الثلاثاء 13 مايو 2025 | 03:30 مساءً
على الرغم من إعلان إدارة الرئيس دونالد ترامب عن اتفاق مؤقت مع الصين بشأن الرسوم الجمركية، يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الهدنة قد لا تكون كافية لتجنب تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، وبينما قد تقلل من خطر الانزلاق إلى ركود اقتصادي لاحقاً هذا العام، فإن الآثار السلبية للتوترات التجارية السابقة لا تزال قائمة.
من المتوقع أن تبدأ بيانات سوق العمل في إظهار تأثير هذه التوترات بحلول نهاية مايو، في حين من المرجح أن تكشف التقارير الصادرة الشهر المقبل عن تسارع محتمل في معدلات التضخم.
تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الأميركي سيشهد نموًا أبطأ بكثير في عام 2025 مقارنة بالعام السابق، وذلك على الرغم من الاتفاق المعلن، فالرسوم الجمركية الحالية البالغة 30% على الواردات الصينية، وإن كانت أقل من الذروة التي بلغت 145% الشهر الماضي، لا تزال تمثل ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بفترة ما قبل رئاسة ترمب.
يقول غريغوري داكو، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة "إي واي": "الهدنة المؤقتة بين أميركا والصين تمثّل تهدئة مهمة، لكنها غير كافية لتجنب التباطؤ. فالطلب المرتفع مسبقًا، وضغوط الأسعار المتزايدة، والضبابية السياسية، كلها عوامل ستؤثر سلبًا في التوظيف والإنفاق".
تفاعل الأسواق
تفاعلت الأسواق بشكل إيجابي مع إعلان الهدنة؛ حيث ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من شهرين، مدعوماً أيضاً ببعض المؤشرات الاقتصادية التي لم تُظهر بعد علامات واضحة على التراجع، على الرغم من تحذيرات المحللين من اقتراب الضرر.
على سبيل المثال، قفزت مبيعات التجزئة في مارس بأسرع وتيرة لها منذ عامين، حيث سارع المستهلكون إلى الشراء قبل ارتفاع الأسعار. وفي سوق العمل، أظهر تقرير الوظائف الصادر في 2 مايو استمرار قطاعات النقل والتخزين في التوظيف خلال الأسابيع الأولى من أبريل لمواكبة الطلب المتزايد.
يبقى السؤال الأهم: هل ستستغل الأسر والشركات فترة الهدنة البالغة 90 يوماً لتكثيف مشترياتها؟
لا يعتقد مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتيكس"، ذلك، ويتوقع أن تبدأ طلبات إعانات البطالة في الارتفاع مع اقتراب عطلة "يوم الذكرى" في 26 مايو، مما قد ينذر بتباطؤ في التوظيف سيظهر بوضوح في تقرير وظائف يونيو.
يقول زاندي: "توقعاتي لم تتغير. كنت أتوقع أن تتوصل الإدارة إلى اتفاق قريب مع الصين ودول أخرى لتهدئة الحرب التجارية. لكن الحرب لا تزال مستمرة. أعتقد أن موجة الشراء المسبق التي شهدناها ستبدأ بالتراجع هذا الشهر وتمتد إلى يونيو ويوليو".
تراجع حاد للواردات
أدت الرسوم التي فرضها ترمب في أبريل بنسبة 145% إلى انخفاض حاد في حركة الشحن البحري من الصين إلى الولايات المتحدة، وهي رحلة تستغرق عادة حوالي 22 يوماً. وبحسب جين سيروكا، المدير التنفيذي لميناء لوس أنجلوس، قد ينخفض حجم الواردات بنحو 25% هذا الشهر مقارنة بالعام الماضي، ولا يتوقع موجة جديدة من الشراء المسبق.
لكن آخرين مثل خبراء الاقتصاد في "كوميريكا بنك" و"أوكسفورد إيكونوميكس" توقعوا العكس، حيث قال بيل آدامز، كبير الاقتصاديين في "كوميريكا"، إن المستوردين الأميركيين ربما يزيدون مشترياتهم مؤقتًا تحسبًا لأي ارتفاع جديد في الرسوم.
ونظرًا للمدة التي تستغرقها السلع لعبور المحيط من شنغهاي إلى كاليفورنيا، فإن التأثير الكامل للرسوم لم يظهر بعد، ومن المتوقع أن تُظهر بيانات التضخم لشهر أبريل معدلات معتدلة، لكن الخبراء يرون أن الزيادات الأكبر في الأسعار ستظهر بشكل أوضح في تقرير مايو المقرر صدوره منتصف يونيو.
تأثير التضخم
كتب خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس" في مذكرة بحثية: "قد يبدو أن خفض الرسوم على الصين سيساهم في خفض التضخم، لكن الواقع أكثر تعقيدًا؛ إذ قد يؤدي تسارع عمليات إعادة التزويد إلى ازدحام في الموانئ، وفي حال كانت السلع قليلة وليست مفقودة كليًا، فقد يؤدي ذلك إلى تسارع في ارتفاع الأسعار".
اتفق معظم المحللين على أن إعلان الهدنة يحسن من آفاق الاقتصاد الأميركي، وإنْ ظل النمو متواضعًا.
وقال اقتصاديون في "يو بي إس" إن الاتفاق قد يضيف 0.4% إلى توقعاتهم بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.5% في 2025، مقارنة بنمو 2.5% في 2024.
وبالمثل، رفع بنك "غولدمان ساكس" توقعاته للنمو من 0.5% إلى 1%، وخفض احتمال حدوث ركود خلال الـ 12 شهرًا المقبلة إلى 35% بدلاً من 45%.
يقول مايڤا كوزان، وإليونورا مافرويدي، وتشانغ شو الخبراء في "بلومبرغ إيكونوميكس": "بالنسبة لأميركا، فإن تخفيض الرسوم يقلل من خطر الركود التضخمي إلى النصف.
هذا سيخفف من الضغوط على المصانع الصينية والمستوردين الأميركيين، وقد يساهم في إنعاش الاقتصاد الصيني بشكل ملموس. ومع ذلك، فإن المستوى الجديد للرسوم لا يزال من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض بنحو 70% في حجم التجارة الثنائية بين البلدين على المدى المتوسط".
تأثيرات اقتصادية كبيرة
من جهتها، أكدت مسؤولة الاحتياطي الفيدرالي، أدريانا كوجلر، أن "الرسوم لا تزال مرتفعة ومن المرجح أن تحدث تأثيرات اقتصادية كبيرة حتى وإن استقرت عند المستويات المعلنة"، وأدلى أوستن جولزبي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، بتصريحات مماثلة.
يرى المحللون أن قرارات الفيدرالي المقبلة بشأن أسعار الفائدة ستعتمد على مدى سرعة تدهور بيانات سوق العمل مقارنة ببيانات التضخم، لكن من غير المرجح أن تتوفر معطيات حاسمة قبل اجتماع البنك يومي 17 و18 يونيو، ودفعت هذه التطورات المستثمرين إلى تعديل توقعاتهم بشأن موعد خفض الفائدة المقبل إلى سبتمبر بدلاً من يوليو.
يقول تيم كوينلان، كبير الاقتصاديين في "ويلز فارغو": "الجميع يحتفل وكأن الأزمة انتهت، لكنني أرى أن ما حدث ليس أكثر من خطوة تراجع عن حرب تجارية شاملة، وما زلنا في بداية الطريق لرؤية آثار هذا التراجع في البيانات الاقتصادية".
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق