طريقة اختيار مترشحين مكفوفين لـ"كتّاب" في "الباك" تثير الجدل بالمغرب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعادت بعض الحوادث المعزولة التي طالت امتحانات الباكالوريا في السنوات الأخيرة طرح قضية التسريبات إلى الواجهة، خاصة حين يتعلق الأمر بالمترشحين المكفوفين الذين يُمنحون حق الاستعانة بكاتب مرافق. ففي وقت تسعى وزارة التربية الوطنية إلى ضمان تكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ تبرز ممارسات فردية من بعض المرافقين تُثير النقاش حول مدى نجاعة الإشراف والتأطير، دون أن تعني بالضرورة وجود خلل عام أو نية مبيتة للإخلال بالنزاهة.

ويُعتبر “الكاتب” عنصرًا أساسيًا في مسار التلميذ الكفيف، غير أن غياب آليات رقابة فعالة في بعض الحالات، خصوصًا بالنسبة للمترشحين الأحرار، يجعل من هذه العلاقة مجالًا هشًا، قابلًا للتأثر بالعوامل المحيطة. ويبقى النقاش قائمًا حول سبل التوفيق بين ضمان حقوق هذه الفئة وحماية مصداقية الامتحانات الوطنية، في سياق حساس يستدعي مقاربة شاملة ومتوازنة.

مأزق بلا بديل

تحكي منال، وهو اسم مستعار لتلميذة كفيفة اجتازت امتحانات نهاية سلك الثانوي التأهيلي بصفة مترشحة حرة، عن واحدة من أصعب التجارب التي مرت بها، حين اضطرت إلى البحث عن مرافق “كاتب” عبر الإنترنت، بعدما لم تفلح محاولاتها المتكررة في الحصول على دعم من المديرية الإقليمية أو من المؤسسات التعليمية التي ترددت عليها.

وتقول منال، ضمن تصريح لهسبريس الإلكترونية، إن الشخص الذي استعانت به ظهر مؤهلاً في البداية، لكنها فوجئت في ما بعد بقيامه بالتقاط صورة لورقة الامتحان، ونشرها مرفقة بصورة استدعائها الشخصي الذي يحمل اسمها الكامل، ما أدى إلى تدخل فوري من طرف الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين وإقصائها من اجتياز الدورة العادية.

وتوضح المتحدثة أنها لم تكن تعلم بما قام به الكاتب، معتبرة أن ما جرى لم يكن نتيجة تواطؤ منها، بل انعكاساً لفراغ تنظيمي جعلها تتحمل تبعات تصرف لم تشارك فيه؛ كما تلفت الانتباه إلى أن الشروط الصارمة المفروضة على المرافقين، خصوصًا شرط السن، تجعل من الصعب إيجاد كاتب مناسب دون دعم فعلي من الجهات المختصة.

الاستثناء والقانون

أوضح إدريس المتقي، فاعل جمعوي في مجال الإعاقة، أن توفير الكُتّاب للمترشحين المكفوفين يتم منذ سنوات عبر آليات منظمة تشرف عليها المعاهد التابعة للمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين، بالتنسيق مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، إذ يُنتقى الكُتّاب من مؤسسات تعليمية عمومية وخاصة تحت إشراف مباشر، مع مراعاة شروط النزاهة والكفاءة.

وأضاف المتقي أن التحديات تبرز أساسًا في حالة الباكالوريا الحرة، حيث لا يكون هناك إشراف مؤسسي مباشر، ما يفتح الباب أمام إدخال كُتّاب دون تدقيق كافٍ، وهو ما قد يفضي إلى حوادث تسريب أو ارتباك إداري يصعب التعامل معه لاحقًا، رغم النوايا الحسنة لبعض المترشحين.

وفي تفاعله مع سؤال لهسبريس حول إحدى الحوادث التي وقعت داخل معهد من معاهد المنظمة، أكد المتحدث، ضمن تصريحه لهسبريس الإلكترونية، معرفته بتفاصيلها، واصفًا إياها بأنها استثناء لا يُقاس عليه، وقال إن المؤسسة يمكنها أن ترفض الكاتب الذي يقترحه المترشح إذا لم يستوفِ الشروط القانونية، لكنها لا تملك الحق في الرفض إذا كانت الوثائق كاملة والشروط مستوفاة.

تراجع ملحوظ

أكد مصدر مسؤول في وزارة التربية الوطنية، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الوزارة تعتمد إستراتيجيات واضحة لضمان توفير كُتّاب للتلاميذ في وضعية إعاقة، مشيرًا إلى أن الأكاديميات الجهوية تتوصل سنويًا بتعليمات دقيقة تقضي بتمكين كل مترشح كفيف من مرافق مؤهل، سواء في الشعب الأدبية أو العلمية، دون تمييز أو تأخير.

وأوضح المصدر ذاته أن هذه الإجراءات تشمل أيضًا المترشحين الأحرار، إذ تعمل المصالح الجهوية على توفير كُتّاب حتى لهؤلاء الذين لا يرتبطون بمؤسسات تعليمية، وذلك ضمانًا لتكافؤ الفرص، واستجابة لأي طلب يُقدم في الآجال المحددة، وأضاف أن الحوادث المتعلقة بالتسريبات كانت تُطرح في السابق، لكن المؤشرات الحالية تدل على تراجعها بشكل ملحوظ، بفضل تشديد إجراءات المراقبة وتكثيف التنسيق بين مختلف المتدخلين.

وعن مسؤولية التلميذ الكفيف في حال وقوع خروقات شدد المسؤول على أن الأصل هو افتراض البراءة، مؤكداً أنه لم يثبت في أي حالة أن المترشح كان على علم مسبق بما أقدم عليه الكاتب، خاصة في غياب أدلة مادية أو قرائن واضحة تثبت التواطؤ.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق