في مثل هذه الأيام، تعود إلى الأذهان لحظة فارقة في معركة الدولة المصرية ضد الإرهاب، حين تمكنت القوات المسلحة الليبية من القبض على الإرهابي الأخطر هشام عشماوي في مدينة درنة الليبية، وتم تسليمه إلى مصر على متن طائرة عسكرية في ٢٩ مايو 2019 وسط إجراءات أمنية مشددة، لتُكتب نهاية أحد أخطر العناصر الإرهابية التي أرهقت الدولة المصرية لسنوات.
من ضابط بالقوات المسلحة إلى إرهابي مطلوب
ولد هشام علي عشماوي مسعد إبراهيم عام 1978، والتحق بالقوات المسلحة المصرية كضابط في وحدة الصاعقة، إلا أن انحرافه الفكري بدأ مبكرًا. أظهرت التقارير العسكرية تغيّرات في سلوكه وأفكاره، حتى تم فصله من الخدمة عام 2011 بسبب ميوله المتطرفة وتحريضه لزملائه على مخالفة التعليمات العسكرية.
بعد خروجه من الخدمة، بدأ عشماوي رحلته في طريق الإرهاب، فانضم إلى تنظيمات متطرفة ثم كوّن خلاياه الخاصة، وأصبح العقل المدبر لعدد من أخطر العمليات الإرهابية التي استهدفت رجال الجيش والشرطة في مصر، لا سيما في سيناء والوادي الجديد.
أبرز القضايا والعمليات المتهم فيها هشام عشماوي
1. محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم (2013)
شارك عشماوي في التخطيط والتنفيذ للعملية الفاشلة.
تم استخدام سيارة مفخخة انفجرت بالقرب من موكب الوزير بمدينة نصر.
2. حادث كمين الفرافرة (2014)
إحدى أبشع العمليات الإرهابية التي استهدفت قوات حرس الحدود في منطقة الفرافرة.
أسفرت عن استشهاد 22 ضابطًا وجنديًا.
تم استخدام أسلحة ثقيلة وقذائف آر بي جي، وتم نهب الأسلحة من الكمين.
3. الهجوم على الكتيبة 101 بسيناء (2015)
شارك في دعم وتنسيق الهجوم الذي أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات من القوات المسلحة
وجّهت له النيابة العامة تهم التخطيط والتنسيق في عملية اغتيال النائب العام الراحل باستخدام سيارة مفخخة.
5. تكوين تنظيم "المرابطون" الإرهابي
أعلن انشقاقه عن تنظيم "أنصار بيت المقدس" بعد مبايعة الأخير لداعش.
أسس تنظيم "المرابطون" في ليبيا الموالي لتنظيم القاعدة.
تولى قيادة عمليات إرهابية انطلاقًا من الأراضي الليبية.
القبض عليه في ليبيا وترحيله إلى مصر
في أكتوبر 2018، أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي القبض على هشام عشماوي خلال عملية نوعية في مدينة درنة شرق ليبيا. تم ضبطه مرتديًا زيًا عسكريًا وكان بحوزته أسلحة ومتفجرات ووثائق خطيرة.
وفي مايو 2019، تم تسليمه إلى مصر بعد تنسيق أمني رفيع المستوى بين السلطات المصرية والليبية، حيث استُقبل في قاعدة عسكرية وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، في مشهد وثّقته الكاميرات وأثلج صدور المصريين.
الأحكام القضائية الصادرة ضده
المحكمة العسكرية قضت بإعدامه مرتين في قضيتي:
1. قضية الفرافرة
الحكم: إعدام
التهم: القتل العمد لعدد من ضباط وجنود الجيش، الانتماء لتنظيم إرهابي، حيازة أسلحة وذخائر.
2. قضية أنصار بيت المقدس (المعروفة إعلاميًا بقضية تنظيم بيت المقدس)
الحكم: إعدام
التهم: تنفيذ 54 عملية إرهابية، من بينها تفجيرات واغتيالات، والتخابر مع جهات أجنبية.
تم تنفيذ حكم الإعدام بحق هشام عشماوي في مارس 2020، بعد استنفاد درجات التقاضي، لتُطوى صفحة دامية من صفحات الإرهاب في مصر، وتنتصر العدالة بعد سنوات من الدماء والدموع.
سقوط هشام عشماوي لم يكن فقط انتصارًا أمنيًا، بل كان رسالة حاسمة لكل من تسول له نفسه المساس بأمن مصر واستقرارها. لقد أثبتت الدولة المصرية أنها لا تنسى شهداءها، ولا تتهاون في ملاحقة من اعتدى على أرواح أبنائها، مهما طال الزمن أو بعدت المسافات.


0 تعليق