامة صعودك إلى (الموضع) الذي لم تَزَل فيه أزليًا.
يا مَن وهب للأرضيين أن يبلغوا رتبة السمائيين، أعطني نطقًا يا عمانوئيل إلهنا، الذي أعطى قوةً للجسدانيين أن يصيروا روحانيين، لأنطق على جلالة ارتفاعك العجيب بالجسد إلى السموات التي أنت فيها باللاهوت لم تَزَل.
امنحني معرفةً يا مَن وهب فضلًا وخلاصًا وارتفاعًا لجنسنا الذي كان ساقطًا في هاوية الهلاك، وصيَّره فوق ملكوت السماء الباقية، لأُخبر بحُسْن بهائك وأنت صاعد إلى علو سمائك"
ويختم الميمر:
"ونحن نسأل ربنا يسوع المسيح الذي صعد إلى السموات أن يُصعدنا بقوته من بحر هذا العالم المُهلك، ويثبِّت في السبيل المستقيم أقدامنا، ويغفر ما تقدَّم من قُبح أعمالنا، ويساعدنا على العمل برضاه وحفظ وصاياه، ويرحم كافة بني المعمودية الذين رقدوا على رجاء الإيمان باسمه القدوس، بشفاعة سيدتنا الطوباوية البتول مرتمريم والدة الخلاص، وكافة الرسل الأطهار والشهداء والقديسين والسواح والمجاهدين، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين وأبد الآبدين، آمين."وفي عيد الصعود طقوس وألحان وتجليات تنظر الكنيسة بعيون شاخصة نحو الأبدية منتظرة عريسها الذي وعد أنه سوف يأتى هكذا على السحاب بعد أن أعد لكنيسته المكانة التى تليق بها كل عام وحضراتكم بخير
أهم المراجع:
١- كتاب ميامر الأعياد الإلهية للأنبا بولس البوشي أسقف مصر إعداد الأنبا أبيفانيوس أسقف ورئيس دير القديس أنبا مقار.
٢- كتاب جغرافيا الكتاب المقدس عهد جديد إعداد القس يوساب ألفى كاهن كنيسة الشهيد العظيم مارمينا بكوم المحرص.

0 تعليق