في قلب العاصمة، وعلى أرصفة ميدان لبنان المزدحمة، كانت هناك فتاة في عمر الزهور ملقاة على الأرض، لا حول لها ولا قوة، جسدها مكسو بالجروح، وملامحها غارقة في صمت ثقيل، لا يتحدث فيه سوى الألم، لم تكن تملك صوتًا تصرخ به، ولا يدًا تستنجد بها، فقط نظرات زائغة تحكي عن قسوة لا يمكن لعقل أن يتخيلها، ووجع يصعب على القلب تحمّله.

حكاية فتاة ميدان لبنان
وكان قد ورد بلاغ إلى مؤسسة "معانا لإنقاذ إنسان" برئاسة المهندس محمود وحيد ، عن فتاة تعرّضت للاعتداء والضرب المبرّح في منطقة ميدان لبنان لم يتأخر الفريق، بل انطلق على الفور إلى الموقع، وما رأوه هناك لم يكن مجرد حالة إنقاذ، بل مأساة مكتملة الأركان.
كانت الفتاة مرمية على أحد الأرصفة، وكأنها تُركت عمدًا لتموت ببطء آثار الضرب كانت واضحة على جسدها، وبعض الجروح كان سببها أربع أشخاص برتبة ذئاب.

لم تصرخ، لم تبكِ، فقط نظرت إلينا كأنها كانت تبحث عن منقذٍ لها، أو على الأقل، من يصدّق أنها ما زالت حيّة، تم نقلها فورًا إلى دار الرعاية، وتم خضوعها للفحص الطبي
كما تلقت الإسعافات اللازمة، كانت حالتها الصحية مستقرة، لكن حالتها النفسية كانت الأكثر خطورة و تدهور ، فالعين التي رأيناها كانت مُنطفأة، خالية من أي أمان أوسكينة.

لساعات طويلة، بذل الفريق جهده للوصول إلى أي خيط يدلّ على هويتها أو عائلتها، وبفضل جهود المؤسسة وتعاون الجهات المختصة، استطاعا من التوصّل إلى أهلها، وسرعان ماحضروا على الفور وأخذوا ابنتهم.
انتهت القصة بنهاية طيبة، لكن الأسئلة لا تنتهي، كيف وصل بنا الحال إلى هذا القدر من القسوة؟ كيف تُترك فتاة بهذه الحالة في الشارع دون أن يتحرك ضمير؟
ولعل ما يعزّينا أن هناك من لا يزالون يؤمنون بالإنقاذ، ويضعون الرحمة فوق كل اعتبار.
نبذة عن مؤسسة معانا لانقاذ إنسان
(معانا لإنقاذ إنسان أصبح للرحمة عنوان)، هذا هو الشعار التى ترفعه دائما مؤسسة "معانا لإنقاذ إنسان"، والتى تهتم بجمع المشردين من الشوارع من كبار السن، والعمل على رعايتهم داخل المؤسسة، وذلك بخطوات يقوم بها فرق الإنقاذ التابعة للمؤسسة، والمنتشرين فى جميع محافظات الجمهورية بشكل تطوعى بعد إبلاغهم بوجود حالة من المشردين أو من لامأوى له بالشارع، من خلال إرفاق صورة للحالة مع البلاغ على صفحة المؤسسة ليتحرك فريق الإنقاذ والتعامل معه واصطحابه للمؤسسة.
ويتم الاهتمام بالحالة من ناحية النظافة الشخصية أولا، وخصوصًا أنه دائما ما تأتى الحالة فى شكل صعب للغاية، نظرا لنومها بالشارع لفترات طويلة ثم تأتى مرحلة الرعاية الطبية من خلال الأطباء المتواجدين بالمؤسسة وإجراء بعض التحاليل اللازمة للتأكد من خلو الحالة من أى أمراض معدية لزملائه، وإجراء العمليات الجراحية اللازمة لبعض الحالات منهم، وأخيرا تأتى خطوة مهمة جدا وهى خطوة التأهيل النفسى من خلال جلسات الأخصائيين الاجتماعيين للتعرف على مشاكلهم وحلها، وتعديل السلوك لديهم ومحاولة دمجهم فى المجتمع مرة ثانية.
0 تعليق