«طريق التنمية».. رهان العراق على كسر تبعية النفط وإعادة تموضعه الاقتصادي بين آسيا وأوروبا

الجريدة العقارية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الجمعة 30 مايو 2025 | 09:49 مساءً

محمد شوشة

في سعيه للتحرر من قيود الاقتصاد الريعي، يخطو العراق خطوة استراتيجية كبرى عبر مشروع طريق التنمية، الذي يمثل تحولًا جذريًا في الرؤية الاقتصادية للدولة، بعيدًا عن المعادلة التقليدية القائمة على تصدير النفط كمصدر وحيد للدخل، ولا يعتبر المشروع الذي يمتد بطول يفوق 1116 كيلومترًا من البصرة جنوبًا إلى الحدود التركية شمالًا، مجرد بنية تحتية، بل خارطة طريق جديدة لمستقبل اقتصادي متعدد الأبعاد.

العراق يعيد رسم موقعه الجيواقتصادي

يتضمن مشروع "طريق التنمية"، الذي رُصدت له ميزانية تتجاوز 17 مليار دولار، شبكة حديثة من الطرق السريعة والسكك الحديدية، منها 10.5 مليار دولار مخصصة للسكك الحديدية و6.5 مليار دولار للطريق السريع، وينطلق من ميناء الفاو الكبير على الخليج، ومن المقرر أن يصبح أحد أكبر عشرة موانئ في العالم، متجهًا شمالًا نحو تركيا، حيث سيلتحم بالبنية التحتية المتقدمة هناك، ليربط آسيا بأوروبا عبر العراق.

ويرى الخبير الاقتصادي والمصرفي محمود داغر، أن المشروع بمثابة بوابة العراق نحو التحرر من التبعية المطلقة للنفط، مضيفًا: "هذا المشروع ليس فقط ممكنًا تنفيذه، بل سيغير شكل الاقتصاد العراقي بالكامل"، معتبرًا أن التحول الاقتصادي لا يقل أهمية عن البنية التحتية ذاتها، وفقًا لـ «سكاي نيوز عربية».

مشروع طريق التنمية في العراق

يتوقع داغر أن يحقق "طريق التنمية" إيرادات سنوية تُقدّر بنحو 5 مليارات دولار، مؤكدًا أن الأهمية الأعمق للمشروع تكمن في كونه نقطة انطلاق نحو اقتصاد متنوع يعتمد على الخدمات اللوجستية والتجارة والصناعة، وليس فقط على استخراج النفط الخام.

ومنذ الإعلان عنه في 2022، كان داغر أحد أبرز المدافعين عن المشروع، وقد زاد اقتناعه به بعد مؤتمر 2023، الذي شهد مشاركة جهات من الخليج وتركيا وشركات أجنبية أعربت عن اهتمامها الكبير بالمبادرة، وأسست الحكومة العراقية شركة مختصة بتنفيذ المشروع، واستعانت بخدمات شركة "أوليفر وايمان" الأمريكية كمستشار فني واستراتيجي، في خطوة اعتبرها داغر علامة على تحول نوعي في منهجية إدارة المشاريع الكبرى.

فخ الاعتماد

يمتلك العراق الذي بلغت صادراته النفطية 99 مليار دولار في 2024، وينتج حاليًا نحو 4 ملايين برميل يوميًا مع خطة للوصول إلى 6 ملايين، احتياطيًا نفطيًا يعادل نحو 10.6 تريليون دولار.

ويرى داغر أن هذا الاعتماد المفرط على النفط لا يمكن أن يؤسس لاقتصاد قابل للحياة في المدى الطويل، مضيفًأ: "لابد من ربط العراق بمنظومة التجارة الإقليمية والدولية، فالاقتصاد الريعي لا يصمد أمام التغيرات العالمية"، محذرًا من الاستمرار في سياسات تكرس الأحادية الاقتصادية.

استراتيجية جيوسياسية قبل أن تكون اقتصادية

يعطي الموقع الجغرافي للعراق المحوري بين الخليج وتركيا وأوروبا، طريق التنمية بُعدًا جيوسياسيًا كبيرًا، ويوضح داغر أن نقطة الانطلاق يجب أن تكون بضخ استثمارات عراقية مبدئية من الموازنة العامة، يليها جذب استثمارات إقليمية وأجنبية، مضيفًا: "ربط ميناء الفاو بالقناة الجافة شمال الموصل هو المفتاح الحقيقي لاستكمال الحلقة التجارية".

كما يطالب بمنح تفويض مشترك لشركات عراقية وأجنبية لتنفيذ المشاريع المتعلقة بالحفر والبناء والتطوير، في ظل جاهزية البنية التحتية التركية، مؤكدًا أن العراق يمكن أن يتحول إلى حلقة وصل حيوية في سلسلة التوريد العالمية.

هل تكفي الموازنة العراقية؟

يتطلب المشروع الذي يمتد تنفيذه حتى عام 2050، تمويلًا ضخمًا واستدامة سياسية واقتصادية، ويشير داغر إلى أن الموازنة العراقية، رغم التحديات، قادرة على تحمل المشروع نظرًا للعوائد المرتقبة على المدى الطويل، مضيفًا: "ببساطة، لا خيار أمامنا سوى المضي في هذا الاتجاه إذا أردنا مستقبلًا اقتصاديًا مستقرًا".

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق