إسبانيا والتوحيد القسري .. أنوار مجيد يراجع التاريخ الأوروبي والأمريكي

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال أنوار مجيد، الكاتب والمفكر المغربي الأمريكي الذي يدرّس في جامعة نيو إنغلاند الأمريكية، إنه قد لاحظ إهمال الدراسة المنظّمة المنهجية للثقافة والأدب الأمريكيين، في المغرب والعالم العربي، مردفا في لقائه مع الكاتب والإعلامي ياسين عدنان ضمن برنامج “في الاستشراق” الذي تعرضه منصة “مجتمع”: “نعتمد على الأخبار خاصة ويطلع المثقفون على الكتب، لكن لا أعرف في المغرب معهدا يدرس الثقافة والحضارة الأمريكيين بنظام ثقافي أكاديمي، ولو أنها القوة الأولى الآن، وتسيّر العالم”.

وأضاف الكاتب: “القارة الأمريكية ‘استكشفها’ الإسبان وأتوا بمخيَّل ترعرع في إطار الأندلس (…) وعاملوا ساكنتها بمنطق الحروب الصليبية، وجاؤوا بدون نساء، وتزاوجوا مع السكان الأصليين. أما الإنجليز فجاؤوا بحثا عن عالم جديد ليعيشوا حريتهم الدينية، وكانوا لاجئين دينيين”.

ثم استرسل قائلا: “هناك دور كبير لإسبانيا لا نهتم به، فيمكن أن نقول إن العصر الحديث بدأ بمحاولة ظهور دولة موحدة تحت ديانة واحدة هي الكاثوليكية ولغة واحدة هي الإسبانية. وهذا المشروع المستحيل للتوحيد كان على حساب المسلمين واليهود، الذين اضطهدوا كأقليات، و’الدولة الوطنية’ مفهوم يتم عبر نفي آخر، وتحقيق هوية أغلبية”، واليوم “مفهوم الدولة كما أسسه الإسبان صار هو الشائع، بإقصاء آخرين واستعباد آخرين كما حدث في أمريكا”.

وحول ذاكرة “الأندلس”، انتقد الباحث ما فيها من “أوهام”، قائلا: “نتناسى أن المسلمين قد جاؤوا كمستعمرين لشبه الجزيرة الإيبيرية، ونتعامى عن بعض التفاصيل المهمة، مثل أن الحروب الصليبية التي اندلعت في أوروبا في اتجاه القدس، كان من جملة أسبابها استعمار ‘الموحِّدين’ لبعض المناطق المسيحية واضطرار الكنيسة لرد الفعل، ونتناسى ردود فعل المسيحيين ضد المسلمين بعد استعمار شبه الجزيرة الإيبيرية”، ثمّ قارن بين تسمية “الفتوحات” لنشر الإسلام ومفهوم “المهمة التحضيرية” التي استعملها الاستعمار الأوروبي في إفريقيا، و”الحروب الصليبية” لنشر المسيحية.

لكن، هذا لا ينفي “واقع القرب الحضاري الذي نتج عن عيش مشترك لمدة ثمانية قرون، ومن شواهده اليوم “جنوب إسبانيا، من مدريد عبر المنطقة المسماة الآن الأندلس؛ فهي أقرب إلى المغرب، بسبب قرون من تبادل الحضارات واللغات”، ولإظهار مدة “التأثر بشكل عميق بالثقافة والحضارة الإسلاميّين”، سجّل كون “الولايات المتحدة الأمريكية لم تكمل بعد ثلاثة قرون”.

وعودةً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ذكر المتدخل أن “كل مفاهيم الآباء المؤسسين لا تطبق الآن، بفعل طغيان النظام الرأسمالي على جميع الممارسات الاجتماعية والسياسية داخل الولايات”؛ لأنه “منذ الثورة الصناعية تغيّر الفكر الديمقراطي الجمهوري الذي كان أصل نشأة الولايات المتحدة الأمريكية”.

وعالميا، اليوم “كلنا مهددون بيئيا واقتصاديا والفوارق الاجتماعية خطيرة جدا، وتؤثر التكنولوجيات حتى على الفكر والبشرية”، مما يتطلب “مراجعة وأنسنة النظام الرأسمالي الأمريكي”، ويتطلب “إسلاما تقدميا”، عبر تجديد مفهوم الاجتهاد؛ لأنه عند ظهور الإسلام والولايات المتحدة كانا فكرة ثورية، كل في عهده وسياقه، ضد النظام والمفاهيم السابقة، ثم بعد مرور الوقت، يحدث التجميد، ويصير الفكر لا يناسب العهد.

وحول إبادة الشعوب الإفريقية، والأوروبيين اليهود، ذكر أنوار مجيد أن “استعباد الشعوب وقتلهم وحرقهم في القارة الإفريقية، لم ينزعج الضمير الأوروبي خلال الاستعمار بنفس درجة انزعاجه بممارسة ذلك على أوروبيين آخرين، داخل ألمانيا من أجناسهم”، وشدّد على أن “العنف الأوروبي خطير جدا”، بل إنه “حتى المعالم السياحية الرومانية، مثل المسارح، كانت لمشاهدة ممارسة العنف”.

وزاد: “الهيمنة الغربية على الدول العربية الإسلامية أدّت إلى ردود فعل مثل التي كانت للسكان الأصليين لأمريكا، أي الرجوع للثقافات المحلية، بالانغلاق الفكري للدفاع عن الهوية، والتطرف الديني الإسلامي بالتالي بضاعة غربية”.

ومن بين آثار الهيمنة أنه “بفضل تعلق اليهود بأساطيرهم، والتاريخُ اعتباطي أحيانا (…) وبسبب تخطيط بريطانيا (…) نعيش إلى اليوم صراعا وليد الحسابات الجيو-سياسية للقرن الاستعماري التاسع عشر، الذي أسّس دولةً”، علما أن “معظم الكيانات في الشرق الأوسط جديدة، بتخطيط بريطانيا التي كانت وراء تأسيس القومية العربية بالتحريض على الدولة العثمانية، وهم من نبهوا في الكتابات على أن المنطقة “عرب” فكانت القومية العربية مفهوما جديدا”.

" frameborder="0">

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق