الرحلة التي غيرت وجه التاريخ.. حينما احتضنت مصر المسيح طفلا

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم، بواحدة من أقدس الذكريات في وجدانها الروحي والتاريخي، وهي ذكرى دخول السيد المسيح إلى أرض مصر، طفلًا بصحبة أمه السيدة العذراء مريم والقديس يوسف النجار، هربًا من مذابح هيرودس الملك في بيت لحم، تنفيذًا للنبوة القديمة: “مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي” (هوشع ١١: ١)

وعلى خلاف ما يعتقده البعض، لم تكن زيارة السيد المسيح لمصر مجرد عبور عابر، بل كانت رحلة طويلة استغرقت أكثر من ثلاث سنوات ونصف، جابت خلالها العائلة المقدسة عشرات المدن والقرى المصرية، وتركت وراءها آثارًا روحية لا تزال شاهدة على الحدث الفريد حتى اليوم. 

وتُعد مصر الدولة الوحيدة خارج فلسطين التي زارها السيد المسيح، ما يمنحها مكانة فريدة في التاريخ المسيحي العالمي

محطات غير مألوفة ومعجزات صامتة… شهادات على مرور النور الإلهي في طرقات مصر

بدأت الرحلة المقدسة من مدينة الفرما على الحدود الشرقية لمصر، ثم اتجهت العائلة نحو بلدة تل بسطة بمحافظة الشرقية، حيث يُروى أن دخول المسيح تسبب في سقوط أوثان المعابد الوثنية، بحسب ما ورد في التراث الكنسي وكتاب “السنكسار”. ومن هناك انتقلت العائلة إلى عدة مناطق منها سمنود، التي لا تزال تحتفظ ببئر يُقال إن العذراء استخدمته لغسل ملابس المسيح.

وفي المطرية، جلست السيدة العذراء تحت شجرة تُعرف حتى اليوم بـ”شجرة مريم”، وقيل إنها أفرزت مادة لها خصائص طبية عُرفت بين أهل المنطقة. بجانبها تفجّر نبع ماء يُقال إنه نبع من الأرض حين عطش الطفل يسوع، ولا يزال ماؤه يُستخدم في طقوس مباركة حتى اليوم.

أما في منطقة المعادي، فقد شهدت حادثة فريدة من نوعها، حيث يُروى أن نسخة من الكتاب المقدس ظهرت طافية على مياه النيل في القرن العشرين، تحديدًا عام ١٩٧٦، وتحتفظ بها كنيسة العذراء بالمعادي في صندوق زجاجي.

أحد أبرز محطات الإقامة كان دير المحرق عند جبل قسقام بمحافظة أسيوط، حيث أقامت العائلة نحو ستة أشهر كاملة في مغارة لا تزال قائمة داخل الكنيسة الأثرية بالدير، ويُقال إن هذا الموضع هو “أقدس بقعة في مصر”، لأنه شهد أول مذبح صُنع على أرضها.

تراث روحي وسياحي في آنٍ واحد: الكنيسة تعمل على تسجيل المسار عالميًا

تبذل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار المصرية، جهودًا متواصلة لتوثيق مسار العائلة المقدسة، البالغ طوله نحو ٣٥٠٠ كيلومتر، ليتم اعتماده كموقع تراث عالمي لدى منظمة اليونسكو. 

وقد تم بالفعل إدراج عدد من نقاط المسار على قوائم السياحة الدينية، ويشهد إقبالًا متزايدًا من الزوار من داخل مصر وخارجها.

ويمثل اليوم مناسبة سنوية لا تحتفل بها الكنيسة فحسب، بل تعيد من خلالها إحياء الوعي الشعبي بهذا الحدث الاستثنائي، الذي مزج بين الألم الإنساني والرجاء الإلهي، وترك لمصر مجدًا لا يُمحى: أنها كانت أرض الملجأ، حين لم تجد السماء مكانًا أكثر أمنًا من أرضها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق