نظم مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، برئاسة الكاتب الصحفى عبدالرحيم علي، ندوة خلال ٢٠١٩ خلال حفل الإفطار الذى نظمه المركز، فى فندق "برنس دو جال" بالعاصمة الفرنسية، تحت عنوان "إفطار سيمو".
وألقى عبدالرحيم علي، كلمة أكد خلالها أهمية وجود إرادة قوية لمكافحة الإرهاب، وأهمية التعاون بين الأجهزة المختلفة فى أوروبا والعالم العربى فى هذا المجال.
وأضاف عبدالرحيم علي، أن المشكلة الكبرى تتمثل فى انتباه صناع القرار فى الغرب، وكذلك الرأى العام إلى خطورة تنظيم الإخوان الإرهابي، وسيطرته ليس فقط على أكثر من ٢٥٠ مسجدًا، وإنما أيضا فى قدرته المالية التى تبلغ نحو ٣ مليارات يورو، يضاف إليها عائد الربح طبقا للشريعة الإسلامية، وصناديق النذور والتبرعات وكلها تصل لمليارات الدولارات.
حضر الندوة مجموعة من الخبراء والسياسيين ورجال الاستخبارات والصحفيين الفرنسيين، من بينهم "جون فرانسوا جيرو"، المنسق العام لأجهزة الاستخبارات الفرنسية بقصر الإليزيه، والجنرال "جون فرانسوا بيناتل" قائد سلاح المظلات الفرنسية الأسبق وأستاذ الأمن القومى فى جامعة السوربون، و"تيرى لانتز" أستاذ تاريخ الحروب فى جامعة السوربون ومدير عام مؤسسة نابليون، و"سيلين لوساتو"، رئيس قسم الشرق الأوسط بمجلة "لونوفيل أباوبزرفاتور" الفرنسية واسعة الانتشار، و"كرستيان جامبوتي" رئيس تحرير مجلة "أنتيليجانس أفريقا"، و"بيير بيرتيلو"، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بباريس.
ناقشت الندوة ضرورة المواجهة الشاملة والتعاون الدولى فى مواجهة الإرهاب، وتقاعس أوروبا عن القيام بدورها فى هذا المجال، كما تطرقت لأسباب إنشاء مركز دراسات الشرق الأوسط فى أوروبا.
زحف الجيل الثالث
قال عبدالرحيم علي: إن مأساة أوروبا الحقيقية مع الإسلاموية بدأت مع زحف الجيل الثالث من جحافل الإخوان على القارة الأوروبية فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، فإلى ذلك الحين لم يكن الإسلام أو المسلمون يمثلون عبئا أو مشكلة داخل المجتمع أو الدولة الفرنسية.
وتابع "علي": "لقد توافد المسلمون العاديون على أوروبا منذ أكثر من قرن من الزمان تجارا وعلماء ودارسين، يستفيدون ويتبادلون الخبرات وينقلونها إلى بلدانهم أو يندمجون معها فى تلك المجتمعات الجديدة، بينما بدأت الأزمة الحقيقية تطفو على السطح رويدًا رويدًا، بدءًا من وصول جماعة سياسية إسلامية تؤمن بأن المسلم يجب أن يسعى لتكوين دولة الإسلام فى أى بقعة من الأرض يقف أو يعيش عليها.
وذكر أن جماعة الإخوان، اعتبرت أن تلك البلدان الأوروبية غنيمة يجب أن يحولوا أهلها إلى الإسلام، وتدريجيا يستولون عليها ويصبحون حكامًا لها، إيمانًا بالمراحل الستة التى علمهم إياها مؤسسها "حسن البنا"، فالإخوانى مأمور بتنفيذ تلك المراحل فى أى بلد تواجد به، وهي: الإنسان المسلم، الأسرة المسلمة، المجتمع المسلم، الحكومة الإسلامية، الخلافة الإسلامية، أستاذية العالم، والمرحلة الأخيرة تعبر عن شطح وطموح مؤسس الإخوان حسن البنا بالسيطرة الكاملة على العالم، بعد أن يكون قطاره قد غادر محطات، تشكيل الحكومة، وإقامة الدولة، والخلافة المزعومة.
وقال "علي": لقد غرس مؤسسو الإخوان الأوائل، البنا والهضيبى وسيد قطب وفتحى يكن، عبر برامج تربية مكثفة هذه الأفكار فى عقل كل متعاطف وكل مريد للجماعة، ناهيك عن العضو العامل أو الكادر الحركى حتى باتت تلك الأفكار "قرآنا إخوانيا جديدا"، بديلا عن كتاب الله الذى يؤمن به المسلمون العاديون، ولقد تعلم الإخوان فى مدارسهم الفكرية أن هذه المراحل الست تأتى عبر أكثر من طريقة، وتبدأ بالدعوة والتجنيد لتشكيل نظام الأسر الإخوانية، وهى هنا تغاير مفهوم العائلة، هى أقرب للخلية فى التنظيمات العقائدية أو الوحدة الحزبية عند الأحزاب السياسية، ثم تأتى خطة إعادة تشكيل المجتمع عبر إسقاط أعمدته المدنية أو العلمانية، سواء كانت جمعيات أو نقابات أو اتحادات مهنية أو طلابية ليتشرب بمفاهيم الدولة الدينية التى تعتمد المظاهر العقائدية فى كل تشكيلاتها، وليس هذا وفقط وإنما تعتمد أيضًا أخوة العقيدة بديلًا عن أخوة الوطن، فيصبح التمييز قائما على أساس الديانة، ثم المذهب داخل الديانة، ثم الانحياز لمنهج الإخوان دون غيرهم من الجماعات التى تنطلق من الإسلام، فى فهم ظواهر الحياة والسياسة، ثم يأتى استخدام مفهوم الديمقراطية باعتباره طريقة للاختيار وليس منهج حياة قائما على ركائز أساسية، منها حرية الرأى والتعبير، وحرية العقيدة ليتحول وفق مفهوم الإخوان إلى طريقة للوصول إلى السلطة، جسر لا يسمح سوى بالمرور لمرة واحدة، إلى الضفة الأخرى، ويأتى أخيرا مفاهيم استخدام العنف وفق ما تسمح به موازين القوى فى الدولة المعنية، أو إشاعة الفوضى، أو إجراء التحالفات حتى ولو كانت "مع الشيطان".
واستطرد "علي": "هذه الاستراتيجية العنكبوتية للتنظيم الذى يختطف الإسلام فى فرنسا، تستفيد من كل خطوة للاعتراف به أو وقيادته أو ممثليه بشكل رسمى من قبل السلطات كما حدث بعد مشروع ساركوزى فى عام ٢٠٠٣، الذى منح ممثلى الجماعة حق تمثيل مسلمى فرنسا أمام السلطات الفرنسية عن طريق الاختيار الحر من خلال المساجد والاتحادات فراحوا يعقدون الصفقات مع دول بعينها لتمويل إنشاء المساجد الكبرى باعتبارها ممر الوصول إلى قيادة وتمثيل المسلمين فى فرنسا، كما راحوا يشكلون الجمعيات والاتحادات التى تتيح لهم عبر ممثليها السيطرة الكاملة على الاتحاد الوليد؛ الذى أصبح هو الممثل الشرعى والوحيد للمسلمين فى فرنسا.
0 تعليق