أثارت عملية هدم أسوار بناية ثكنة أزغنغان التاريخية بالجماعة التابعة للنفوذ الترابي لإقليم الناظور استياء عارما لدى عموم ساكنة الإقليم والمجتمع المدني.
وباشرت السلطات المحلية، أمس الأربعاء، بالاستعانة بجرافة، عملية هدم أسوار البناية التاريخية التي ظلت صامدة في وجه الزمن منذ مرور أزيد من قرن من الزمن على تشييدها.
وشارك نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصورا لعملية الهدم التي استهدفت أسوار البناية، في منشورات مرفقة بتعاليق الحسرة والاستياء.
حكيم شملال، منسق حركة “متطوعون من أجل الناظور”، قال: “لم تكن هذه أول محاولة لهدم معلمة تاريخية في إقليم الناظور؛ فالمحاولات عديدة وبعضها باء بالفشل، مثل محاولة هدم النادي البحري ببحيرة مارشيكا الذي أصبح، حاليا، بناية تاريخية مسجلة”.
وتابع شملال، في تصريح لهسبريس، قائلا: “تم تدمير ‘كاسا بيسكا’ كما اختفى برج المراقبة التاريخي في ‘كامبامينتو’ الذي يعود إلى عهد الاستعمار على طريق قرية أركمان، وتم أيضا هدم أجنحة قصر البلدية.. واليوم جاء الدور على أسوار ثكنة أزغنغان التاريخية”.
وتساءل الفاعل المدني سالف الذكر عما إذا كانت المسألة مجرد صدفة، أم أن هناك جهة ما تتربص بتاريخ هذه المنطقة وتريد طمسه بالكامل؟ حسب تعبيره، مؤكدا أن المفروض أن الدولة بمؤسساتها هي الجهة المسؤولة عن حماية التراث والذاكرة الجماعية لا أن تساهم في طمسها.
وأوضح المتحدث عينه أن المجتمع المدني وحتى السياسي حينما ينتصب مدافعا عن هذه الذاكرة يجد نفسه في مواجهة بعض المسؤولين الذين يبررون قراراتهم بذريعة “تطبيق الأوامر”.
وختم شملال تصريحه لهسبريس قائلا: “هل فعلا هناك من يريد محو تاريخ المنطقة؟ وإذا كان الأمر مجرد خيال أو مبالغة، فعلى المؤسسات المعنية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية وتوقف هذا النزيف الممنهج الذي يهدد ذاكرة منطقة الريف بأكملها”.
من جانبه، قال الناشط الجمعوي جمال التركي: “في مختلف مدن المغرب، تُصان الأسوار التاريخية وتدرج ضمن الموروث الوطني الذي يرصد له الدعم والترميم والترويج السياحي. أما في الناظور، فالوضع مختلف تماما؛ فبعد أن تُهمل معالمه التاريخية لعقود عديدة، يأتي الدور على هدمها بالجرافات”.
وأضاف التركي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “ثكنة أزغنغان، التي تعود إلى بدايات القرن العشرين، ليست مجرد بناء قديم؛ بل هي ذاكرة حية شاهدة على مراحل مفصلية في تاريخ الريف والمغرب عموما. ومع ذلك، بدل ترميمها وإدماجها في مشاريع ثقافية وسياحية تم التعامل معها كأنها عبء عمراني لا يليق بالمجال الحضري الجديد، ويجب التخلص منه”.
وتابع الناشط الجمعوي: “لقد عشنا تجربة مماثلة في السابق حين حاولت السلطات هدم البناية التاريخية المعروفة بالنادي البحري بكورنيش الناظور لولا التحرك القوي للتنسيقية المدنية التي شكلناها آنذاك وجمعنا من خلالها أدلة تاريخية وقانونية لتسجيل المعلمة ضمن التراث الثقافي الوطني والحيلولة دون هدمها”.
وتساءل المتحدث: “عما إذا كانت هناك رؤية تنموية حقيقية لهذا الإقليم تراعى خصوصياته الثقافية والاقتصادية أم أن التهميش ما زال قدر هذا الإقليم، رغم كل ما قدمه من تضحيات للوطن؟”.
وختم التركي تصريحه قائلا: “لسنا ضد التنظيم ولا ضد تأهيل المدينة؛ لكننا نرفض أن يهمش التاريخ، وتتخذ القرارات بمعزل عن الحوار والتواصل مع الساكنة”، مشددا على أن “الناظور يستحق عدالة مجالية حقيقية لا قرارات فوقية مفاجئة”.
0 تعليق