كشف أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بداية الأسبوع في مجلس النواب، عن توقعات إيجابية لمحصول الحبوب الرئيسية برسم الموسم الفلاحي الحالي 2024-2025، حيث من المتوقع أن يبلغ 44 مليون قنطار، بزيادة قدرها 41 في المائة مقارنة بالموسم الماضي.
وأرجع المسؤول الحكومي ذاته هذا التحسن إلى التساقطات المطرية المهمة التي شهدتها المملكة خلال شهري مارس وأبريل، والتي ساهمت في انتعاش الزراعات الخريفية والربيعية، إلى جانب تحسن الغطاء النباتي في المراعي؛ مما يعزز التفاؤل بموسم فلاحي واعد.
وأوضح البواري أن نسبة النمو المتوقعة في القطاع الفلاحي لهذا الموسم ستصل إلى 5.1 في المائة، مقارنة بانخفاض بلغ -4 في المائة خلال الموسم السابق، مشيرا إلى أن التساقطات المطرية بلغت 295 ملم حتى 29 أبريل، بزيادة 15 في المائة عن الموسم الماضي، رغم انخفاضها بنسبة 20 في المائة مقارنة بسنة عادية. كما ارتفعت حقينات السدود الموجهة للأغراض الفلاحية إلى 5.31 مليار متر مكعب، بنسبة ملء تقارب 38 في المائة، مما يدعم استدامة الإنتاج الزراعي.
تعليقا على هذه الأرقام، قال عبد الله أبودرار، أستاذ بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، إن هذه التوقعات معقولة، نظرا لانتعاش زراعة الحبوب منذ مارس بفضل الأمطار، حيث تم إنقاذ الزراعات في مناطق مثل سايس والغرب واللوكوس، حيث قام الفلاحون بمكافحة الأعشاب الضارة والآفات والأمراض، مع تطبيق تسميد آزوتي جيد.
وأضاف أبودرار، ضمن تصريح لهسبريس، أنه يبقى ضمان هذا الإنتاج مرهونا بالظروف المناخية خلال ماي الجاري، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة ورياح الشرقي أو الأمطار الرعدية، التي قد تؤثر سلبا على كمية وجودة المحصول.
وأكد ، أستاذ بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس أن توقعات الوزارة الوصية على القطاع الفلاحي قريبة من تقديرات بنك المغرب ووزارة الفلاحة الأمريكية، التي قدرت الإنتاج بحوالي 35 مليون قنطار؛ مما يعزز مصداقية الأرقام المعلنة.
وذكّر المتحدث ذاته بأن الموسم الفلاحي الحالي اتسم بجفاف حاد خلال بدايته، استمر قرابة خمسة أشهر من أكتوبر إلى فبراير، لم يقتصر على قلة التساقطات المطرية فحسب، بل شمل أيضا جفاف التربة؛ مما أدى إلى بداية موسم فلاحي صعب، نظرا لأهمية الأمطار ورطوبة التربة في إنجاح إنبات بذور الزراعات الخريفية ونموها.
وأشار أبودرار إلى أن الزراعات الخريفية تكبدت نتيجة لهذا الجفاف خسائر كبيرة، خاصة في المناطق البورية الجافة وشبه الجافة، وحتى في أجزاء واسعة من المناطق الملائمة. كما تأثرت المساحات المزروعة، وتأخرت عمليات البذر بشكل ملحوظ؛ مما سيؤثر سلبا على مردودية المحاصيل. ومع ذلك، كان لأمطار شهري مارس وأبريل، التي تجاوزت 200 ملم في مارس وحده ببعض المناطق، أثر إيجابي كبير على الموسم الفلاحي، وساهمت في تحسين أوضاع الزراعات الخريفية والربيعية، ودعمت نمو الغطاء النباتي في المراعي عبر مختلف مناطق المملكة.
من جانبه، اعتبر كمال ابركاني، أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور خبير في الهندسة والعلوم الزراعية، أن توقعات الوزير ببلوغ إنتاج الحبوب 44 مليون قنطار، بزيادة 41 في المائة، تعكس السياسة الاستباقية لوزارة الفلاحة والدولة التي اعتمدت على زراعة دقيقة للحبوب في مناطق تتوفر فيها تساقطات مطرية، وفي أوقات مناسبة استفادت من الأمطار؛ مما ساهم في تحسين الإنتاج مقارنة بالموسم الماضي الذي اتسم بالجفاف الشديد.
وأشار ابركاني، في حديث لهسبريس، إلى أن التساقطات المطرية هذا العام، رغم أنها أقل مقارنة بمتوسط العقدين الماضيين، كانت أفضل من العام السابق؛ مما خلق علاقة تناسبية بين هطول الأمطار وزيادة الإنتاج. كما ساهمت استراتيجية الزراعة المباشرة، التي تهدف إلى الوصول إلى مليون هكتار بحلول 2030، في تقليل تكاليف الإنتاج والحفاظ على التربة، حيث بلغت المساحة المزروعة بهذه الطريقة حوالي 200 ألف هكتار هذا العام.
وأكد الخبير في الهندسة والعلوم الزراعية أن دعم الدولة للفلاحين، خاصة من خلال التعاونيات، شجع على اعتماد الزراعة المباشرة؛ مما ساهم في رفع الإنتاج. كما استفادت الوزارة من تجارب الجفاف السابقة، حيث تم التخطيط الجيد لزراعة الحبوب في أماكن وأوقات ملائمة، خاصة مع استفادة الزراعات من أمطار مارس التي عززت نمو المحاصيل.
ومع ذلك، حثّ الأكاديمي ذاته على توخي الحذر بشأن دقة هذه التوقعات، مشيرا إلى أهمية تحسين طرق التشخيص باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد والأقمار الاصطناعية، مما يتيح تقديرات أكثر دقة للإنتاج، من خلال رصد المساحات المزروعة وتحليل الظروف الميدانية؛ مما يقلل من الفجوة بين التوقعات والواقع.
0 تعليق