شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في السوق الأوروبية خلال جلسة التداول يوم الثلاثاء، حيث توسعت المكاسب لليوم الثالث على التوالي، مدعومة بتراجع الدولار الأمريكي. هذا الارتفاع أعاد الذهب إلى مستويات عالية لم تشهدها منذ أسبوعين، مع اقتراب الأسعار من عتبة 3,400 دولار للأونصة، فيما يعكس الطلب المتزايد على المعادن الثمينة كملاذ آمن وسط التوترات الاقتصادية العالمية.
ارتفاع أسعار الذهب مع تراجع الدولار
تجاوزت أسعار الذهب مستوياتها السابقة، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 1.6% لتصل إلى 3,387.20 دولارًا للأونصة، مقارنة بمستوى افتتاحي بلغ 3,334.07 دولارًا، وذلك في أعلى مستوى منذ 22 أبريل الماضي. هذا الارتفاع يأتي مع تثبيت المكاسب اليومية ليتجاوز 2.9% في الجلسة السابقة، وهو أكبر زيادة يومية منذ 21 أبريل، مدفوعًا بطلب قوي من المستثمرين الذين يلجأون إلى الذهب للتحوط ضد التقلبات الناتجة عن الرسوم الجمركية والتحديات التجارية. من جانب آخر، تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.1% لليوم الثالث على التوالي، مما أدى إلى ضعف العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية، وهو ما يدعم صعود الذهب كبديل استثماري. هذا الوضع يعكس عمليات تصحيح فنية في الدولار، خاصة مع انتظارات السوق لتطورات جديدة في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
بالإضافة إلى ذلك، يترقب المستثمرون فعاليات اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي من المتوقع أن يحتفظ بأسعار الفائدة دون تغيير في الجلسة الحالية، وهو الاجتماع الثالث على التوالي دون تعديل. ومع ذلك، تُرى التصريحات المصاحبة، بما في ذلك تلك الخاصة برئيس المجلس جيروم باول، كفرصة للحصول على إشارات واضحة حول مسار أسعار الفائدة خلال العام الحالي. أكد مسؤولو الفيدرالي عدم وجود حاجة ملحة لتعديل السياسة النقدية حاليًا، مع التركيز على مراقبة تأثير السياسات الاقتصادية، مثل الرسوم الجمركية، على سوق العمل والنمو العام. وفقًا لأداة “فيد ووتش”، فإن احتمالات خفض الفائدة بنحو 25 نقطة أساس في هذا الاجتماع تبقى منخفضة عند 2%، بينما تصل إلى 27% في اجتماع يونيو، مما يعكس توقعات السوق للحفاظ على الاستقرار. كما أشار بنك جولدمان ساكس إلى أن أي قرار بتخفيض الفائدة سيحتاج إلى بيانات إيجابية من سوق العمل، مما قد يؤدي إلى ثلاثة تخفيضات محتملة في يوليو، سبتمبر، وأكتوبر.
تداول المعدن الثمين مع عوامل الدعم الاقتصادية
في السياق نفسه، أبرز محللو السوق، مثل ياب جون رونج من آي جي، أن ارتفاع الذهب يعكس عودة المستثمرين إلى الملاذات الآمنة لمواجهة التقلبات الناتجة عن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الرسوم الجمركية. وأضاف رونج أن أي إشارات حذرة من الفيدرالي قد تعزز الزخم الصعودي للذهب، مما يدفع الأسعار نحو مستويات أعلى. من ناحية أخرى، انخفضت حيازات صندوق SPDR Gold Trust بنحو 4.87 طن متري لتصل إلى 939.39 طن متري، وهو أدنى مستوى منذ 9 أبريل، مما قد يشير إلى بعض الضغوط على الطلب المؤسسي. ومع ذلك، يبقى الذهب في وضع قوي فنيًا، حيث يقفز فوق مستويات الدعم الرئيسية، مع توقعات بأن يستمر في الارتفاع إذا استمر تراجع الدولار وعدم اليقين الاقتصادي. هذه العوامل تشكل دعمًا إضافيًا للمعدن الثمين، الذي يُنظر إليه كحاجز ضد التضخم والمخاطر الجيوسياسية. في النظرة الشاملة، يبدو أن أداء الذهب مرتبطًا بشكل وثيق بتطورات السياسة النقدية الأمريكية، حيث قد يؤدي أي تأكيد على خفض الفائدة إلى دفع الأسعار نحو 3,400 دولار أو أعلى، مما يعزز من جاذبيته كاستثمار استراتيجي في الأسواق المتقلبة.
0 تعليق