أعلنت الوزيرة السابقة للداخلية في ألمانيا، نانسي فيزر، أن عدد طالبي اللجوء من المتوقع أن يصل إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عقد في عام 2025، مع استمرار الانخفاض الملحوظ في الهجرة غير الشرعية. وقالت إن هذا الانخفاض الحاد الذي شهدته البلاد في السنتين الماضيتين قد يؤدي إلى تقلص الطلبات إلى حوالي 100 ألف طلب هذا العام، إذا استمرت نفس الوتيرة. هذا التطور يعكس جهود الحكومة في تعزيز السيطرة على الحدود وفرض قيود أكثر صرامة على الدخول غير المنظم.
تراجع عدد طلبي اللجوء في ألمانيا
وفقًا للبيانات الرسمية من مكتب الهجرة الاتحادي، فإن آخر مرة شهدت فيها ألمانيا أقل من 100 ألف طلب لجوء كانت في عام 2012. أما في عام 2024، فقد تم تسجيل نحو 251 ألف طلب، مما يمثل انخفاضًا كبيرًا مقارنة بالعام السابق الذي بلغ فيه عدد الطلبات حوالي 352 ألف طلب. هذه الإحصاءات تشير إلى تحول ملحوظ في سياسات الهجرة، حيث أدت الإجراءات الجديدة إلى تقليص الأعداد بشكل كبير، مما يعزز من استقرار البلاد الاقتصادي والاجتماعي.
انخفاض الهجرة غير النظامية
وفي سياق متصل، تعهد السياسي المحافظ ألكسندر دوبرينت، من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، بتعزيز الرقابة على الحدود فور توليه منصبه الأسبوع القادم، مع هدف خفض أعداد المهاجرين غير الشرعيين. صرح دوبرينت لصحيفة “بيلد أم زونتاج” بأن زيادة عدد الطلبات المرفوضة ستكون جزءًا من استراتيجية شاملة للحد من الدخول غير المنظم. وستشمل هذه الإجراءات إرسال آلاف الموظفين الإضافيين لدعم الشرطة الحدودية، بالإضافة إلى كثافة المراقبة في المناطق الحدودية، بما في ذلك استخدام الطائرات لمراقبة المناطق الجوية.
كما أن الحكومة الألمانية الجديدة ملتزمة باتخاذ مواقف أكثر حدة تجاه قضايا الهجرة، في محاولة لمواجهة التحديات المتعلقة بأمن الحدود وتقليص دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل حزب “البديل من أجل ألمانيا”، الذي استغل الإحباط الشعبي حول هذه القضايا. هذه الخطوات تستهدف تحقيق توازن بين حقوق الإنسان والحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار الوطني، مع التركيز على تعزيز الآليات القانونية لللجوء وضمان أن يكون جميع الوافدين يتوافقون مع الشروط المحددة.
من جهة أخرى، يُنظر إلى هذه التغييرات كخطوة استراتيجية لتعزيز الثقة في مؤسسات الدولة، حيث أدت زيادة الهجرة غير المنظمة في السنوات السابقة إلى ضغوط اجتماعية واقتصادية. على سبيل المثال، شهدت ألمانيا في السنوات الأخيرة تزايدًا في المناقشات حول تأثير الهجرة على سوق العمل والخدمات الاجتماعية، مما دفع الحكومة إلى إعادة تقييم سياساتها. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن هذا الانخفاض يجب أن يرافق ببرامج دعم لللاجئين المقبولين، لضمان اندماجهم السلس في المجتمع الألماني. هذه الجهود تشمل تدريبًا مهنيًا ودعمًا لغويًا، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد بشكل إيجابي.
في الختام، يبدو أن ألمانيا تشهد مرحلة انتقالية في إدارة قضايا الهجرة، حيث تتجه نحو نهج أكثر تماسكًا وكفاءة. هذا الاتجاه لن يكون سهلاً، إذ يتطلب توازنًا دقيقًا بين الالتزامات الدولية والأولويات الوطنية، لكن النتائج المبشرة من الانخفاض الحالي تشير إلى أن السياسات الجديدة قد تؤتي ثمارها في المستقبل القريب، مما يعزز من وضع ألمانيا كقوة رائدة في أوروبا.
0 تعليق