أوصى تحليل حديث باتخاذ الخطوات اللازمة لتسريع بناء اقتصاد الهيدروجين الأخضر في ألمانيا، لتحقيق المستهدفات المناخية الرامية إلى مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويواجه القطاع تحديات كبرى على مستوى السياسات المحلية وارتفاع الأسعار ومرافق نقل الهيدروجين وتخزينه، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لصناعة الهيدروجين العالمية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تراجعت فيه القيادة الجديدة للبلاد عن مستهدفات الهيدروجين الأخضر في ألمانيا لصالح الأنواع كافة، ولو كانت تصدر عنها انبعاثات بسبب التكلفة الباهظة ولتلبية الطلب الصناعي.

وبالفعل، يهيمن الهيدروجين المنتَج من الوقود الأحفوري على سوق أكبر اقتصاد أوروبي، في مقابل نسبة ضئيلة للهيدروجين الأخضر لا تصل إلى 1%.

صناعة الهيدروجين الأخضر في ألمانيا

كان الهيدروجين الأخضر في ألمانيا في صُلب أحدث تحليلات شركة الاستشارات "إي واي" (EY) ورابطة "بي دي إي دبليو" (BDEW) المعنية بالطاقة.

وقارن التقرير الفروقات بين واقع القطاع والأهداف الحكومية، كما قدّم توصيات حول كيفية التغلب على التحديات، وصولًا إلى تحول الطاقة من أجل خفض الانبعاثات.

ووجد أن إنتاج الهيدروجين الأخضر لم يشكّل سوى 0.5% في عام 2023، في مقابل هيمنة لأنواع الهيدروجين المنتج من مصادر الوقود الأحفوري.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين وفق طريقة الإنتاج:

وبالمُقارنة بهدف الحكومة لزيادة قدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر في ألمانيا إلى 10 غيغاواط بحلول عام 2030، لم يتحقق سوى 1.6 غيغاواط حتى تاريخه.

وفي مقابل التمسك الشديد بالهيدروجين الأخضر لدى الحكومة السابقة، تنصّ الخطة الجديدة لقطاع الهيدروجين في ألمانيا (أُعلنت في أبريل/نيسان 2025) على اتّباع نهج عملي أكثر باستعمال كل أنواع الوقود، ما دامت منخفضة الانبعاثات وتلبي الطلب.

تحديات إنتاج الهيدروجين الأخضر في ألمانيا

يقول التقرير الذي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة، إن "شكوكًا كثيرة" تحيط بخطط زيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر في ألمانيا.

وتفصيليًا، يواجه القطاع تحديات مرتبطة بالآتي:

• تأخُّر بناء المحللات الكهربائية اللازمة للإنتاج.
• مخاوف من ارتفاع سعر الهيدروجين الأخضر في المستقبل.
• شكوك تجاه السياسات المنظمة للقطاع.
• الحاجة إلى تطوير مرافق البنية الأساسية الضرورية.

ووصف التقرير العوامل المذكورة بالعقبة الاستثمارية الكبرى أمام إقامة مشروعات جديدة، موضحًا أن ثمة ركود يضرب قطاع إنتاج الهيدروجين باستعمال الكهرباء المولدة من مصادر متجددة.

يأتي ذلك بالرغم من إحراز تقدُّم مهم على صعيد تحول الطاقة في ألمانيا خلال العام الماضي (2024)، وخاصة التوسع في نشر مصادر الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات.

وتستهدف البلاد الأوروبية تحقيق هدف خفض الانبعاثات (مقارنة بمستويات عام 1990) بنسبة 65% بحلول عام 2030، لكن الطريق إلى تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2045 ما زال مهمة ثقيلة تواجه الحكومة ضغوطًا كثيرة لإنجاحها، بحسب التقرير.

يتطلب ذلك الآتي:

• تسريع إجراءات التخطيط ومنح التراخيص لمشروعات الطاقة المتجددة.
• التوسع في إنتاج كهرباء الطاقة المتجددة مع تطوير الشبكة.
• وضع تصميم جديد لسوق الكهرباء يتضمن تقديم حوافز.

ورصدت منصة الطاقة المتخصصة عددًا من تطورات صناعة الهيدروجين في ألمانيا مؤخرًا، كالتالي:

• أبرم مشغّلا شبكة الغاز في المملكة المتحدة وألمانيا في 26 مايو/أيار (2025) مذكرة تفاهم لبحث جدوى بناء خط أنابيب لنقل الهيدروجين الأخضر عبر بحر الشمال.
• اتفقت شركة "جونو جولي غرين إنرجي" الهندية (Juno Joule Green Energy) في 22 مايو/أيار مع شركة "سليكت إنرجي" الألمانية (Select Energy) على بناء محطة لتصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا، بتكلفة 1.3 مليار دولار بولاية أندرا براديش.
• بدأت شركة أونتراس الألمانية (ONTRAS) تشغيل خط أنابيب بطول 25 كيلومترًا لنقل الهيدروجين الأخضر إلى مصفاة شركة توتال إنرجي في لوينا مطلع أبريل/نيسان الماضي.
• وقّعت ألمانيا وهولندا اتفاقية مع سلطنة عمان لإنشاء أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المسال في العالم بمنتصف أبريل/نيسان.
• تلقّت شركة التقنية الألمانية أندريتز (Andritz) طلبًا لتصميم محطة هيدروجين أخضر بقدرة 100 ميغاواط في مطلع مارس/آذار.
• في 20 فبراير/شباط، طرحت الحكومة أكبر مناقصة لاستيراد الهيدروجين في ألمانيا بتكلفة 2.5 مليار يورو.

الهيدروجين في ألمانيا وأوروبا

رغم هيمنة الهيدروجين المستخرج من الغاز الطبيعي على القطاع الألماني، فإن إنتاجه تراجعَ مؤخرًا بسبب "تداعي الصناعات الأساسية" التي تستهلك الهيدروجين أو تنتجه، ولا سيما مصافي التكرير وإنتاج الأمونيا والميثانول والكلور.

وبحسب التقرير، فإن ذلك التراجع يضيف مخاطر على خطة بناء سوق كبيرة لإنتاج الهيدروجين في ألمانيا.

ورغم ذلك، أشار بيان منفصل إلى فرصة كبرى لإقامة تحالف أوروبي لصناعة الهيدروجين من خلال التعاون بين فرنسا وألمانيا والبناء على إعلان شومان لإقامة الجماعة الأوروبية للفحم والصلب قبل 75 عامًا.

وأظهر التقرير وجود حاجة إلى:

• إصلاح قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر ومنخفض الكربون.
• تسريع بناء شبكة الهيدروجين عبر الحدود.
• توحيد معايير الاتحاد الأوروبي بشأن اعتماد الهيدروجين بناءً على الأصل والجودة.
• تطوير شراكة وثيقة بشأن سياسة الهيدروجين.

وبالرغم من الاختلافات بين فرنسا وألمانيا حول كيفية إنتاج الكهرباء، نجحت القوّتان الاقتصاديتان والصناعيتان بتوحيد الصفوف في مواجهة القوى المنافسة، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، إلّا أن ثمة اختلافات لم تُحَلّ بعد بشأن سياسات الطاقة تدفع تلك الشراكة إلى الوراء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

1. تقرير: سوق الهيدروجين في ألمانيا مبتلاة بالشكوك من منصة "كلين إنرجي واير"