أعلن مصدر مسؤول في المجلس الرئاسي الليبي، في تصريح لشبكة "روسيا اليوم" الإخبارية، أن المجلس دخل في حالة انعقاد طارئة لمتابعة التطورات الميدانية المتسارعة في العاصمة طرابلس، مؤكداً أن الرئاسي يجري اتصالات مكثفة مع مختلف الأطراف الدولية المعنية بالشأن الليبي.
تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه العاصمة الليبية طرابلس، مساء اليوم الجمعة، مظاهرات حاشدة خرج فيها المواطنون إلى الشوارع، مطالبين بـ"إسقاط كافة الأجسام السياسية القائمة وحل جميع التشكيلات المسلحة" العاملة في البلاد.

ولا تزال التحذيرات من تفاقم الأوضاع الأمنية في العاصمة الليبية مستمرة، في الوقت الذي تبذل فيه السلطات جهوداً حثيثة لإعادة الاستقرار، وسط دعوات متجددة للتظاهر ودعوات أخرى محلية ودولية للتهدئة وضبط النفس.
وفي بيان رسمي أكد المجلس الرئاسي "دخوله في حالة انعقاد طارئة لمتابعة التطورات الميدانية في العاصمة طرابلس والتجاوب مع المطالب الشعبية المتصاعدة".
وأشار البيان إلى أن "المجلس يجري سلسلة اتصالات مكثفة، خاصة بعد توارد أنباء عن استقالة عدد من وزراء حكومة الوحدة الوطنية".
وشدد المجلس في بيانه على سعيه الدؤوب لـ"الحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة وضمان استمرار عملها دون انقطاع"، مؤكداً أن "الخطوات القادمة ستتخذ بما يتماشى مع الظروف الاستثنائية الراهنة، وبالاستناد إلى المرجعيات الوطنية والدستورية".
واختتم البيان بالتأكيد على أن "هدف المجلس الأساسي هو الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها وسط تصاعد التوترات والمطالبات الشعبية بالتغيير".
موجة استقالات تهز حكومة الوحدة الوطنية
وفي تطور لافت يعكس حجم الأزمة، أعلن عدد من الوزراء والمسؤولين البارزين في حكومة الوحدة الوطنية استقالاتهم من مناصبهم، استجابة لما وصفوه بـ"مطالب الشعب".
فقد أعلن كل من وزير الحكم المحلي، بدرالدين التومي، ووزير الإسكان والتعمير، أبو بكر محمد الغاوي، ونائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، رمضان بوجناح، استقالاتهم من الحكومة.
وفي بيان له، قال الوزير المستقيل بدرالدين التومي: "بلادنا تمر بأوقات عصيبة يجب أن يكون صوت الحق والحكمة هو الصوت الوحيد وأن يكون العمل موجهاً لخدمة الشعب الليبي".
وأضاف: "حاولنا تصحيح المسار من داخل الحكومة إلا أننا لم نجد لمحاولاتنا آذاناً صاغية تستجيب لصوت الحق وتغلب المصلحة العامة وتستجيب لطلبات الشعب".
وتابع قائلاً: "كل مساعينا للإصلاح الداخلي فشلت ولا يمكن لنا إلا الاصطفاف إلى جانب الشعب الليبي وتنفيذ إرادته، فما تقلدنا مناصبنا إلا لخدمة هذا الشعب".
وختم التومي بيانه بالقول: "أقدم استقالتي للشعب الليبي اصطفافاً وانحيازاً له ودعماً لتوجهه واستكمالاً لمسيرة الإصلاح وحقناً لدماء الليبيين".
من جانبه، أكد الوزير المستقيل أبو بكر الغاوي أن قرار استقالته جاء تلبية لمطالب المتظاهرين.
كما شملت موجة الاستقالات مسؤولين آخرين، حيث أعلن فتحي محمود، وكيل وزارة التعليم التقني بحكومة الدبيبة، استقالته من منصبه، معللاً ذلك بـ"الاصطفاف مع الشعب وحقناً للدماء".
وأعلنت أيضاً نزهية عاشور، وكيلة وزارة العدل، استقالتها من منصبها. وفي خطوة مماثلة، قدم اللواء بشير الأمين، وكيل وزارة الداخلية في حكومة الدببة، استقالته هو الآخر.
التوترات الأمنية
وتأتي هذه التطورات السياسية المتلاحقة على خلفية توترات أمنية شهدتها العاصمة طرابلس منذ يوم الاثنين الماضي، حيث اندلعت سلسلة من الاشتباكات المسلحة. وبدأت هذه الاشتباكات عقب مقتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ"غنيوة"، والذي كان يشغل منصب قائد ما كان يُعرف بجهاز دعم الاستقرار. وأدى مقتله إلى اندلاع قتال عنيف بين عناصر الجهاز وقوات اللواء 444 قتال.
وتجددت الاشتباكات لاحقاً بين قوات اللواء 444 قتال وعناصر جهاز الردع، وذلك إثر قرار أصدره رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدببة، يقضي بحل جهاز دعم الاستقرار.
وقد تسببت هذه المواجهات المسلحة في سقوط عدد من القتلى والجرحى، بالإضافة إلى وقوع أضرار مادية في الممتلكات العامة والخاصة.
وفي محاولة لاحتواء الموقف، أعلنت وزارة الدفاع والمجلس الرئاسي عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تبعته مؤشرات على عودة هدوء نسبي وحذر إلى شوارع العاصمة. إلا أن المظاهرات الأخيرة وموجة الاستقالات تشير إلى أن الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا لا تزال بعيدة عن الحل.

0 تعليق